هارفارد ايدوكيشن – (ترجمة بلدي نيوز)
رقم التقرير: 13895
يلقي التقرير التالي الضوء على العمليات الأكثر أهمية التي تعاونت فيها المخابرات السعودية مع وكالات الأمن الدولي لإحباط عدد من العمليات الإرهابية، وفقاً لعدة مصادر موثوق بها، بالإضافة إلى ذلك، يكشف التقرير بعضاً من التعليقات الأكثر أهمية التي قطعها قادة العالم في ردّ فعل على جهود المملكة الدؤوبة في مكافحة الإرهاب.
في 19 من أبريل لعام 2015، نشرت مجلة دير شبيغل الأسبوعية الألمانية: وثائق سرّية توضح تفاصيل إعادة الهيكلة الكاملة للمنظمة الإرهابية "داعش"، والتي تحتوي على اسم مؤسسها، فضلاً عن زعيمها الحقيقي، وكذلك استراتيجيته.
إنّ هذا الزعيم، وفقاً للوثائق المشار إليها في الصحيفة، هو ضابط سابق في قوات الاستخبارات الجوية في قيادة حزب البعث العراقي، تحت حكم صدام حسين، ويدعى سمير عبد محمد خلفاوي، حيث يوضح التقرير أن الخلفاوي كان يعمل لحساب المخابرات السورية عقب سقوط نظام صدام حسين في العراق، وفي نهاية المطاف تم التعاقد معه من قبل جهاز المخابرات نظام الأسد السوري، وحسبما ورد فقد كان الغرض منه يتجلّى في زعزعة الأمن والاستقرار في العراق، ويبدو ذلك أن يكون الاحتمال الأكبر في جعل القوات الأميركية مترددة في التحرك عسكرياً في سوريا.
إن إيران وسوريا كانت من ضمن الدول الثلاثة والتي أُدرِجت من قبل وزارة الخارجية الأمريكية بأنها دول راعية للإرهاب، ومنذ ذلك الوقت فقد أشارت العديد من التقارير الاستخباراتية إلى أن إيران وسوريا دعمتا تنظيم الدولة، كما كانا يقومان بتنفيذ استراتيجية متعمّدة بزرع الطائفيّة والفتنة والبلبلة في قلب الشرق الأوسط، وخاصة في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى أنهما قاما بصورة دورية بالتحريض للشائعات والادعاءات فيما يتعلق بدعم الرياض للإرهاب، إن تلك القضايا تجاهلت حقيقة أن المملكة هي واحدة من البلدان التي تحمّلت عواقباً شديدة نتيجة للإرهاب المستشري، على سبيل المثال كانت المملكة مستهدفة من قبل الإرهابيين منذ عام 1990، بينما تصاعد العنف في عام 1991 بقيادة الولايات المتحدة لحملة قوات التحالف في حرب الخليج.
لقد تصاعدت الأعمال الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية إلى اليوم الحالي، بما في ذلك محاولة اغتيال وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، على يد أحد من عناصر تنظيم القاعدة، عبد الله عسيري، في سبتمبر 2009، ومع عدم وجود أدلة أو إثباتات، فقد اتهمت المملكة العربية السعودية بشكل خاطئ في عدة هجمات إرهابية عنيفة في جميع أنحاء البلدان الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا.
وقد حاول تنظيم الدولة أيضاً تقويض الثقة في المملكة العربية السعودية كحليف عالمي مهم جداً في مكافحة الإرهاب، ومن منظور المملكة العربية السعودية، فقد أثبتت الرياض تفانيها في السلام بطرق متعددة، مثل الحرب التي شنّتها الرياض لإعادة الشرعية في اليمن بعد انتهاكها من قبل ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، وكذلك جهودها لمساعدة الشعب السوري الذي أجبر على أن يصبح لاجئاً في كل من المنطقة ومختلف دول الاتحاد الأوروبي.
