بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
أثار قرار وزارة الخزانة الأمريكية، الذي يسمح بجميع المعاملات المحظورة، بموجب قانون العقوبات، واللازمة لجهود الإغاثة من الزلزال في سوريا، الكثير من التساؤلات حول مصير تلك "العقوبات"، وهل تراجعت واشنطن عنها، وما مدى تأثيرها على النظام على المدى البعيد.
اعتبرت بعض اﻵراء أن ذلك مقدمة للتطبيع وتمهيد من واشنطن بهذا اﻻتجاه، فيما بددت آراء أخرى تلك المخاوف، مستندةً إلى بعض المعطيات.
وتبع القرار اﻷمريكي، هجوم واسع شنه مسؤولون موالون، على المجتمع الدولي، واﻻتحاد اﻷوروبي، والأمم المتحدة، خلال اليومين الماضيين، وصفوا الإجراء اﻷمريكي، بـ"البروباغندا"، و"الوهمي"، رغم أنّ "المساعدات اﻹنسانية" حطت رحالها في مطارات النظام.
صفعة أمريكية
وصف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، مايكل ماكول، والعضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيمس ريش، الترخيص الممنوح من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، بأنه "صفعة بوجه الشعب السوري".
ووفقا لـ"ريتش وماكول" فالعقوبات في أصلها تتضمن استثناءات للعمل الإنساني الذي مكّن المنظمات الإنسانية، من العمل لسنوات، وانتهى بالقول إن هذا يبرهن على كون خطوة السماح بالمعاملات المالية المباشرة مع النظام "غير ضرورية".
كما توقع المسؤولان اﻷمريكيان، أن يكون هذا الترخيص، فرصة لخلق مسار لتطبيع العلاقات. من خلال بيانٍ صحفي.
سلوك طائش
لم يختلف رأي عضو مجلس النواب في الكونجرس، فرينش هيل، عن الكلام السابق، واعتبر أن منح الإذن للمعاملات المالية المباشرة مع النظام، هو "سلوك طائش"، في تغريدة له عبر "تويتر".
سرقة المساعدات
اللافت أن التصريحات السابقة أجمعت على مسألة "سرقة" النظام للمساعدات، فقد عبّر عنها "هيل" بالقول "لا ينبغي أن نسهم بملئ جيوب المسؤول عن اضطهاد السوريين"
وكذلك توقع كلّ من كول وريتش "إساءة استخدام النظام لهذا الترخيص، عبر المساعدات".
امتعاض النظام
بالمقابل، ارتفعت وتيرة انتقادات المسؤولين الموالين، في وزارة الخارجية، ومجلس الشعب، لـ"منح الترخيص اﻷمريكي"، متهمينها بـ"الوهمية"، وأتى ذلك على لسان، مدير المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين، التابعة للنظام، السفير عماد مصطفى، وعضو مجلس الشعب، محمد خير العكام، وتدندن الصحف الرسمية، وحتى في تصريحات وزير الصحة التابع للنظام، على وتر رفع العقوبات بالكامل، ووصفها بـ"الجريمة اﻹنسانية".
يشار إلى أن التصريحات السابقة أتت متزامنة، مع دخول المساعدات مناطق سيطرة النظام، حيث استقبل اﻷخير بعد الزلزال ما يزيد عن 60 طائرة مساعدات، تحتوي على معدات إنقاذ وموادّ طبية وموادّ غذائية، إضافة إلى عدد من فِرَق الإنقاذ، كما استَقبَل سيارات موادّ غذائية ومحروقات وغيرها من الأردن والعراق ولبنان.
اﻻستثمار في الكارثة
وعلى صعيد متصل، أجمعت تحليلات سياسية أنّ النظام، يحاول اﻻستثمار في هذه "الكارثة" وتجييرها لمصلحته، وهي المحاولة الثانية في هذا السياق، ففي تقرير لموقع "جسور للدراسات"، جاء فيه "وهو ما يُكرره عند كل أزمة يواجهها، حيث أطلق النداءات نفسها في عام 2020 بعد تفشي فيروس "كوفيد-19"، وقامت الولايات المتحدة حينها برفع بعض العقوبات".
وتابع التقرير "إلا أن الأمر لم يغير أي شيء في جهود الإنقاذ والطبابة للسكان، حيث حوَّل النظام معظم المكاسب المتحصل عليها في فترة كورونا للاستخدام في المشافي العسكرية وعلى الجبهات، أو تمّت سرقتها من قِبل النظام".
تبديد المخاوف
بالمجمل، انقسمت اﻵراء والتحليلات، بين متخوفٍ من الخطوة اﻷمريكية، وآخر بدد تلك المخاوف، على اﻷقل في الوقت القريب.
في التقرير الذي نشره موقع "جسور للدراسات"، ما يبدد تلك المخاوف، حيث يقول "وتؤكد هذه المعطيات أن النظام لم يصل إلى هدفه من المطالبة برفع العقوبات، وأن التعديلات الأمريكية الأخيرة لا تمثل إعادة للتطبيع مع النظام، بقدر ما تُمثِّل سحباً لبساط المظلومية من تحت أقدامه، ورمياً للكرة في ملعب النظام وحلفائه، وتحميلهم مسؤولية عدم الاستجابة لمساعدة المتضررين".
وتفرض واشنطن والاتحاد الأوروبي، عقوبات على النظام، وأبرز المسؤولين فيه ورجال الأعمال النافذين، لتورطهم في جرائم الحرب في سوريا.
ودخلت العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام بموجب قانون "قيصر" حيز التنفيذ في حزيران 2020، وينص القانون على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام، ويلزم رئيس الولايات المتحدة اﻷمريكية بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد.