الأسد يدعو الصحافة الغربية إلى دمشق لتلميع صورته - It's Over 9000!

الأسد يدعو الصحافة الغربية إلى دمشق لتلميع صورته

ذا تابليت -(ترجمة بلدي نيوز)
وجدت دعاية النظام السوري من يلمع وينظف جرائم الأسد بطريقة مثالية : وهم الصحفيون الغربيون، فقد استضاف النظام الأسدي مؤخراً مؤتمراً مشبوهاً دعا فيه عدداً من الصحفيين الأمريكيين العاملين من وسائل إعلام بارزة كنيويورك تايمز، الإذاعة الوطنية العامة، واشنطن بوست، ومجلة نيويوركر للمشاركة في مؤتمره الذي يهدف إلى إضفاء الشرعية على حكم زعيم الإبادة الجماعية السوري.

المؤتمر الذي عقد يومي الأحد والاثنين في دمشق، والذي نظمته الجمعية السورية البريطانية، التي أسسها وترأسها حمو الأسد، الطبيب المقيم في لندن فواز الأخرس، يبدو أن الهدف الأكبر ما وراء ذلك المؤتمر بجانب الترويج لنظامه، كان جمع الأموال للنظام ليستخدمها في خططه الحربية القمعية ضد شعبه، في جزء من ذلك من خلال تخفيف العقوبات ضد شخصيات النظام الرئيسية.
وكان العديد من المشاركين بذلك المؤتمر من الصحفيين البريطانيين، مثل كريستينا لامب من صحيفة صنداي تايمز، وشخصيات أخرى من المملكة المتحدة والتي من المؤكد بأنها حضرت من خلال اتصالات الأخرس في لندن، وفي الواقع فقد كان المقصود أن يتمتع ذلك المؤتمر بشيء من الأجواء البريطانية، وهذا هو السبب في أنه انعقد وفقاَ لقواعد "تشاتام هاوس"، وهي العبارة المضلّلة التي توحي بأن وزارة الخارجية البريطانية هي من قامت بتنظيم ذلك المؤتمر، كذلك كان هناك صحفيون غربيون آخرون كمراسلة بيروت آن بارنارد والتي تعمل لصالح نيويورك تايمز، وأليسون ميوز من إن بي آر، وديكستر فيلكنز من مجلة نيويوركر.
ويبدو من غير المحتمل أن يتحدث ضباط الاستخبارات السوريون عن هذا الحدث، كما أنهم لا يهتمون بذلك، إذ أن الهدف الأساسي منه كان لإضفاء الشرعية على ذلك النظام الديكتاتوري، بجو غامض من الأفكار والأساليب الدعائية الغربية، وهذا هو السبب في وجود صحفيين غربيين في أوساط الحضور، كما كان من المهم لبعض شخصيات النظام حضور ذلك المؤتمر والذي ضم أربعة على الأقل من مسؤولي النظام السوري، والذين فرضت عليهم عقوبات لدورهم في ارتكاب جرائم حرب لصالح نظام الأسد.
إن الهدف المعلن لمؤتمر دمشق هو "تسهيل الفهم الأفضل للأزمة المعقدة للغاية"، وقد برر الصحفيون الغربيون وجودهم في أوساط الحضور، بهذه العبارات التفصيلية التالية: "بما أننا نغطي الجانب الآخر من الحرب، فإن النظام بلا شك يقومون بتوضيح الأمر بشكل جيد في هذا المؤتمر، إذ أن من المستحسن الاستماع إلى وجهة نظر نظام الأسد من القصة، وبما أننا لا نستطيع الوصول إلى دمشق بأمان بخلاف ذلك، فإنه من الجيد الذهاب إلى هناك تحت حماية النظام، وإلا فكيف لنا أن نصل إلى هناك بطريقة أخرى؟".

