بلدي نيوز – (نور مارتيني)
عام كامل على انطلاق الحملة الروسية ضد الشعب السوري، خلال هذا العام لم تخف روسيا حقيقة مهامها في المنطقة؛ قبيل انطلاق عملياتها دعت مواطنيها لقضاء عطلة منتصف السنة على الجبهات في سوريا.
بالتزامن مع حملتها العسكرية، عملت روسيا على تشكيل غطاء سياسي ممن يرى البعض أنها شخصيات مدسوسة في صفوف المعارضة السورية، والذين أطلق عليهم الشارع السوري لقب "معارضة حميميم"، حيث اجتمعوا أكثر من مرة بالجنرالات الروس في قاعدة "حميميم" العسكرية، على الساحل السوري، كانت مهمة هؤلاء هي تبرير التدخل الروسي في سوريا، حتى إنهم أكدوا الدور "الهام" الذي تقوم فيه روسيا بسوريا، واقترحوا تشكيل فريق لصياغة دستور سوري جديد.
غير أن الدور الذي قامت به روسيا، كان عبارة عن تجربة المزيد من الأسلحة الفتاكة، العشوائية، وترويع الآمنين، وإيقاع الكثير من الضحايا المدنيين، والذين هم في الغالب من النساء والأطفال.
إلا أن الدور الأخطر الذي قامت به، هو الإجهاز على البنية التحتية، والمرافق الخدمية، والمشافي، والمرافق الطبية ـ في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري-، والبعيدة عن قبضة ميليشياته الطائفية، في حلب وإدلب تحديداً.
لكن العشوائية في هذه الضربات، دفعت بكل من فرنسا وبريطانيا وأمريكا إلى الدخول في مشادّة كلامية مع مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة "فيتالي تشوركين" ومقاطعة كلمة مندوب النظام السوري "بشار الجعفري" في جلسة مجلس الأمن الأخيرة، التي خصصها لمناقشة ما يجري في حلب. ووصل الأمر بالمندوبة الأمريكية "سامنثا باور" إلى القول: "إن موسكو تدعم نظاماً قاتلاً وتتمادى في الاستفادة من كونها تتمتع بالفيتو في مجلس الأمن"، وأضافت أن "التاريخ لن يرحم روسيا"، موضحة: "نعم هناك مجموعات إرهابية في سوريا إلا أن ما تفعله روسيا (في حلب) ليس مكافحة للإرهاب بل هو وحشية".
الوحشية التي تحدثت عنها "باور" تجلّت في أبشع الصور في محافظتي حلب وإدلب، حيث إنها ركزت هجماتها على المشافي والمراكز الطبية.
حول هذا الموضوع، يقول "أسامة الحسين" الرئيس السابق للمجلس المحلي في سراقب: "في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، سيترك الناس مناطق القصف ويخرجون إلى دول الجوار، هذا سيؤدي إلى مشكلة كبيرة في حياة المدنيين".. ويؤكد "الحسين" أن "الاحترازات بسيطة وتقتصر على بعض التحصينات للمشافي، ولكنها لن تجدي بسبب قوة السلاح التي تقصف به روسيا هذه المباني والنقاط الطبية".
ويرى الرئيس السابق للمجلس المحلي في سراقب أن "العواقب وخيمة على الوضع في المناطق المحررة، وقد تؤدي إلى حدوث حالة نزوح كبيرة باتجاه المناطق الآمنة".
فيما أكدت "سمر.م" وهي عاملة إغاثة في حلب أن "المشافي الميدانية التي لم تخرج من الخدمة، باتت عاجزة عن تقديم أي خدمات طبية نتيجة القصف الشديد".. وتلفت إلى أن "أربعة مشافٍ خرجت من الخدمة، بينها: مشفى الدقاق بحي الشعار، ومشفى شوقي هلال بحي جب القبة، ومشفى الصاخورالذي قصف قبل يومين، واستهدف اليوم أثناء إخراج المعدات منه، بصاروخ ارتجاجي".
وتوضح العاملة في مجال الإغاثة أن "المشافي الميدانية ما زالت تستقبل المصابين بأبسط المعدات، لكن خدماتها ليست كغيرها مثل مشفى الصاخور، والذي كان يختص في مجال الجراحة، وأصبح حالياً خارج الخدمة، سيما وأن قسم الجراحة بالغ الأهمية بهذه الظروف".
وفيما إذا كانت المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في حمص وريفها، تتعرّض لذات الهجمة الشرسة من قبل الطيران الروسي، يقول الممرض "عبد الحليم حمادة"، والذي يعمل في أحد مشافي الحولة الميدانية: "عندما أسمع المراصد تعمم عن تحليق طيران روسي في الأجواء، أشعر بالقلق والتوتر والخوف، وهذا حال جميع أفراد الطاقم الطبي من زملائي العاملين معي بالمشفى الميداني في الحولة"، ويعزو"حمادة" السبب إلى "انتهاج الطيران الروسي حديثاً لسياسة تدمير المشافي الميدانية في المناطق الثائرة الخارجة عن حكم الأسد، زيادة في الوحشية والإجرام".
ويؤكّد الممرض "حمادة" أنه "كثيراً ما نرى استهداف المشافي الميدانية في حلب، ونعلم أننا لسنا ببعيدين عن هذا الأمر، فلا فرق بيننا وبين مدينة حلب لأن العدو واحد"، موضحاً أنهم عملوا في إدارة المشفى على عدة إجراءات احترازية لتفادي هكذا هجمات، بتحصين أسوار مبنى المشفى بالحجر الأزرق القديم للتقليل من شدة الانفجارت بالمبنى، إذا ما تعرضوا لغارات مماثلة، مبيناً بالقول: "دائما ما نطلب من المرضى والمراجعين عدم المكوث بالمشفى لفترة زمنية طويلة، تفادياً لتجمع مدنيين بكثرة، والآن نحن بصدد بناء مشفى تحت الأرض مدعمة بشكل جيد، ولكن مع استخدام الطيران الروسي للصواريخ الارتجاجية التي تستهدف التحصينات تحت الأرض، والقادرة على تدميرها، أصبح لدينا شعور قوي جداً أن لا ملجأ لنا من وحشية هذه الأنظمة المجرمة، إلا رحمة الله ولطفه بنا".
لم يعد خافياً على أحد الوجه الدموي لروسيا، ومساعيها لتثبيت أركان نظام الأسد، حتى لو اضطرّها الأمر إلى تهجير السوريين جميعاً، أو القضاء عليهم.
تبقى الكرة في ملعب المجتمع الدولي، والدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري، ومدى جديتها في إنهاء معاناة السوريين، وإيجاد حل ينقذ ما تبقّى.