بلدي نيوز – حماة (مصعب الأشقر)
مع تطورات الأوضاع في المجتمع الدولي عامة وسوريا خاصة، اختار نظام الأسد التوقيت والمكان لينتقم من السوريين الذين خرجوا ضده وطالبوا باقتلاع جذوره، حيث قصفت طائرات النظام بصواريخ محملة بغاز السارين عدة قرى أدت إلى ارتقاء أكثر من 125 مدني بريف حماة الشرقي، الذي يسيطر عليه تنظيم "الدولة".
ويبدو أن تنظيم "الدولة" استُخدم كشماعة لقتل المدنيين من قِبل المجتمع الدولي ونظام الأسد، لكن يبقى السؤال لماذا اختار النظام هذا التوقيت بالذات، ولماذا منطقة "عقيربات" خاصة دون غيرها كانت مسرحاً للمجزرة المذكورة؟.
تكمن الإجابة هنا برأي محللين في أن النظام استغل ظرفين أساسيين، الأول هو الفراغ المؤقت بالبيت الأبيض شرطي العالم، حيث لا يزال أوباما رئيسا للولايات المتحدة لفترة زمنية لا تتعدى العشرين يوما غير جديرة بمتابعة الوضع الدولي بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية، أما الظرف الثاني فيتمثل بانشغال العالم والسوريين بحلب والقرارات الدولية المتعلقة بها، سواء من "فيتو" مجلس الأمن أو قرار الجمعية العامة والجرائم التي يرتكبها النظام وميليشياته هناك، وتحول الإعلام المحلي والعربي والعالمي نحو حلب بالكامل.
واللافت للنظر أن ذلك الإعلام لم يلتفت لمجزرة "عقيربات" التي لم يهتم بها العالم ولم يلقِ لها بالاً، الأمر الذي برز به النظام "منتصراً" بقتله المدنيين وعدم المبالاة من العالم ومنظماته الإنسانية.
أما بخصوص المكان، فالنظام اختار منطقة جغرافية بعناية تامة، حيث تقع ناحية عقيربات بالكامل تحت سيطرة ذلك التنظيم الإرهابي بنظر العالم الذي سبق النظام بمجازر الرقة، ولعل السبب الأقوى يكمن في عدم قدرة المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والهيئات العالمية وأولها الأمم المتحدة، الدخول إلى ناحية عقيربات الواقعة تحت سيطرة تنظيم إرهابي بنظر تلك المنظمات والهيئات مما يساهم في إفلات النظام من العقاب.
فيما يذهب فريق آخر (ولعله الأضعف) إلى فرضية انتقام النظام من تنظيم الدولةـ الذي تقدم إلى حقول الغاز بحمص ومدينة تدمر- حيث استهدف النظام أقرب نقطة ارتكاز الأولى لانطلاقة عناصر التنظيم، لا بل تعتبر نقطة تجميع أولى للتنظيم باتجاه ريف حمص.
وعلى صعيد آخر، لم تكن هذه المرة الأولى التي استخدم فيها النظام غاز السارين السام ضد المدنيين، حيث استشهد منهم الكثير بهذا الغاز المحرم دوليا، والذي يعد من أخطر أنواع الغازات التي يستخدمها نظام الأسد ضد المدنيين، إذ يمتلك كميات من الغاز المذكور تخوله الاستمرار في إجرامه إلى أمد بعيد.
العقيد "أبو محمد"، القيادي في "جيش النصر"، قال لبلدي نيوز: "إن غاز السارين صناعة ألمانية ويعرف باسم gb ويعتبر من أساسيات الحرب الكيميائية لدى جيوش العالم، ويشبه الكثير من المبيدات الحشرية وأخطرها سمية بسبب تكوينه من الفوسفات العضوي".
وأضاف الخبير العسكري "أبو محمد" أن: "نظام الأسد اشترى في الحقبة التي سبقت انطلاقة الثورة السورية ما يعادل 360 طناً من غاز السارين من ألمانيا ليتم تصنيعه وإضافته للقنابل المتفجرة في منطقتي ريف دمشق بالوحدة 417 التابعة إداريا للمخابرات الجوية وتعبويا لإدارة الحرب الكيميائية، والوحدة 419 في ريف حمص، وبعض مراكز الأبحاث العلمية التابعة للنظام".
وأكد "العقيد" أن نظام الأسد استخدمه في أرياف دمشق وإدلب وحماة، مضيفا أن "هذا السلاح من الأسلحة المحرمة دوليا حيث يحظر القانون الدولي استخدام غاز السارين ضد المدنيين في النزاعات بالعالم".
ولفت إلى أن "نظام الأسد عمل في الفترة المعاصرة للثورة على تطوير غاز السارين ليصبح أكثر فتكا بالمدنيين، حيث إن السارين سائل يتم ضغطه بحشوات صواريخ سكود، إلا أن النظام أصبح يستخدمه في صواريخ الجو أرض، وأكثرها شيوعا بالطائرات الحربية والبراميل المتفجرة كبسولات يضعها النظام في القنبلة المتفجرة كباقي عناصرها".
وحمّل القيادي في الجيش الحر، المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن المجازر التي يرتكبها نظام الأسد، بسبب عدم جدية العالم في محاسبة النظام ووضع حد للمجازر المتلاحقة بصفوف المدنيين العزل.