إن هنالك جواب مقنع وبسيط يوضح لنا كيف أن ذلك العذر لم يكن سليماً ألا وهو: هل ستوفر حكومة الأسد إمكانية الوصول والالتقاء بشخصيات معارضة لنظامه، كأولئك المواطنين الذين قام الأسد وحلفاؤه بتجويعهم حتى الموت في بلدة مضايا؟ هل سيوفر النظام لهم وصولاً حراً لشخصيات معارضة حقيقية لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك النشطاء السلميين الذي قام النظام بوضعهم في الزنازين وتعذيبهم؟ إن الإجابة هي "بالطبع لا" و "أياً كانت الظروف".
لذا، فلماذا الذهاب إلى هناك؟ لعقد صداقة حميمة؟ للتمتع بالعمل الصحفي مع صحفيين آخرين في محيط مريح، في حين أن 300،000 مدني سوري محاصر يعانون من المجاعة، وتحت هجوم عسكري باطش، في مدينة حلب المدمرة؟ أم لتذوق طعام الشرق الأوسط اللذيذ؟
للحصول على صورة مثلى عمّا يكون حضور مؤتمر منظّم من قبل نظام الإبادة الجماعية، فإن بعض الصور من موقع تويتر والتي نشرتها الصحفية سوزان هايداموس من واشنطن بوست، إحدى الصحفيين الذين حضروا مؤتمر دمشق، والتي قامت بحذفها بعد نشرها في يوم الأحد، اليوم الأول من للمؤتمر، بعد أن قامت تلك الصور بإثارة السخط حول أولئك الصحفيين الذين يستضافون ببذخ على موائد النظام في وسط دمشق، بينما يقوم نظام الأسد وحلفاؤه بحصار المدنيين السوريين وقتلهم جوعاً.
في الصورة الأولى -من اليسار إلى اليمين، ديكستر فيلكنز من مجلة نيويوركر، سوزان هايداموس، نور سماحة والتي تكتب لفورين بوليسي والأتلانتيك، رانيا أبو زيد المساهمة في تايم ومجلة نيويوركر، ونبيه بولص المراسل خاص لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، كما تضمنت تلك الصورة الهاشتاغ التالي #أوقات ممتعة#صحافة#، وفي الصورة الثانية (من اليسار إلى اليمين) آن بارنارد، مديرة مكتب نيويورك تايمز في بيروت، هبة صالح من صحيفة فاينانشال تايمز، هويدا سعد من صحيفة نيويورك تايمز. وسوزان هايداموس.
وقد برزت عدة تلاعبات من قبل النظام في ذلك المؤتمر، إذ غرّدت كريستينا لامب -رئيسة مراسلي صحيفة صنداي تايمز الخارجيين، على حسابها من موقع تويتر بأنها كانت مدرجة بشكل غير صحيح كمتحدثة في ذلك الحدث في حين أنها كانت قد ذهبت إلى هناك فقط لتغطية المؤتمر، كما تم إدراج رانيا الخالق أيضاً كمتحدثة في المؤتمر، ولكن بعد ذلك أصدرت بياناً قالت فيه بأنها لم تكن هناك سوى لغرض التغطية، كما أفادت رانيا -الناشطة السياسية المدافعة بقوة عن الأسد والموالية له، بأن ذلك كان يبدو حقاً في غاية السوء وأنه لا ينعكس بشكل جيد على المؤسسات الإعلامية العريقة كواشنطن بوست، إن بي آر، ومجلة نيويوركر.
في الواقع فإن تمويه التفرقة ما بين أولئك "المتحدثين" والصحفيين الذين ذهبوا فقط لتغطية الحدث كصحفيين لا صلة لهم ، كان الغرض الأساسي لذلك المؤتمر، والذي أراد أن يروّج لنظام الأسد بكونه نظاماً شرعياً، وهذا هو السبب في دعوة الصحفيين الغربيين - لعملية غسل إعلام الأسد وسياساته الداخلية والعسكرية والأمنية، بالإضافة إلى مسؤوليه بما في ذلك أولئك الذين فرضت عليهم عقوبات لتورطهم في جرائم حرب، وذلك بجلوسهم مع الصحفيين الغربيين وتناولهم للطعام سوية: فإذا ما كانت مديرة مكتب بيروت لصحيفة نيويورك تايمز، في ذات الصف، ومن ثم على طاولة واحدة على العشاء، وتتبادل الأحاديث مع بثينة شعبان مستشارة الأسد التي فرضت عليها عقوبات في عام 2001، ألا يدل ذلك إعلامياً بأن لدى كليهما صوت شرعيّ؟
إن هذا النوع من عمليات الغسيل الإعلامي لطالما كانت إجراءً اعتياديّاً للنظام السوري، والتي استخدم دائماً صوراً بسيطة جداً لإرسال رسائل خفية إلى حد ما، إن صنّاع القرار الأمريكيين الذين زاروا دمشق على مدى نصف القرن الماضي من أجل تقديم ما وصفوه عادة من حيث الدبلوماسية ب "الرسائل القوية" لنظام حافظ الأسد ومن ثم ابنه بشار، فقد أخفقوا في فهم أن رسائلهم تلك كان تصل إلى آذان صمّ، وبأن حقيقة زياراتهم تلك كانت في الواقع رسالة كان الأسد يغتنمها من خلال الترويج لها واستخدامها ليثبت لخصومه المحليين والإقليميين، وكذلك لحلفائه، بأن الولايات المتحدة لا زالت تتشاور معه، وهو ما يعني بأنه كان ولا يزال نظاماً شرعياً.
إن أولئك الإعلاميين الذين ذهبوا إلى دمشق قاموا بخدمة النظام بذات الغرض، إذ أن نظام الأسد أراد إضفاء الشرعية على روايته بشأن الصراع المستمر منذ خمسة أعوام ونصف، بحيث أن جميع أولئك المدنيين الذين نعتقد بأنهم أبرياء هم بحد رؤيته إرهابيين جهاديين، يتبعون جميعهم لتنظيم الدولة الإرهابي، سواء أكانوا مسلحين أم لا، في حين أن عشرات الآلاف من الأطفال القتلى والكثير من الأضرار الجانبية غير مهمة بالنسبة للنظام، كما أنه لا يأبه بأن بعض الصحفيين الأمريكيين سيغادرون ذلك المؤتمر ويقومون بالإفادة بأن روايته لا تنسجم مع الواقع الحقيقي، في الواقع فإن نظام الأسد أراد دوماً أن يوصل رسالته بأن هناك جوانب مختلفة للرواية، وبأن روايته هي الشرعية.
إن العملية الإعلامية تلك من المرجح بأنها تقوم أيضاً بخدمة غرض آخر للنظام، إذ أنها تمثل حملة لجمع التبرعات لمساعدة النظام الذي بات مفلساً، وتحت عقوبات الثقيلة، وهذا هو السبب حضور شخصيات النظام الذين فرضت عليهم العقوبات مثل بثينة شعبان، علي حيدر، فارس الشهابي، وهمام الجزائري لذلك المؤتمر، لمنحهم منبراً للتواصل مع الصحفيين الغربيين، وبالتالي الترويج لهم بشكل فعّال بكونهم شرعيين أيضاً.
إن حقيقة حضور الملياردير ورجل الأعمال العراقي- البريطاني نظمي أوجي، وهو الشريك التجاري للممول المسجون حالياً توني ريزكو،  للمشاركة في المؤتمر هو دليل على خطورة ذلك المشروع، سيتم إعادة بناء سوريا كما تقول الحملة، في حين أن رجالاً خطيرين أمثال اوجي سيقومون بذلك.
"لقد أطلق النظام حملة إعلامية منسّقة تهدف إلى البدء بالتركيز على مسألة إعادة الإعمار" كذلك أفاد زميل الأبحاث والمساهم في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات طوني بدران مضيفاً: "وبالأخص، كيف ينبغي للمانحين الدوليين منح المال إلى سوريا تحت ظل حكم الأسد، إن ثمة مشكلة رئيسية في هذه الصورة وهي عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المفروضة على الأسد ونظامه وبالتالي، فإن الحملة الإعلامية التي يشارك فيها حلفاء النظام في المنظمات الدولية ووسائل الإعلام وحتى رجال الدين المسيحيين، ركّزت على تسبّب العقوبات بضرر كبير على مصالح المواطنين السوريين، وعلى الحاجة إلى إلغائها من أجل أن تبدأ سوريا بمرحلة جديدة من إعادة البناء، في حين كان بعض الصحفيين الذين حضروا المؤتمر جزءاً من هذه الحملة الإعلامية".
لقد أشار السيد بدران بعباراته تلك إلى نور سماحة، والتي كتبت تقريرها من دمشق لصحيفة الأتلانتيك الذي أشارت فيه إلى ضرورة تخفيف العقوبات، كما كتبت رانيا خالق المؤيدة الجاهرة للنظام مقالة ضد تلك العقوبات في صحيفة الإنترسيبت، والتي أعيد تدويرها في وكالة أنباء النظام السوري (سانا).
من الواضح بأن النظام السوري وحملة صحفيي الغرب يعملون بجد لنشر رسائلهم، ومن الواجب الدفع نحوالمزيد من الملاحقات القضائية بتهمة ارتكاب ذلك النظام الدموي لجرائم حرب شنيعة، و فكرة قيام وكالات الأنباء الأمريكية الكبرى بالترويج باسمها وصحفييها على حد سواء لحملات النظام الدعائية للتهرب من مسؤوليته عن جرائمه الدموية، تتجاوز المعيب والمخزي، إنها جريمة لاإنسانية.

-لي سميث: محرر بارز في ويكلي ستاندارد، والزميل الباحث في معهد هدسون، وكاتب المقالة التي نشرت مؤخراً: النتائج الناجمة عن سوريا.

مقالات ذات صلة

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي

لمناقشة العملية السياسية في سوريا.. "هيئة التفاوض" تلتقي مسعود البرازاني

"رجال الكرامة" تعلن إحباط محاولة لتصفية قاداتها

تقرير يوثق مقتل 27 شخصا خلال تشرين الأول الماضي في درعا

إسرائيل تعلن اعتراض "مسيرة" انطلقت من الأراضي السورية