كيف تواجه السويداء إيران و"الأسد"؟ - It's Over 9000!

كيف تواجه السويداء إيران و"الأسد"؟

بلدي نيوز - (تركي مصطفى)

مع تصاعد أعمال العنف الأخيرة في مدينة السويداء تواجه "المحافظة" أزمات متراكمة تفاقمت إلى الحد الذي أغرقها، في لجة من الانكماش السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتصاعد على مدى سني حكم آل الأسد ليصبح المشهد في المحافظة التي يشكل أبناء طائفة الموحدين الدروز غالبيتها العظمى، مجرد أكثرية "حيادية وأقلية ثورية"، وعلى الهامش تظهر مجموعة سماسرة وقتلة من أمثال "كتائب البعث" و"تجار المخدرات" و"عصابات" تتبع للأجهزة الأمنية وبالأخص "الأمن العسكري" و"ميليشيا حزب الله اللبناني". 

 

من حاطوم إلى البلعوس 

تبرز أهم أسباب "الانكماش" في السويداء في سياسة الأسد المركزة على المحافظة، وهي سياسة جرى إعدادها وتوفير أدواتها منذ العام 1966م لإنتاج واقع جديد في تلك المناطق، وانصب تركيزها على المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك على نحو ما اتبع من أساليب طائفية للتخلص من (سليم حاطوم) آخر الرموز العسكرية الدرزية المناهضة للأسد الأب في بنية نظام البعث، والذي مثل عامل قلق له بعينه، لتطوى شوكة الطائفة الدرزية مع التصفيات اللاحقة التي شملت غالبية كبار الضباط الدروز (اللواء فهد الشاعر واللواء حمد عبيد)، وكذلك الشخصيات السياسية الدرزية كـ"حمود الشوفي ومنصور الأطرش وشبلي العيسمي". وأخيراً، وليس آخرا اغتيال الشيخ "وحيد البلعوس" في عملية وصفها النظام بأنها "قطع رؤوس" الوطنيين الدروز ومحاولة إلحاق من تبقى بركاب العصبة الأسدية لتوظيفهم ضد السوريين إلى أجل غير مسمى، وهي لعبة الأسد في دغدغة عواطف الطوائف ولأهداف مرحلية تنتهي مثلما يخطط.

 

تنامي العصابات المسلحة في السويداء 

وفي محور آخر، تلعب الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد دورا فاعلا في محاولة تشويه مجتمع السويداء، حيث ذكرت مصادر محلية أن الأهالي في المنطقة سجلوا عمليات اغتيال وخطف استهدفت المدنيين كاغتيال شاب من آل الطويل في مدينة شهبا على يد عصابة يتزعمها اثنان، أحدهما من آل الخطيب والآخر من آل حرب. فقام الأهالي بمهاجمة بيوت العصابة ووجدوا فيها بطاقات أمنية تتبع للأمن العسكري وكميات كبيرة من المخدرات. كما وثقت المصادر أن متزعم عصابة أخرى يدعى "راجي فلحوط" من قرية عتيل يعمل لدى الأمن العسكري ويمارس مع عصابته أعمال القتل حيث قتل أحد الشبان من آل سريوي وأخر من آل العبد الله من القريا، فضلا عما يقوم به من نهب وتخريب، وفي السياق يبرز متزعم عصابة آخر يدعى ناصر السعدي من صلخد ومهمته ترويج المخدرات في أوساط المجتمع لمصلحة حزب الله اللبناني، كما اغتيل قبل أسبوع أحد متزعمي العصابات وهو من آل الحسين من قرية الطيبة يتبع للأمن العسكري. ولا يقل عنهم إثارة للبلبلة والفوضى والاغتيالات المدعو رشيد سلوم قائد الدفاع الوطني (الشبيحة) ونائبه مهند جودية وكلاهما يتبعان لإيران. 

