تشهد المدارس الواقعة بالمناطق القريبة من خطوط التماس من سرمين، وآفس، والنيرب شرقي إدلب، ودارة عزة والأتارب بريف حلب الغربي، تعليقًا للدوام بشكل متكرر. ويمتنع الأهالي عن إرسال أطفالهم إلى المدارس بعد تكرار القصف من قبل قوات النظام، ووقوع ضحايا من الطلاب والمعلمين.
كما أكد مدرسون أن المدارس تعاني تراجعًا ملحوظًا في عدد الطلاب، وصار المعلمون مطالبون بتكرار شرح الدروس لمرات عدة، وتسجيل الدروس لإرسالها لأهالي الطلاب الغائبين عبر “واتساب” ،فعدد طلاب الصف لا يتجاوز الثمانية بينما هو بالأصل يفوق الـ20 طالبًا. ولا يمكن لوم الأهالي لعدم إرسال أطفالهم، كون القصف المتكرر على المدارس خلق حالة من الذعر الشديد. فالوضع الأمني في المدينة يؤثر على أعداد الطلاب، ويسهم في تراجع تركيزهم مع خوفهم المستمر من القصف. كما أن ساعات الدوام دائمًا منقوصة، لا سيما أن مسؤولية صرف الطلاب أو تعليق دوامهم تقع على عاتق مشرفي المدرسة، لذلك يختارون إرسالهم إلى المنازل باكرًا، ومع أول تحذير من قبل مجموعات مراصد القصف.
ونتيجة حملة قصف استهدفت السوق الرئيس في سرمين منذ أسبوعين، أعطت مديرية التربية والتعليم في إدلب موافقة لمناطق سرمين والنيرب وآفس لتطبيق التعليم عن بعد، وتعليق الدوام لمدة أسبوع واحد فقط، بحسب ما صرح به مدير التربية والتعليم، أحمد الحسن، وقال الحسن، إن قرار العطل المؤقتة كان أنجع الحلول للحفاظ على الطلاب والكوادر، وسيجري تعويض الفارق العلمي في نهاية العام الدراسي. وأوضح أنه ضمن الإمكانيات المتاحة، تسعى مديرية التعليم للحفاظ على ربط الطالب بالمدرسة، وهو الهدف الأساسي، كون التعليم عن بعد يحقق فائدة علمية دُنيا. ولا توجد خطة لتحويل الدوام عن بعد بشكل كامل، وإنما جاء القرار كاستجابة طارئة استثنائية في حالة التصعيد على تلك المناطق. وفي تصويت أجراه ناشطون في سرمين عبر مجموعة “واتساب” تضم أكثر من 300 شخص من أهالي المدينة، صوّت أغلب المشاركين لمصلحة إغلاق المدارس وجعل التعليم عن بعد.
كما يعاني قطاع التعليم في إدلب على مستوى البنية التحتية والخدمات المقدمة للطلاب ومستوى رواتب المعلمين، الذين يطالبون عبر وقفات احتجاجية متكررة بزيادة رواتبهم، في وقت لا يهدأ فيه القصف رغم وجود اتفاقيات لوقف إطلاق النار. فمدارس المنطقة تشهد نقصًا بالكتب المدرسية، وإن 500 ألف طالب يحتاجون إلى الكتب. وأرجع الحسن أسباب النقص إلى انتهاء مذكرات التفاهم مع جهات مانحة لتقديم الكتب في السنوات السابقة، إذ انتهت أواخر عام 2022.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد الطلاب الفعلي في مدارس إدلب وأريافها، إذ تأثرت مدارس بالقصف من قوات النظام وروسيا على المنطقة والتصعيد الذي شنته خاصة خلال تشرين الأول 2023. وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، أن التصعيد العسكري في مناطق شمال غربي سوريا أثّر بشكل كبير على إمكانية الوصول إلى خدمات التعليم لـ2.2 مليون طفل في سن المدرسة. وأضاف أن 2.2 مليون طفل في سن المدرسة يقيمون شمال غربي سوريا، منهم مليون واحد على الأقل خارج المدرسة، لافتًا إلى أن الوضع مأساوي بشكل خاص في مخيمات النزوح. في 5 من آذار 2020، وقع الرئيس التركي مع نظيره الروسي اتفاق “موسكو”، وجاء في بنوده إعلان وقف إطلاق النار اعتبارًا من 6 من الشهر نفسه على طول خط المواجهة بين النظام السوري والمعارضة. سبق هذا اتفاق آخر وقعته روسيا وتركيا ضمن اتفاقية “أستانة” عام 2017، لـ”خفض التصعيد”، تبعته اتفاقية “سوتشي” في أيلول 2018، ونصت على وقف إطلاق النار في محيط إدلب، لكن النظام وروسيا ينتهكان هذه الاتفاقيات باستمرار.