تصعيد حزب الله تجاه إسرائيل: تحليل ديناميات الصراع والتداعيات الجيوسياسية - It's Over 9000!

تصعيد حزب الله تجاه إسرائيل: تحليل ديناميات الصراع والتداعيات الجيوسياسية

تركي المصطفى (بلدي نيوز)

تستعرض هذه الورقة ديناميكيات التصعيد العسكري الأخير لحزب الله اللبناني تجاه إسرائيل، مع التركيز على تحديد السياقات السياسية للتصعيد. كما تُحلل التداعيات السياسية والعسكرية والأمنية التي نتجت عن هذه العملية، وتُقيم ردود الفعل الإسرائيلية والدولية، سواء تلك التي حدثت بالفعل أو المتوقع حدوثها في المستقبل. كما تهدف الورقة إلى تقديم فهم شامل للأبعاد المختلفة لهذا التصعيد وآثاره المحتملة وسيناريوهاته المتوقعة.
مقدمة
في صباح يوم الأحد 25 أوغسطس الجاري، وعلى غير المتوقع، اندلعت اشتباكات بين حزب الله وإسرائيل، ليبدأ كل طرف في رواية قصته الخاصة حول نجاح عمليته العسكرية. فإسرائيل ادعت أنها اكتشفت تحركات لمنصات صواريخ تابعة لحزب الله تستهدف تل أبيب، وردت سريعًا بعملية وُصفت بأنها إجهاضية، شملت إطلاق ستة آلاف صاروخ. أما حزب الله، فقد رد بإطلاق 320 صاروخًا من لبنان، مستخدمًا أيضًا طائرات مسيّرة، مع تأكيده أن هذه الصواريخ انطلقت وفق الخطة الموضوعة دون تدخل أو إحباط، مستهدفة مشارف تل أبيب على بُعد 110 كيلومترات من الحدود اللبنانية. وادعى الحزب أنه استهدف عدة قواعد عسكرية في الجولان وشمال إسرائيل، ليعلن كل طرف انتهاء مهمته بنجاح.
تصعيد حزب الله اللبناني تجاه إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 يمثل أحد أبرز الأحداث المتزامنة مع عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة غلاف غزة. وهذا التصعيد يرتبط بشكل وثيق مع موقع حزب الله كوكيل للولي الفقيه الإيراني في الصراع الإقليمي، ويعكس تصعيده في الجنوب اللبناني الاستراتيجية الإيرانية الأوسع، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة. والتوترات مع إسرائيل تُعتبر جزءًا من الجهود الإيرانية لخلق بؤر توتر على حدود إسرائيل، مما يعزز من استراتيجيتها في مواجهة القوى الغربية وحلفائها في المنطقة. كما يستغل حزب الله الاضطرابات الإقليمية لتوسيع نفوذه وتعزيز موقعه كقوة محورية في الصراع مع إسرائيل. والتصعيد ضد إسرائيل يتيح لحزب الله تقديم نفسه كقوة مقاومة رئيسية، مما يعزز من شعبيته التي بات يفقدها في العالم العربي ويدعم موقفه كقوة ذات تأثير كبير في الصراع الإقليمي. ويُستخدم هذا التصعيد ضد إسرائيل كوسيلة لتخفيف الضغط الداخلي. فالنزاع مع إسرائيل يُمكّن حزب الله من تحويل الانتباه عن القضايا المحلية الداخلية في لبنان، مثل الأزمات السياسية والاقتصادية، ويتيح له تعزيز موقفه كحارس للمصالح اللبنانية.
تتناول هذه الورقة تحليل سياقات هذا التصعيد، وتحدد مواقع عملياته وتقنياته العسكرية، مع التركيز على كيفية تأثير هذه التحركات على الساحة السياسية والعسكرية والأمنية في المنطقة. كما تستعرض الورقة ردود الفعل الإسرائيلية والدولية، سواء تلك التي حدثت بالفعل أو المتوقع حدوثها مستقبلًا، لتقديم فهم متكامل حول حدود هذه الاستجابات ومدى تأثيرها على استمرار أو تراجع التوترات في المنطقة.
أولًا: السياقات السياسية للتصعيد
ـ توقيت الاشتباكات وأبعادها السياسية
