يتجه عدد من السوريين لدخول الأراضي اللبنانية، إما في محاولة للبحث عن فرص للعمل، أو باعتبارها محطة لتقديم اللجوء في دولة ثانية.
يتخذ سوريون من لبنان وجهة للبحث عن فرص للعمل، في ظل تردي الأوضاع المعيشية في سوريا، وانخفاض حاد في قيمة العملة المحلية أمام الدولار، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع بأنواعها مقارنة بتدني قيمة الأجور والمعاشات الشهرية. الظروف ذاتها في لبنان، إلى جانب حالة من عدم الاستقرار السياسي والفراغ الرئاسي المتوصل منذ أكثر من عام، ومخاوف لبنانية من زيادة اللجوء السوري إلى لبنان خلال الأشهر الأخيرة. واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، أن السوريون يفرون بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية المتدهورة في بلادهم، واصفًا إياه بـ”غير المبرر”، وفق “الوكالة الوطنية للإعلام”. ويعتمد أصحاب المصانع اللبنانيين على السوريين لكونهم لا “يتكبرون على العمل”، وبالنسبة لهم خروج السوريين يعني توقف لبنان، كما أن “أصغر عامل” في لبنان يكسب من ست إلى سبع دولارات يوميًا يغطي فيها نفقاته، بينما في سوريا لا يكفي الراتب لتغطية الاحتياجات الأساسية. ولم يرتبط وجود هذا العدد الكبير من العمال السوريين بتدفق اللاجئين فقط اعتبارًا من عام 2011، بل يكاد يكون مكونًا رئيسًا من مكونات القوى العاملة في لبنان، وفق صحيفة “الأخبار” اللبنانية. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، ترافق تطور الاقتصاد اللبناني ودورات أزماته ونموه مع الاستخدام الكثيف للعمال الأجانب في مقابل هجرة العمال اللبنانيين إلى الخارج.
مركز “السياسات وبحوث العمليات” (OPC)، نشر في 5 من أيار 2021، دراسة استقصائية حاولت فهم دوافع الهجرة الطوعية لبعض سكان مدينة دمشق إلى خارج سوريا، والعوامل التي تعزز التوجه إلى الهجرة، بالتزامن مع ما تشهده مناطق سورية من التردي الاستثنائي في مستويات المعيشة. الأغلبية العظمى من المستجيبين عبروا عن رغبتهم في الهجرة من سوريا، إذ بلغت نسبة هؤلاء أكثر من 63%، بينما الذين لا يملكون الدافع نحو الهجرة كانت نسبتهم 36.5%. ويعتبر الهرب من الظروف المعيشية الصعبة داخل سوريا، السبب الرئيس للتفكير في الهجرة بالنسبة لحوالي 60% من المستجيبين للدراسة الراغبين في الهجرة ومن العوامل الأخرى التي تدفع الأفراد من المستجيبين للدراسة إلى الرغبة في الهجرة البحث عن فرص عمل وتعليم أفضل، ولم الشمل والالتحاق بأفراد العائلة خارج سوريا، ولتفادي الخدمة العسكرية الإلزامية، كما أن عبارة “سئمت العيش في سوريا” كانت دافعًا لبعض المستجيبين للدراسة. ولا تزعم الدراسة أن هذه العيّنة بالضرورة ممثلة لمجتمع دمشق الكبير وغير المتجانس بالمعنى الإحصائي للكلمة، ولكنها تكتسب قيمتها من كونها تعكس آراء وتوجهات وتجارب 600 مستجيب عشوائي من سكان دمشق من الجنسين.