حيث سلّطت أبرز تلك المحاولات الضوء عن طريق الموقع الإلكتروني للصحيفة الألمانية "دير شبيغل" والتي كشفت في 5 أغسطس لعام 2016، نقلاً عن مصادر في المخابرات الألمانية التي أكدت - بحسب الصحيفة - بأن الإرهابي الناشط الذي نفذ هجوماً على متن القطار المتجه للمدينة الألمانية أورتسبورغ في 18 يوليو 2016، كان من اللاجئين الأفغان والبالغ من العمر 17 عاما، حيث أدى ذلك الهجوم إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح خطيرة، وكان ذلك الإرهابي على اتصال مع فروع تنظيم الدولة المتواجدة في أفغانستان، وكذلك أعضاء من منظمة إرهابية تقع في المملكة العربية السعودية ومنتشرة في جميع أنحاء بلدان أخرى عبر رسائل على الإنترنت.
الأنظمة الأساسية، يكشف التقرير التالي بأن العمليات الإرهابية الأعلى في المستوى نفذت ضد المملكة العربية السعودية خلال ذلك الوقت الذي تمتع فيه كل من النظامين السوري والإيراني بميزة ليس فقط بأن تجري حمايتها من قبل بطاقة تنظيم الدولة، ولكن أيضاً بميّزة عدم وجود أي هجوم إرهابي ارتكب ضدهم من قبل المنظمة.
إن التقارير تكشف عن العلاقة ما بين المخابرات السورية وإنشاء تلك المنظمة الإرهابية، وكذلك العمليات الأكثر أهمية التي تعاونت فيها المخابرات السعودية مع وكالات الأمن الدولي لإحباط بعض من تلك العمليات الإرهابية، بالإضافة إلى ذلك يكشف التقرير بعضاً من التعليقات الأكثر أهمية التي صرّح بها قادة العالم في رد فعل على جهود المملكة الدؤوبة في مكافحة الإرهاب.
-العلاقة ما بين المخابرات السورية وتنظيم الدولة
الوثائق سرّية كان قد حصل عليها الصحفي الألماني كريستوف رويتر والتي نشرها موقع "دير شبيجل" في 19 أبريل 2015، وكشفت أن المؤسس الأول لتنظيم الدولة الإرهابي يدعى سمير عبد محمد الخلفاوي، الضابط السابق في المخابرات الجوية لحزب البعث في العراق بقيادة صدام حسين، وأظهرت السجلات بأن الخلفاوي عمل أيضاً في المخابرات السورية بعد هزيمة نظام صدام حسين في العراق على يد الجيش الأميركي، وبعد مقتل الخلفاوي في تل رفعت شمال حلب، سوريا في يناير كانون الثاني من عام 2014، تم العثور على وثائق تحدّد لتأسيسه لتنظيم الدولة في مقرّ إقامته.
لقد تمّ تسجيل هذا في وثائق خاصة من قبل وزارة الدفاع السورية، بينما كشفت الطبيعة الحقيقية لعملية القتل بأنها كانت في الواقع نتيجة للاختلاف في منطقة تل رفعت والذي أشعل خلافاً ما بين الموالين لتنظيم الدولة والرفضين له من الفصائل التي تنتمي إلى المعارضة، حيث وصلت المعارضة السورية إلى منزله، وبعد تبادل لإطلاق النار أردى مقاتلو المعارضة بخلفاوي، حيث لم يعلم الثوار في البداية، بهوية ذلك الرجل الذي قتل للتو، ولا أهميته ومكانته، فقد أدركوا من كانت ضحيتهم بعد قراءتهم لوثائقه الشخصية، والتي جاء فيها بأنه هو الشخص الملقّب بـ"الحجي بكر".
وعقب فوز المعارضة في معركة تل رفعت، قامت بالدخول لمنزل الخلفاوي والذي وجدوا فيه الوثائق الأصلية التي تم استخدامها في إنشاء تنظيم "الدولة"، بينما كان الصحفي الألماني لاحقاً قادرا على وضع يديه على 31 صفحة من هذه الوثائق الكاملة من الكتابات والرسوم البيانية والجداول التي توضح كيف تم بناء التنظيم وكيفية قدرته على العمل بين مؤسساته.
لقد تضمّنت هذه الوثائق: على قائمة بأسماء العائلات ذات النفوذ، أسماء الأشخاص الأكثر نفوذاً داخل تلك الأسر، معرفة مصادر دخلهم، معرفة أسماء وأحجام كتائب الثوار المختلفة في أي قرية معينة، معرفة أسماء قادتهم، والذي يتحكم في تلك الألوية وتوجهاتها السياسية، معرفة أنشطتهم غير المشروعة (وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية)، والتي يمكن استخدامها لابتزازهم إذا ما لزم الأمر.
