الهافنغتون بوست ( ترجمة بلدي نيوز )
يدعي السياسيون في حملات الانتخابات الأمريكية بأن اللاجئين السوريون في الولايات المتحدة قد قاموا بالتأثير سلباً على الاقتصاد الأمريكي والأجور... ولكن لا... لم يسبب العدد الضئيل لمن وصل منهم أي فرق ولو حتى بمقدار عشرة سنتات!
ولكن إذا ما كنت تتساءل حول كيفية نجاحك في السياسة الأمريكية دون أن تحاول حقاً، هنالك بعض الأشياء الأساسية التي تحتاج لإتقانها، أحد أكثر الأمور إفادة والتي يمكنك أن تتعلم القيام بها، يتجلّى بإلقاء اللوم على المهاجرين واللاجئين والأجانب عن كل ما يحدث بشكل خاطئ في البلاد، بهذه الطريقة وعندما يأتي الناخبين للتصويت لك، متسائلين لماذا لم تتحسن ظروف حياتهم على الرغم من التاريخ الطويل الخاص بك من الوعد ب"التجديد" و"الترميم"، يمكنك فقط أن تقول، إن السبب يعود "للمهاجرين والأجانب"، آملاً في الحصول على المزيد من أصوات الناخبين لإعادة توجيه كل هذا الغضب نحو أي مكان آخر!
لقد قام دونالد ترامب، والذي حظي بالكثير من النجاح في السياسة الأمريكية دون أن يحاول حقاً، بالاستفادة جيداً من الأمر برمّته بإلقائه للوم على "المهاجرين واللاجئين السوريين"، ولكن الآن، وفي الوقت الذي تناضل حملته في شيطنة المهاجرين والأجانب، يحاول في الوقت ذاته أن يضمن لجمهوره بأن ذلك ليس محور حملته ، و يضعهم بشكل مفاجئ أمام القضية التي أصبحت محورهم الخاص، وعلّة وجودهم، حيث قرّر دونالد ترامب تحويل الأنظار عن هذا الموضوع ، واعداً بـ "رواية قصة حقيقية" عن
العلاقة الغرامية التي تجمع المذيعين جو سكاربورو وميكا بريجنسكي.
ولكن إريك ترامب، وعلى النقيض من ذلك، ما زال مصرّا على القيام بالأمر "المجرّب والصحيح"، بإلقاء اللوم على المهاجرين والأجانب، مع تطور نشر الإسلام فوبيا، مضيفاً: بأنه يجب علينا إلقاء اللوم الشديد خاصة على الّلاجئين السوريين لدينا، كما أفادت "نيك غاس بوليتيكو" (مشدّدة على عبارة الألغام): لقد قال والده ترامب بأنه يرغب بـ "بلد آمن، كما يريد أيضاً للأمريكيين بأن يحظوا بوظائف."
"أعني، ينبغي أن يأتي الأمريكيون في المقام الأول، لقد ولدت في هذا البلد بشكل قانوني ، و كنت هنا بشكل قانوني، وكانت الأجور كانت ثابتة على مدى السنوات ال 15 الماضية، وذلك لأنه لم يكن لدينا كما تعلمون، لاجئون سوريون متوافدون"، كما تابع إريك ترامب مضيفاً "لأن المزيد منهم يتوافدون كما تعلمون، أكثر من الآلاف من المهاجرين يأتون إلينا عبر الحدود، فإن الأميركيين يعانون بسبب ذلك، وهذا هي النقطة، إننا نتحدث عن تطبيق القانون، وإلى حرس الحدود، يجب أن تعلموا بأننا ذاهبون لوضع خطة حقيقية، خطة عظيمة حقاً، إنه لعمل إنساني وأخلاقي أن يعامل الجميع بشكل جيد، ولكن يتوجب علينا حل هذه المشكلة، إنها مشكلة حقيقية لهذا البلد ".
الآن، السؤال الأكبر هو كيف أثرت الهجرة- المشروعة وغير ذلك، على نموّ الأجور، فهذه لمناقشة مثيرة للاهتمام، إن الخطوط العريضة والتي تمّ وضعها بشكل جيد من قبل جيفري سبارشوت لصحيفة وول ستريت جورنال، بحيث لاحظ أن: "منتقدي الهجرة كثيراً ما يستشهدون بعمل جورج بورجاس، أستاذ الاقتصاد في كلية هارفارد كينيدي الحكومية"، والذي يزعم بأن "الهجرة توهن من أجور المواطنين الأمريكيين منخفضي المهارة." ولكن وفي حالات أخرى، فإن الدراسات قد وجدت بأنها "وزعت الفوائد بشكل أوسع بشكل يعود على الاقتصاد، كما ضغطت بشكل أقل شدة على الأجور وأحياناً حتى قامت بالدعم بدفع من الهجرة."
