بلدي نيوز - إسطنبول (غيث الأحمد)
يتوقع سياسيون أن تشهد الأيام القليلة القادمة "تغيرات" في الملف السياسي السوري، وذلك قبل أن يدعو المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى جولة مفاوضات جديدة في جنيف السويسرية بعد منتصف الشهر الحالي أيلول/سبتمبر الحالي.
وتجتمع الهيئة العليا للمفاوضات يوم غد في العاصمة السعودية الرياض لمناقشة الإطار العام لرؤية المعارضة السورية للحل السياسي، والتي سيتم إقرارها في 7 أيلول /سبتمبر الحالي في العاصمة البريطانية لندن، وذلك خلال اجتماع لوفد من المعارضة السورية مع وزراء خارجية دول "الكور" الصديقة للشعب السوري، والتي يبلغ عددها 11 دولة.
وسيضم وفد المعارضة السورية كلاً من المنسق العام للهيئة العليا رياض حجاب ورئيس الائتلاف الوطني أنس العبدة والمنسق العام لهيئة التنسيق حسن عبد العظيم.
وحسب معلومات وردت إلى بلدي نيوز من مصادر خاصة في المعارضة السورية، فإن رؤية المعارضة السورية تصر على أن لا يكون لبشار الأسد وزمرته الحاكمة أي دور في المرحلة الانتقالية أو مستقبل سورية، وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية بالاستناد إلى بيان جنيف والقرار 2254، إضافة إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة، وإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية، والتمسك بوحدة الأرض والشعب، والحــرص على حقوق الأقليات الدينية والعــرقية، والدعوة إلى خروج جميع المسلحين الأجانب من سورية، ونبذ التشدد الديني والإرهاب ومحاربته.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تغيرات سريعة، أهمها التدخل العسكري التركي في شمال سورية ضد تنظيم داعش وقوات سورية الديمقراطية التي تمثل ميليشيات الـ PYD الجزء الأساس منها، وتقدم قوات المعارضة السورية باتجاه حماة وسيطرتها على مناطق واسعة في الريف وباتت على مشارف المدينة، إضافة إلى تسليم نظام الأسد مدينة الحسكة إلى ميليشيا الـ PYD بعد اتفاق جرى برعاية روسية، إضافة إلى حركة تهجير قوية يمارسها النظام ضد المعارضين في محيط العاصمة دمشق ومدينة حمص.
ويتخوف معارضون سوريون من أن يكون هناك توجه لتطبيق ما جاء في دراسة أطلقها مركز أبحاث أمريكي قريب من دوائر صنع القرار في أمريكا يدعى "راند"، وهذه الدراسة تم تعديلها في نسخة جديدة عمل عليها مسؤولون سابقون في وزارة الخارجية الأمريكية، وجاءت الدراسة تحت عنوان "خطة سلام من أجل سورية".
وتأتي أهمية تلك الدراسة إلى مدى التطابق بين ما جاء فيها والواقع الحالي على الخريطة السورية، وخاصة بعد عمليات التهجير التي قام بها النظام بحق أهالي داريا ويحاول تكرارها في المعضمية والوعر في حمص.
وترى الدراسة أن أي حل سياسي في سورية هو أفضل من استمرار الصراع الدائر في سورية الذي زعزع استقرار الدول المجاورة، وتوتير روابط التضامن الأوروبي، وتعزيز التعصب الديني في الولايات المتحدة.
وترمي الدراسة إلى تقسيم الأراضي السورية إلى أربعة مناطق، وهي منطقة للنظام في الغرب ومنطقة للأكراد في الشمال الشرقي ومنطقة للمعارضة منقسمة في الشمال الغربي والجنوب، ومنطقة تنظيم داعش، وذلك بهدف تجميع جميع الجهود لقتال التنظيم المتشدد والقضاء عليه.
وتلفت الدراسة في البداية إلى تأجيل تقرير مصير الأسد إلى مرحلة لاحقة، والتركيز على إعادة الاستقرار ومحاربة التنظيمات الإرهابية والمتشددين، وحددت مسارين مختلفين في التسلسل سيقودان إلى السلام في سورية، ويركز الأول على التوسط بين الأطراف بحلول سياسية شاملة تعمل على ترتيب العلاقات بين الأطراف السورية المتحاربة وداعميها الخارجيين، ويشمل هذا المسار إصلاح مؤسسات الدولة وتشكيل حكومة جديدة ووضع خطة عملية للانتخابات، ويترافق ذلك كله مع وقف لإطلاق النار وإطلاق عمليات إعادة الإعمار، أما المسار الثاني فيعتمد على الوصول إلى موافقة فورية على وقف إطلاق النار يعقب ذلك إجراء مزيد من المفاوضات على شكل الدولة السورية وحكومتها المستقبلية.
ومن بعد إعداد تلك الدراسة طرأت عدة تغييرات على الوضع السوري وكان أبرزها، توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية، وتعزيز الدعم الروسي لنظام الأسد والذي مكنه من توسيع سيطرته، وإعلان تأسيس اتحاد شمال سورية وتوحيد المقاطعات الكردية تحت منطقة حكم ذاتي، وتوجه نظام الأسد وفصائل المعارضة لقتال داعش في مناطق مختلفة.
فيما جاءت الدراسة المعدلة لتقدم حلاً متمثلاً في كلمة واحدة هي "اللامركزية" وقدمت أربعة أشكال لها، وأكدت على ضرورة المحافظة على وقف إطلاق النار، وإعطاء الأولوية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة، وتعزيز تدابير أخرى لبناء الثقة.