التغيرات المناخية توجه ضربة قاسية لمزارعي سهل الغاب - It's Over 9000!

التغيرات المناخية توجه ضربة قاسية لمزارعي سهل الغاب


بلدي نيوز - (مصعب الأشقر)

بعد خمسة أشهر من تعبه وشقائه من أجل التحضير لموسم الباذنجان، ترك المزارع "صالح الموسى" حقله في منطقة سهل الغاب، بسبب جفاف بئر الماء الذي يعتمد عليه وأقربائه في ري مزروعاتهم.

منذ شهر آذار/مارس يعمل "صالح" على زراعة الباذنجان في مساكب صغيرة، وفقا لحديثه لبلدي نيوز، ومن ثم نقل عمله للحقل القريب من منزله، وكله أمل حينها بمحصول وفير يعود عليه وعلى أسرته المؤلفة من سبعة أفراد بالنفع، إذ اضطر لاستدانة البذور والأسمدة من الصيدلية الزراعية، بغية إتمام مشروعه الصغير الذي سيخرجه من حالة العوز، ويؤمن لأبنائه بعض متطلبات الحياة، ولا سيما مصاريف المدرسة. 

بيد أن التغير المناخي الذي اجتاح المنطقة على مر السنوات القليلة الماضية، قضى على حلم "صالح" وأسرته والعشرات ممن يمتهنون عمله، بعد أن جفت مجموعة من الآبار السطحية في منطقة سهل الغاب بريف حماة، لتذبل المزروعات أمام أعين أصحابها، وتجف بسبب انقطاع المياه، وارتفاع درجات الحرارة

لم يكن المزارع "صالح الموسى" وحيداً في المأساة الزراعية، بل اشتكى عدد من المزارعين في المنطقة، من ندرة مياه الري وسط ارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، ومنهم المزارع "فهد الحاج" المالك لأكثر من 16 دونما مزروعة بالفليفة، أنفق عليها أكثر من 2000 دولار، ويهددها الجفاف الآن يوما بعد أخر.

يقول "فهد" في حديثه لبلدي نيوز، إن "رحلة زراعة الخضار طويلة تبدأ من شهر شباط/ فبراير بوضع البذور في أكياس ترابية، ثم نقلها إلى الحقل بعد تجهيزها بمنظومة الري، وتبقى ضمن رعاية متواصلة، من ري وأسمدة ومبيدات حشرية ومنشطات، حتى تصل لمرحلة الحمل وهنا تحتاج لري متواصل مرة كل خمسة أيام، لكن مع ارتفاع درجات الحارة لأكثر من 40 درجة مئوية أصبحت الشتول بحاجة لري كل 48 ساعة، وإلا ستتعرض للتلف بسبب العطش.

ويضيف أن ري المزروعات بالاعتماد على الآبار ليس بالأمر السهل، فالبئر بحاجة إلى مولد كهرباء لتشغيل مضخة المياه، وحاجة المولد من المازوت تتراوح بين 3-4 ليتر بالساعة، وهذه تكلفة ليست بالسهلة وسط غياب مشاريع دعم الزراعة بمنطقة سهل الغاب، بآليات الطاقة الشمسية التي توفر علينا كمزارعين الكثير من المال والجهد، لكن المنطقة محرومة من أي دعم زراعي ممكن أن ينهض بواقعنا المرير منذ سنوات.

ويوضح أن البئر الذي يملكه بات اليوم مهددا بالجفاف، حيث لا يعمل لأكثر من ساعتين كل 10 ساعات، وهذا يضع محصوله أمام تهديد حقيقي بالتلف، وضياع كل ما أسسه خلال الأشهر الماضية بالتزامن مع الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة التي كان لها تأثير سلبي على الإنتاج.

تتسم منطقة سهل الغاب بوفرة مخزون المياه بسبب انخفاضها من جهة، وكون المنطقة كانت مستنقعا مائيا كبيرا قبل عام 1956 الذي شهد تجفيف سهل الغاب من قبل الحكومة حينها، إلا أن المخزون من المياه بدأ يتدهور خلال السنوات الأربع الماضية، والتي شهدت تغيرات مناخية عدة أبرزها انخفاض منسوب الأمطار، مما أدى لجفاف الحوامل السطحية للمياه، بمنسوب وصل الى 60% في العام 2021 بحسب هيئة الجيولوجيين السوريين. 

لم تكن منطقة سهل الغاب تعتمد قبل العام 2015 على الآبار في عمليات الري، إذ كانت السدود التخزينية تكفي المزارعين لري محاصيلهم خلال الصيف، لكن ما تعرضت له السدود في المنطقة من أحداث، جعلها تضم كميات صغيرة من الماء، معتمدة على تجميع بعض العيون والينابيع في حين كانت السدود تمتلئ بضخ المياه من نهر العاصي، خلال فصل الشتاء مثل سد قسطون (27 مليون متر مكعب).

يقول الخبير الجيولوجي ورئيس دائرة الاستثمار في المديرية العامة للموارد المائية في حكومة الإنقاذ علي رمضان في حديث خاص لبلدي نيوز، إن "الضخ من نهر العاصي لسد قسطون غير ممكن حاليا، بسبب وجود المنطقة على خط تماس قريب جدا من مناطق تواجد قوات الأسد، لذلك يجري العمل على زيادة السعة التخزينية للسد عبر تحويل بعض المجاري الشتوية نحو السد، إضافة لتعزيل عدة ينابيع رافدة في منطقة اللج".

ويضيف أن عملية هبوط مناسيب مياه الآبار هي عملية عامة شمال غرب سوريا، بسبب الكثافة السكانية الكبيرة التي نتجت عن عمليات التهجير القسري وعمليات الحفر العشوائية في فترات سابقة، والانخفاض بنسب متفاوتة بين المناطق ومنها آبار سهل الغاب التي يعتريها الجفاف بسبب نسب الهطول المطري، لافتا إلى أن الحل الأمثل والأفضل هو الاعتماد على المياه السطحية الجارية في عمليات السقاية والشرب، والمصدر الأهم لها نهر العاصي وعين الزرقا، إضافة لعملية حصاد الأمطار عبر تجميعها في السدود وتخزينها.

مقالات ذات صلة

الحكومة الإيطالية تقنع الاتحاد الأوربي بتعيين مبعوث له في سوريا

محافظ اللاذقية: بعض الحرائق التي حدثت مفتعلة

النظام يحدد موعد انتخابات لتعويض الأعضاء المفصولين من مجلس الشعب

خسائر لقوات "قسد" بقصف تركي على الحسكة

توثيق مقتل 89 مدنيا في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي

قائد "قسد": الهجمات التركية تجاوزت حدود الرد وأضرت بالاقتصاد المحلي