من المثير للاهتمام أن هذه الاشتباكات جاءت في وقت تزامن مع انعقاد جلسات القمة الرباعية في القاهرة، وهو توقيت اختاره حزب الله ـ كما يدعي ـ لتحقيق تأثير سياسي مدروس. ولعل وجود رئيس الأركان الأميركي الجنرال سي كيو براون في عمان، واستئناف رئيس الموساد دافيد برنياع رحلته إلى القاهرة لاستكمال الجولة الثانية من المفاوضات بشأن غزة، يضيف أبعادًا أخرى لهذه الحادثة. وقبل الاشتباكات، كانت بعض الصحف الإسرائيلية قد أشارت إلى أن حزب الله يستعد للرد على اغتيال فؤاد شكر، مما زاد من حالة الترقب. وفي هذا السياق، كان لافتًا أن السكان في شمال إسرائيل واصلوا حياتهم اليومية بشكل طبيعي بعد الضربة، ما يوحي بشيء من الاطمئنان رغم التصعيد العسكري.
ـ استغلال حزب الله للحرب على غزة لتعزيز مكانته الإقليمية
 يبدو أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 منحت حزب الله فرصة استراتيجية لتعزيز مكانته كلاعب رئيسي في محور المقاومة. فالحزب استغل هذه الحرب لتعزيز موقعه كـ ""مدافع عن القضية الفلسطينية"، مما يعزز من دعمه على الصعيدين الإقليمي والدولي. كما استفاد من النزاع لاختبار قدراته وتطوير تكتيكاته العسكرية ضد إسرائيل، مما يتيح له تحسين استراتيجياته العسكرية واللوجستية. ويعزز روابطه مع إيران ويُظهر ولاءه للولي الفقيه علي خامنئي.
ـ التصعيد العسكري لحزب الله وعلاقته بالطموحات النووية الإيرانية
هذا التصعيد هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى دعم النفوذ الإيراني في المنطقة ومواجهة الضغوط الدولية المتزايدة على البرنامج النووي الإيراني. الذي يُعتبر أحد العوامل الأساسية التي تؤثر في توجهات حزب الله اللبناني، ويُشكل محركًا رئيسيًا لتصعيده العسكري تجاه إسرائيل. فالتصعيد المتواصل لحزب الله يرتبط بشكل وثيق بالتوترات الإقليمية الناتجة عن الطموحات النووية الإيرانية. حيث يسعى حزب الله، كذراع إيراني في المنطقة، إلى استغلال النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لزيادة الضغط على إسرائيل وحلفائها. ويعكس الجهود الإيرانية لتقويض الضغوط الدولية وتعزيز موقفها الإقليمي من خلال استخدام حزب الله كأداة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية. وباختصار، التصعيد العسكري لحزب الله تجاه إسرائيل يشكل جزءًا من استراتيجية إيرانية أوسع تستهدف تعزيز النفوذ الإقليمي وتخفيف الضغوط الدولية، ويُظهر كيفية استخدام النزاعات الإقليمية لتحقيق أهداف جيوسياسية كبرى.
ـ النهج الأمريكي في التعامل مع تصعيد حزب الله والتوازن الإقليمي
في إطار السياق السياسي المعقد الذي يحكم تحركات حزب الله، تتبنى الولايات المتحدة نهج "الصبر الاستراتيجي" في تعاملها مع تصعيد الحزب. وهذا النهج يستند إلى مجموعة من الحسابات الدقيقة التي تشمل مصالح الولايات المتحدة الإقليمية والدولية، والتحديات الداخلية. فالولايات المتحدة تحافظ على علاقاتها القوية مع إسرائيل، التي تعتبر أمنها القومي من أولويات السياسة الأمريكية. والصبر الاستراتيجي يساعد في ضمان دعم مستمر لإسرائيل دون التسبب في تصعيد كبير قد يهدد استقرار المنطقة. وفي الوقت ذاته، تأخذ الولايات المتحدة بعين الاعتبار مصالحها مع خصومها الدوليين مثل إيران والصين. فالحفاظ على نهج متوازن يمنع التصعيد غير المرغوب فيه مع إيران، ويجنب واشنطن تدهور العلاقات الدولية في سياق أوسع. كما أن إدارة الرئيس جو بايدن تواجه تحديات متعددة على الصعيد العالمي، مثل الصراعات في السودان وأوكرانيا وقطاع غزة. هذه الأزمات تتطلب استجابة مدروسة، حيث يُحافظ الصبر الاستراتيجي على القدرة على التركيز على القضايا الأكثر إلحاحًا دون إضافة أزمات جديدة.