و كشفت الوثائق بأن وزارة الدفاع السورية قامت بإرسال رجال دين مزيّفين إلى مدن وقرى سورية، لفتح مكاتب دينية مزوّرة والتي كانت تستخدم لتعليم الشريعة والدين، مع مرور الوقت استخدمت هذه المكاتب لجذب الشباب الذين تم التلاعب في نهاية المطاف من قبل رجال الدين للخضوع لتقديم العطاءات، وعندما بدأ النظام بتأكيد قمعه للثورة، بدأ رؤساء مكاتب تنظيم الدولة في جميع أنحاء البلاد بتعزيز السّنة عمداً نحو التعصّب الديني ورفع راية ما يسمى ب "الجهاد".
لقد أُخِذَ السوريون على حين غرّة بينما ازدادت أعداد المنظمة الإرهابية ما بين عشيّة وضحاها، فقد توجّه تنظيم الدولة للعمل بكل حرّية في مختلف المجالات، وهذا ما يفسر عدم تعرّض قوات الأسد لأي من عمليات تنظيم الدولة في حين كانت تقوم بإطلاق العديد من الضربات الجوية ضد مواقع المعارضة في خضم معركتهم ضد تلك المنظمة الإرهابية.
بينما أشار تقرير صادر عن "دير شبيغل" إلى أنّ العديد من المقاتلين الأجانب الذين توافدوا إلى سوريا للقتال ضد الأسد فوجئوا بأن تنظيم الدولة كان يقاتل الجيش الحر والمعارضة المعتدلة فقط، بينما تمّ قتل العديد من هؤلاء المقاتلين عندما كانوا يحاولون الفرار أو التمرّد ضد التنظيم بعد اكتشافهم لحقيقته.
وكشف التقرير أيضاً بأن الهدف الرئيسي لتنظيم الدولة كان يتجلّى باحتلال الأراضي العراقية بعد دمجها بالمنظمة في سوريا، لمنحها مصداقية بكونها منظمة إرهابية عالمية من جهة، والسيطرة على بعض من احتياطيات النفط التي يحتاجها الأسد لتمويل جيشه من جهة أخرى، وشملت الوثائق أيضاً على خطّة لاستهداف الأسر السورية الغنية من أجل أن تكون مخترقة من قبل شباب التنظيم، والذي قام بارتداء قناع الظهور بأدب وكياسة، حيث أنّ فرقاً من جواسيس التنظيم قاموا بالوصول إلى أرباب الأسرة وأعضائها من أجل الكشف عن تفاصيل أكثر خصوصية حول حياة كل من أفرادها، بما في ذلك محاولة الحصول على الصور الحميمة، لتهديدهم وابتزازهم.
ووفقاً للتقرير الألماني فإن هذه هي الطريقة التي نمت فيها المنظمة في السلطة والقوة وتوسيع نطاق نفوذها، بالإضافة إلى جمع مبالغ كبيرة من المال، كما جاء في التقرير بأن الخلفاوي، فضلاً عن قادة آخرين في التنظيم، قرّروا بأن إعلان أبو بكر البغدادي خليفة، كخليفة للتنظيم، لأنه كان يملك الكاريزما المطلوبة، وهو ما قد يهدّئ من الجمهور غير المطمئن وجذبه إلى نفوذه، حيث أنه قام أيضاً بتقديم نفسه لأعضاء التنظيم بكونه الانطباع الأمثل والقدوة العليا للرجل الملتزم دينياً.
ومنذ مقتل الخلفاوي، قام بعض الأفراد من فريقه، خصوصاً أولئك المنتشرين في العراق والرقة، ببدء تمرّد ضد نظام الأسد، في الواقع بعد السيطرة على الموصل أحسّت المنظّمة بأنها لم تكن في حاجة للأسد ونظامه، حيث شاركت أحد من فرق التنظيم في قتل أفراد الكتيبة 17 من جيش الأسد، وذلك على الرغم من حقيقة أن نظام الأسد قام بحماية تلك المنظمة الإرهابية من الحصار في وقت سابق من قبل الجيش الحر، في قاعدة جوية قرب مدينة الرقة.
