بلدي نيوز – حماة (مصعب الأشقر)
تتجمع معظم المراكز الأمنية واللوجستية في ريف حماة الغربي، بما في ذلك قيادة عمليات النظام بسهل الغاب في مدينة السقيلبية، ذات الأغلبية المسيحية دون سواها من المدن في المنطقة، مثل سلحب ومصياف العلويتين المواليتين للنظام.
وتقع السقيلبية في الجنوب الشرقي لسهل الغاب غربي محافظة حماة، وسط قرى وبلدات موالية للنظام، مثل حورات وعمورين والخندق، وأخرى محررة مثل قلعة المضيق، وبعضها تحت سيطرة النظام مثل العشارنة وحيالين.
حرص نظام الأسد منذ بداية الثورة السورية على تحويل المدينة إلى مركز أمني، حتى أصبحت تعد اليوم من أهم معاقل قواته في سهل الغاب، لا بل في ريف حماة الغربي ككل.
يقول عبد المعين المصري وهو أحد قادة جيش النصر أن النظام أحدث في المدينة عدة فروع ومراكز أمنية، ركز فيها ميليشيات مسيحية، مثل مقرات الدفاع الوطني، ونسور الزوبعة، و"غضب السقيلبية"، حيث تعد المدينة من جهة أخرى النقطة اللوجستية الأولى لدعم قوات النظام وميليشياتها المنتشرة في المناطق الموالية والقابعة تحت سيطرته في سهل الغاب.
ويتساءل البعض لماذا حول النظام السقيلبية إلى مركزه الأمني الأول في المنطقة دون المناطق الأخرى، مثل سلحب ومصياف المواليتين لنظام الأسد بطبيعتهما الطائفية؟
ويضيف القيادي في جيش النصر "يمكن القول أن غالبية أهالي السقيلبية من المسيحيين الذين رفضوا مشاركة أي طائفة ثانية في مدينتهم، لتبقى المدينة متحكمة ذاتياً بقراراتها وأحكامها دون السماح لأحد من غير المسيحيين بالاشتراك في إدارة المدينة، التي أصبحت تتمتع بشيء أقرب ما يكون "للحكم ذاتي" إن صح التعبير، إلا أن نظام الأسد ومنذ تفجر الثورة ضده، جعل من المدينة مقصداً لشبيحته من كل الأديان والطوائف، فسكنها العلوي والمرشدي والاسماعيلي والسني والشيعي من موالي النظام وعناصره".
ويتابع"نتيجة لذلك تحولت المدينة إلى ملاذ لشبيحة وعناصر أمن النظام ومن استجلبهم من مجرمين، لتصبح المدينة خليطاً تتضارب فيه المصالح والقوى، بعد أن نزعت الصدارة والكلمة من المسيحيين السكان الأصليين للمدينة".
وينوه المصري إلى أن جملة هذه التصرفات لم تكن عشوائية، بل مخطط مدروس ومنظم، فنظام الأسد لا يرضى بالطابع المسيحي للمدينة، التي تشكل خطورة عليه وعلى نظامه الذي يدعي حماية الأقليات، فسكان المدينة قد يقيمون شكلاً من أشكال التهدئة أو الهدن مع مناطق الثوار السنية الخارجة عن سيطرة النظام، الأمر الذي سيحرج النظام الذي يسعى لشيطنة الأغلبية السنية، ولصق صفة الإرهاب بهم، وفي حال حدوث أي تهدئة من هذا الشكل فهو سيخسر لقب حامي الأقليات، خصوصاً إذا كان الاتفاق بعلم بابا الفاتيكان.
وأضاف "منذ الشرارة الأولى للثورة، عمل النظام على إزالة الخصوصية المسيحية عن المدينة، وإغراقها بعناصره من العلويين والشيعة، ومن بعض الطوائف الأخرى، الأمر الذي دفع المسيحيين إلى الانخراط في ميليشيا الدفاع الوطني، أو تشكيل ميليشيات مثل ميليشيا "غضب السقيلبية"، أسوة بالتشكيلات الأخرى داخل المدينة، مثل فرع سهل الغاب لميليشيا الدفاع الوطني، والذي معظم عناصره من العلويين "المستوردين" إلى مدينة السقيلبية، حيث عمد ذلك الفرع إلى التحكم بالسكان المسيحيين، من خلال اعتقال الشباب والهيمنة على كل مقدرات المدينة، وفرض أتاوات على التجار والمحلات وأصحاب الحرف، كل هذا أدى إلى تشكيل عصابات تشبيحيه داخل المدينة من المسيحيين فقط، الذين وجدو مرابح سريعة في مثل تلك الأعمال التي تدر المال والسلطة الأمر، الذي غذى روح العداء بين تلك العصابات، لتصل إلى حد الاصطدام المسلح فيما بينها مثل ما حدث بتاريخ 29/3/2016 حيث اعتقل فيليب سليمان أبو عدي، الشبيح الثاني بالمدينة من قبل قوات النظام، حيث جرت يومها اشتباكات مسلحة بين عناصر الأمن المقتحمين لمقر الدفاع الوطني بالسقيلبية، وعناصر الأخير وليس الأمس ببعيد حيث قتل 4 عناصر أمن عسكري على يد شبيح من قرية الخندق، والذي غضب بسبب محاولة دورية من الأمن العسكري اعتقال أخيه الفار من الخدمة الإلزامية لاسيما أن أكثر من 200عائلة من قرية الخندق العلوية تسكن مدينة السقيلبية، الأمر الذي شكل توتر حقيقي بالمدينة".
وأشار القيادي إلى أن النظام استخدم كذلك تكتيك تحويل المدينة لهدف للثوار عبر تركيز مدفعيته وراجمات صواريخ في المدينة، وقصف المدنيين بها في القرى المحيطة بها، لتستهدف من خلالها القرى والبلدات المحررة المحيطة، مما جعلها هدفاً مشروعاً للثوار، الأمر الذي أوهم المسيحيين في المدينة بضرورة الالتحاق بصفوف النظام، وإلا خسروا مدينتهم وأرواحهم بحسب ما يبثه النظام في عقولهم من أخبار من خلال قنواته الإعلامية من أخبار وإشاعات.
وأكد "المصري" أن المسيحيين في مدينة السقيلبية ليس لديهم رتب عالية في قوات النظام، وبحسب مصادر داخل المدينة رفضت الكشف عن هويتها تتسلسل درجات الأهمية لعناصر قوات النظام في المدينة حسب الطائفة، فالعنصر العلوي هو صاحب اليد الطولى والكلمة المنفذة، على الرغم أن المدينة هي مدينة مسيحية أساساً.
الجدير بالذكر أن النظام أغرق المدينة المذكورة "بصبايا العطاء" والبارات الليلية، لتتحول إلى مقصد للمجرمين والسفاحين، والمتسلطين القادمين من القرى الموالية، الذي يهدف النظام إلى توطينهم في السقيلبية، لإبقاء التوتر قائماً بالمدينة، الأمر الذي يجعل المسيحيين يتهافتون على الدخول تحت جناح قوات النظام وميليشياته من جهة، وليحافظ على هدوء تلك القرى والبلدات الموالية من الصراعات الداخلية، لاسيما سلحب ومصياف من جهة أخرى.