من هنا تسعى واشنطن إلى ممارسة الضغط على حزب الله وإيران من جهة، وتجنب إشعال فتيل نزاع أوسع قد يؤثر سلبًا على استقرار المنطقة ومصالحها الاستراتيجية من جهة أخرى. والتوازن الدقيق يتطلب تعاملًا مدروسًا مع تصعيد حزب الله، دون التورط في صراع مباشر قد يفاقم التوترات القائمة. كما أن الحزب يدرك تمامًا الأبعاد الإقليمية والدولية لهذه الاستراتيجية، ويعمل بحذر لاستغلال الفرص الحالية دون تجاوز حدود قد تؤدي إلى تصعيد شامل مع إسرائيل. والحزب يستفيد من الظروف الحالية بذكاء، مستغلاً الوضع لصالحه دون المساس بجوهر المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية مثل الأمن القومي.
ـ الاستعراض العسكري لحزب الله: حدود التصعيد والتأثير على إسرائيل
رغم تصاعد الخطاب العدائي والتصعيد العسكري من قِبَل حزب الله، الذي مثله "هجوم الأربعين" الذي استهدف مواقع عسكرية إسرائيلية بحسب رواية حزب الله، فإن النتائج الميدانية لهذه العمليات لم تُحدث تأثيرًا كبيرًا على إسرائيل. وهذا يعكس إدراك حزب الله لحدود قدرته على التصعيد دون دفع إسرائيل إلى ردود فعل قوية قد تُهدد استقرار المنطقة على الرغم من الهجمات التي شنها حزب الله، بما في ذلك "هجوم الأربعين"، إلا أن التأثير الفعلي لهذه العمليات كان محدودًا. والنتائج الميدانية لم تحقق تأثيرًا يُذكر على إسرائيل، ما يشير إلى أن الهجوم لم يُسفر عن نتائج كبيرة تتجاوز "صفر" خسائر بالنسبة لإسرائيل. وإن استعراض حزب الله قوته العسكرية هي محاولة لإظهار قدرته على التهديد، لكن دون تجاوز حدود معينة قد تؤدي إلى تصعيد كبير. فهو يظهر قدرة على المناورة بذكاء، مستفيدًا من الوضع الإقليمي المعقد. وما الاستعراض العسكري إلا جزءا من استراتيجيته لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية دون التورط في صراع مفتوح. كما أن الحزب حريص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى صراع مدمر. وإدراكه للقدرة على التسبب في تصعيد كبير يحفزه على توخي الحذر واللعب على حافة الهاوية.
ثانيًا: مسارح عمليات التصعيد والوسائل المستخدمة
تتمركز بؤر تصعيد حزب الله في اتجاهين رئيسيين:
منطقة الجليل الأعلى: في هذا الاتجاه، يستهدف حزب الله بشكل متكرر بوسائل متنوعة. يشمل التصعيد إطلاق حوالي 15 صاروخًا يوميًا بالإضافة إلى طائرات مسيرة انتحارية، مما يفرض تحديات كبيرة على الدفاعات الإسرائيلية. حيث تمكنت القبة الحديدية من اعتراض معظم هذه الصواريخ، ولكن الهجمات استمرت بشكل متكرر على مدار الأشهر الماضية.
الجولان السوري المحتل: هنا يتنوع التصعيد بين استخدام الطائرات المسيرة الانتحارية وصواريخ "الكاتيوشا". ومن أبرز الحوادث في هذه المنطقة سقوط أحد صواريخ "الكاتيوشا" في ملعب كرة قدم في مجدل شمس، مما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا. كما يوفر الدعم اللوجستي والاستخباري من إيران القدرات التقنية والتكتيكية التي تعزز فعالية هجمات حزب الله.
ـ التداعيات السياسية
تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله دفع القوى الدولية إلى إعادة تقييم جدوى استمرار هذا الصراع، مما أدى إلى اللجوء إلى الحلول السياسية غير المباشرة. في هذا السياق، تركزت الجهود على المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس. على الرغم من أن هذه الخطوة قد تُفهم كمراوغة سياسية، إلا أنها تعكس في الواقع خشية من تفاقم العنف في محيط إسرائيل. وفي الوقت نفسه، تواجه حكومة نتنياهو أزمة سياسية مستمرة، حيث مثلت عملية "طوفان الأقصى" واستجابتها لها فرصة للتعامل مع هذه الأزمة وتجنب الضغوط السياسية الداخلية. حتى الآن، يظل التأثير المباشر لموقف حزب الله محدودًا. بينما يظهر ميول لخفض العنف تجاه غزة، ويُنظر إلى ذلك بشكل رئيسي على أنه مناورة سياسية بدلاً من تحول حقيقي في السياسة. وتسعى القوى الدولية إلى تقليل التصعيد من خلال الدفع نحو مفاوضات غير مباشرة مع حماس، في محاولة لتهدئة الوضع. هذا النهج، رغم كونه استجابة لمستوى عالٍ من التوتر، قد لا يتجاوز كونه تكتيكًا لتخفيف حدة الصراع.