إذاً، أيمكننا أن نترك اللاجئين السوريين بعيداً عن جحيم هذا النقاش؟ إذ أن هنالك عدد قليل جداً منهم قد وصل الولايات المتحدة، وكان وصولهم إلى هذه الشواطئ في وقت متأخّر حقاً من بداية حفلة ركود الأجور هذه، والتي كما يشير معهد السياسات الاقتصادية بأنها استمرت طويلاً، كما أنها في تزايد دائم منذ فترة طويلة من الآن.
وكما ترون، فإن مسألة ركود الأجور ليست شيئاً قد بدأ منذ وقت قريب، وعلى الرغم من ما يعتقده إريك ترامب، وبالأحرى وكما يشير معهد السياسات الاقتصادية، فقد كانت أزمة ركود الأجور مستمرّة لنحو أربعة عقود من الآن، حيث لم يكن لدينا أي جموع من اللّاجئين السوريين القادمين إلى هذا البلد في ذلك الحين، ولربما قامت أزمة الّلاجئين السوريين فقط بتسخين الوضع منذ بدء الحرب السورية في عام 2011، وخلال ذلك الوقت، سعت الولايات المتحدة إلى توفير ملجأ للسوريين الهاربين من الموت المحقق، ولكن ومن أكثر من 5 ملايين من السوريين الذين غادروا بلادهم، رسى عدد ضئيل جداً منهم على شواطئنا.
وفيما يلي إحصاء لوزارة الخارجية يتضمّن عدد السوريين الذين أعيد توطينهم في الولايات المتحدة منذ بداية الحرب السورية:
صحيح أن إدارة أوباما ألزمت نفسها بإعادة توطين 10،000 لاجئ سوري في هذا العام، ولكنها تخلفت بعض الشيء في الوفاء بهذا الهدف، ولكنها الآن على الطريق الصحيح لبلوغ تلك الغاية، ولكن حتى لو أتى جميع هؤلاء اللاجئون إلى الولايات المتحدة، فإن البلاد لا تزال لاعباً صغيراً في ملعب إعادة توطين اللّاجئين، ولكن ذلك الأمر لم يمنع القدر غير المتناسب من الكلام السياسي الساخن حول هذه القضية، والتي أبقت على خاصيتنا الدؤوبة في جعل الحقيقة بعيدة عن الواقع.
ولكن مهلاً، "إن مسألة أن اللّاجئين السوريين قد ساهموا بعقود من الركود في الأجور" هي اختلاق جديد، (ولنكون صادقين، فإن حملة ترامب التي تنتقد عدم نمو الأجور هي اختلاق جديد أيضاً) ويكفي القول، كما يشير معهد السياسات الاقتصادية بأن "حالة ركود الأجور، تعود إلى حد كبير كنتيجة لخيارات السياسة العامة التي عزّزت قوة المساومة لدى أولئك الذين يملكون معظم الثروة والسلطة"، وبأن" الخيارات السياسية الأفضل، والمحرزة عقب التفكير بأصحاب الدخل المنخفض والمتوسط، بعين الاعتبار، يمكن أن تؤدي إلى نمو أكبر للأجور على نطاق أوسع، وكذلك تعزيز وتوسيع الطبقة الوسطى".
إن كان لدى السياسي الأمريكي أي "خيارات سياسية أفضل" في الاعتبار، فإنه سيقوم باستخدامها، وبخلاف ذلك، فإنه سيقوم بإلقاء الّلوم على المهاجرين واللاجئين، إن القصة الأساسية هنا هي أن دونالد ترامب هو سياسي تقليدي للغاية، وهو لأمر محزن حقاً.
-ملاحظة المحرّر: إن دونالد ترامب يحرّض بانتظام بعنف سياسي، إنه كاذب متسلسل، يبغض الأجانب، كما أنه عنصري مستشري، معادي للمرأة و الذي تعهّد مراراً وتكراراً بتصريحاته بفرض حظر على جميع المسلمين - 1.6 مليار شخص في العالم- من دخول الولايات المتحدة.
-جيسون لينكينس، الكاتب في صحيفة هافينغتون بوست.