لقد أجاب الصحفي الألماني لرويتر من خلال أسئلة موجّهة إليه من قبل صحيفة "الشرق الأوسط" في أبريل 2015، بأن نشأة تنظيم "الدولة" في سوريا والعراق بدأت بعد الزيارات المكثّفة والمتكررة التي قام بها الخلفاوي إلى سوريا، حيث وصلت هذه الزيارات بمجموعها إلى 18 زيارة، جرت خلال ظروف مختلفة منذ بدء الثورة السورية.
-العمليات الإرهابية العالمية التي تم إحباطها من قبل المملكة
-بعد هزيمة تنظيم القاعدة في المملكة، عاد إلى الظهور في اليمن، وفي عام 2009 أسس وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف آلية لرصد المنظمة في الخارج.
-كشف وزير داخلية المملكة مؤامرة لتنظيم القاعدة لزرع قنابل على متن طائرات شركة يو بي إس وفيديكس التي كانت متجهة من اليمن إلى شيكاغو، عشية انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في الولايات المتحدة في عام 2010.
-قام الوزير أيضاً بالاتصال مع البيت الأبيض والتحدث مع جون برينان، مستشار الرئيس أوباما لمكافحة الإرهاب، ومنحه أرقام تعقّب للحزم التي تحتوي على قنابل، بينما توقفت هذه الطائرات في وقت لاحق في دبي وإيست ميدلاندز في المملكة المتحدة، وتم إزالة القنابل.
-في أغسطس/آب من عام 2015، أدى التعاون ما بين السعودية والمخابرات الأمريكية لإلقاء القبض على "أحمد مغصب"، الذي اتهم بتدبير عملية تفجير أبراج الخبر في المملكة العربية السعودية في عام 1996، والتي لقي فيها 19 جنود أمريكيين مصرعهم.
الجهود السعودية في مواجهة تنظيم الدولة
لقد قدّم ظهور تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا تحدّياً للعالم، بينما أعدّت هذه المنظمة الإرهابية حملة لتقديم نفسها على أنها وريثة لتنظيم القاعدة في العراق بعد اختفائه من المشهد العام خلال تدفّق القوات الأميركية للعراق في عام 2007، لقد استهدف التنظيم عدداً من السجون العراقية في عامي 2012 و 2013، حيث يسجن إرهابيي القاعدة، بينما أنشأت المنظمة الإرهابية بنية تحتية تنظيمية في سوريا والتي ساعدتها بتأسيس وجود قوي لها في الأراضي السورية، وفي صيف عام 2014 أطلقت المنظمة هجمات مفاجئة على المناطق العراقية التي يقطنها المسلمون السنّة، بينما أحكم التنظيم سيطرته على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، معلناً إنشاء خلافة تتحكم بجميع المسلمين، وفي نوفمبر من عام 2014، أعلن تنظيم الدولة عن سعيه للسيطرة على مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث قام بنشر صور تصوّر الكعبة المشرّفة مع لافتة التنظيم السوداء وهي ترفرف فوقه.
لقد قامت عناصر من تنظيم الدولة الإرهابي بمهاجمة مراكز الأمن السعودية على طول الحدود العراقية، بينما قام التنظيم بإرسال انتحاريين لمهاجمة المساجد الشيعية في المملكة للتحريض على العداء الطائفي في المجتمع السعودي، وردّاً على تلك التهديدات، طاردت قوات الأمن السعودية أعضاء تنظيم الدولة الإرهابي، موقعة ضربات شديدة بالمنظمة من خلال اعتقال بعض من عناصرها النافذين، بينما شيّدت المملكة سياجاً أمنياً بطول 600 ميل على طول الحدود السعودية العراقية، على غرار الجدار ذو الألف ميل على طول الحدود السعودية اليمنية لصد هجمات أي تنظيم إرهابي.
-سلمان الأنصاري: مؤسس ورئيس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية، والواقع في واشنطن العاصمة، كاتب سعودي ومحلل سياسي متخصص في الاتصالات الاستراتيجية والسياسية.