ـ التداعيات العسكرية
رغم التصعيد المستمر لهجمات حزب الله، لم تقم إسرائيل بأي عمل عسكري واسع النطاق ردًا على هذه الهجمات. بدلاً من ذلك، اكتفت بالقيام بعدد من العمليات الانتقائية مثل اغتيال فؤاد شكر، الرجل الثاني في الحزب، واستهداف مواقع منصات الصواريخ، بالإضافة إلى اغتيال بعض القادة الميدانيين لحزب الله. يبدو أن الرد الإسرائيلي على هجمات حزب الله سيتم تأجيله إلى الوقت الذي تراه إسرائيل مناسبًا، وذلك في ظل انشغالها حالياً بالصراع في غزة. وفي سياق أوسع، تشهد منطقة الشرق الأوسط حاليًا مستوى غير مسبوق من العسكرة الأميركية. الولايات المتحدة أرسلت سفنًا حربية متطورة مثل المدمرتين "يو إس إس كارني" و"يو إس إس ماسون" لتعزيز وجود الأسطول الخامس في المنطقة. هذا التوجه يعكس محاولة أميركية لتعزيز وجودها العسكري السابق في المنطقة، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات الإقليمية ويعقد المشهد العسكري بشكل أكبر. وتُعتبر زيادة ترسانة القوات الدولية في منطقة الشرق الأوسط من العوامل المهمة التي قد تؤثر بشكل كبير على أمن المنطقة. ومن بين أهداف هذا التزاحم الدولي، يأتي قطع الطريق على تطلعات إيران التوسعية، التي أصبحت فعليًا حاضرة بالوكالة من خلال ميليشيات مثل حزب الله، المدعوم بشكل كبير من إيران، ويستخدم الطائرات غير المأهولة الانتحارية التي أصبحت واحدة من أخطر الأسلحة في الوقت الراهن. كما أن التواجد الدولي قد يساعد في الحفاظ على توازن عسكري في المنطقة، مما يمنع أي طرف من الحصول على ميزة استراتيجية واضحة. ومن خلال تعزيز وجودها العسكري، تسعى القوى الدولية إلى ضمان استقرار المنطقة ومنع أي محاولة لهيمنة إقليمية قد تؤدي إلى تصعيد الصراعات.
ثالثا: حدود الاستجابات الإسرائيلية والأميركية للتصعيد
رغم تصاعد التهديدات من حزب الله، فإن الاستجابات الإسرائيلية والأميركية حتى الآن لم تكن بمستوى التهديدات الناشئة. هذا الوضع يفتح المجال لسيناريوهات متنوعة من الاستجابات العنيفة، ولكن قد يشير أيضًا إلى احتمال تلاشي الأزمة قريبًا. وتتنوع حدود الاستجابات بين تدابير الدفاع والردع الحالية والمواجهة المتوقعة وفق السيناريوهات التالية:
ـ السيناريو الأول: الاستمرار في استراتيجية الدفاع المحدود
في هذا السيناريو، تركز إسرائيل على التعامل بحذر مع هجمات حزب الله، مع الاعتماد على الدفاعات القائمة مثل نظام "القبة الحديدية". ويتم التعامل مع الهجمات على أنها ظرفية ومؤقتة، وستنخفض بمجرد تقدم المفاوضات مع إيران وعودة الاستقرار النسبي إلى غزة. ويُعتبر هذا السيناريو الأقرب إلى الواقع على المدى المتوسط، حيث يتيح التعامل مع التهديدات بشكل متوازن دون تصعيد إضافي.
ـ السيناريو الثاني: استراتيجية المواجهة الجماعية
يعتمد هذا السيناريو على تعزيز التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة. وقد يشمل هذا التعاون عمليات عسكرية مؤقتة أو طويلة الأمد، ويعد خيارًا وسطًا بين التدابير الدفاعية والإجراءات الأكثر تصعيدًا. ويوفر هذا السيناريو استراتيجية قصيرة إلى متوسطة الأمد، ويقلل من الأعباء على الولايات المتحدة بفضل سياسة "العصا والجزرة" التي تشمل في الوقت ذاته التفاوض مع إيران وتقديم الدعم العسكري لإسرائيل.
ـ السيناريو الثالث: استراتيجية الدفاع الفائق القوة
يشمل هذا السيناريو العمل العسكري الدفاعي العنيف من بُعد، دون التوغل البري. ويستهدف هذا المسلك تدمير بنى تحتية وعناصر حزب الله المعنية بالتصعيد، ويشمل أيضًا فرض عقوبات على هيئات أو أفراد مرتبطين به. ويعتمد هذا السيناريو على استمرار الوضع المتأزم في غزة والنشاط التهديدي لحزب الله. رغم أنه قد يكون خيارًا قويًا في حال تفاقم التهديدات، إلا أنه غير مرجح على المدى القريب بسبب الظروف الحالية.
خاتمة
إن تصعيد حزب الله العسكري الأخير تجاه إسرائيل يُظهر تحولاً ملحوظاً في الاستراتيجيات العسكرية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط. وتحليل هذه الأحداث يكشف عن أبعاد متعددة تؤثر على المشهد الجيوسياسي في المنطقة، بما في ذلك التوترات مع إسرائيل، والسياسات الإيرانية، والاستجابة الدولية. وقد كشف مقالنا هذا  أن التصعيد يعكس عوامل داخلية وخارجية معقدة تعكس رغبة الحزب في تأكيد موقعه كقوة مقاومة رئيسية في الصراع الإقليمي، مستغلاً حالة الصراع في غزة. محاولا تحويل الانتباه عن الأزمات السياسية والاقتصادية المحلية في لبنان، ويأتي التصعيد في إطار استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة وخلق بؤر توتر على حدود إسرائيل، مما يسهم في مواجهة الضغوط الدولية على البرنامج النووي الإيراني. واستغلال حزب الله للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني كوسيلة لزيادة الضغط على إسرائيل وحلفائها يعكس جهود إيران لتقويض الضغوط الدولية وتعزيز موقفها الإقليمي. ومع ذلك، فإن توسيع نطاق الهجمات وتنوع وسائلها يعكس محاولة الحزب لإظهار قدرته على التهديد دون تجاوز الخطوط الحمراء. واللافت أن النهج الأمريكي في التعامل مع تصعيد حزب الله يعكس استراتيجيات معقدة تهدف إلى الحفاظ على توازن دقيق بين دعم إسرائيل ومنع تصعيد واسع النطاق. وفق سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي تتبناها الولايات المتحدة والتي تُظهر حرصاً على الحفاظ على استقرار المنطقة مع تفادي التورط في صراع مفتوح قد يؤدي إلى تفاقم التوترات. ومن خلال تحليل الأبعاد السياسية والعسكرية للتصعيد، يتبين أن هناك سيناريوهات متعددة لمستقبل النزاع. والسيناريو الأقرب إلى الواقع على المدى المتوسط هو الاستمرار في استراتيجية الدفاع المحدود، مع التركيز على الحلول السياسية والتفاوضية. في المقابل، قد يتطلب الوضع المتأزم خيار استراتيجية المواجهة الجماعية أو الدفاع الفائق القوة إذا تفاقمت التهديدات. وتظل الآفاق المستقبلية مرتبطة بتقليص الضغوط الإقليمية، وتحقيق التوازن بين الاستجابات العسكرية والسياسية. التوصل إلى ترتيبات أمنية فعالة وإيجاد حلول سياسية شاملة سيسهم في تخفيف التوترات وضمان استقرار المنطقة. وبذلك، يُعتبر التصعيد الحالي ليس فقط اختبارًا لقدرة الأطراف المعنية على التعامل مع الأزمات، ولكن أيضًا فرصة لفهم أعمق للاستراتيجيات الإقليمية والدولية التي تشكل مستقبل الصراع في الشرق الأوسط.


مقالات ذات صلة

صحيفة بريطانية: في ظل الضعف الإيراني الأسد يعتمد على روسيا والدول العربية لبقائه على كرسي الحكم

صحيفة إسرائيلية: النظام وإيران يطوران أسلحة كيماوية ونووية في سوريا

ارتفاع حصيلة قتلى قوات النظام وميليشيات إيران بالغارات الإسرائيلية إلى 150

رأس النظام يلتقي وزير الدفاع الإيراني

أبرز ما جاء في أستانا 22 بين المعارضة والنظام والدول الضامنة

بدء اجتماعات مؤتمر أستانا 22 في كازاخستان