 

تشكيلات عسكرية جديدة 

نتيجة هذه التحولات التي تعصف بالسويداء، وعلى رأسها تفاقم الأزمة الاقتصادية وتصاعد أعمال القتل والنهب، والمخاوف من توسع نشاط "عصابات الأسد" و"ميليشيات إيران" ظهرت تشكيلات سياسية بأذرع عسكرية تشير إلى اتجاهين: مواجهة تهديد تنامي العصابات، ومواجهة تهديد الميليشيات الإيرانية. ومن أبرز هذه التشكيلات: 

حركة رجال الكرامة 

تعد حركة "رجال الكرامة"، أبرز القوى السياسية الفاعلة في محافظة السويداء، بوصفها الحركة التي ظلت متماسكًة في كيانها التنظيمي، وموقفها السياسي، رغم اغتيال زعيمها المؤسس الشيخ "وحيد البلعوس"، وما أبدته من تأييد معلن للثورة السورية ورفض التدخل العسكري الإيراني في المحافظة، فضلا عن كون الحركة لها نفوذ متصاعد في الأوساط المحلية ودعمها لمشروع الدولة الوطنية، بما يتوافق ورؤية الثورة السورية.

 

حزب اللواء السوري 

 هيئة سياسية ذات توجه عسكري؛ وقد أُعلن عن تأسيس هذا الكيان الصحافي السوري مالك أبو الخير في فرنسا، والذي يتحدر من مدينة قنوات بالقرب من مدينة السويداء، حيث جاء في مقدمة بيانه الأول لتحديد أهدافه وخطواته أنه "بعد توزع القوى في سوريا إلى مناطق نفوذ أميركية وروسية وتركية وميليشيات لبنيانية وعراقية تابعة لإيران، وتحول الجنوب السوري ساحة صراع بين أطراف دولية عديدة سعت إيران بالتعاون مع أجهزة الأمن إلى دعم عصابات إرهابية مسلحة وقدمت لهم بطاقات أمنية وكل التسهيلات لتشويه صورة السويداء عبر ضرب تاريخها المشرّف، حيث تحولت المحافظة من مكان يحتمي فيه أبناء سوريا من أهوال الحرب إلى مكان لخطفهم وتعذيبهم.. وأغرقت المحافظة بالمخدرات ونشرت الفساد وما نتج منه من فقر وقهر وعجز مالي حول شباب بني معروف مرتزقة تقبل الذهاب إلى ليبيا وغيرها من الدول من أجل تأمين لقمة عيشها".

قوة مكافحة الإرهاب 

تعتبر "قوة مكافحة الإرهاب" التي يقودها سامر الحكيم، الذراع العسكري لحزب اللواء السوري، التي دخلت في صراع ضد راجي فلحوط أحد متزعمي عصابات "شعبة المخابرات العسكرية"، وكذلك ضد مجموعة "الدفاع الوطني" (الشبيحة).  

هكذا يبدو باختصار مشهد السويداء، ولكن الأبرز فيه ولادة تنظيم حزب اللواء السوري الذي يسعى لمواجهة إيران والعصابات المرتبطة بنظام الأسد ويتوقف هذا على ما قد يحققه من مكاسب عسكرية، ولكن، توقيت إعلانه، وتداعياته، تشير إلى أن هدفه الأساسي أمني عسكري، مع ما ينطوي عليه ذلك من أهدافٍ اقتصادية وسياسية، تحقق استراتيجيته المعلن عنها في بيانه الأول؛ إذ لا نيَّة لهذا الحزب، الآن، في توسيع دائرة الصدام العسكري؛ فأقصى ما يهدف إليه توجيه ضربات موجعة، تحقق أهدافًا محدّدة وقيِّمة، في عدة مجالات أمنية هامة.  

نتيجة 

يكشف المشهد العام في السويداء، أن أطراف الصراع الداخلية المناهضة لنظام الأسد وإيران، يعنيها الخلاص من العصابات المرتبطة بالأجهزة الأمنية وإعادة الاستقرار للمحافظة والدفاع عنها، ويتصدر ذلك "حركة رجال الكرامة"، و"حزب اللواء السوري"، وكلاهما يحظيان بدعم شعبي واسع. ويتطلب تحقيق ذلك، العمل على بناء جسور الثقة بين الحركة والحزب بوصفهما المحرِّك السياسي الأبرز في السويداء.

مقالات ذات صلة

محافظ اللاذقية: بعض الحرائق التي حدثت مفتعلة

النظام يحدد موعد انتخابات لتعويض الأعضاء المفصولين من مجلس الشعب

"رجال الكرامة" تعلن إحباط محاولة لتصفية قاداتها

غارات إسرائيلية على القصير بريف حمص

إسرائيل تعلن القضاء على قيادي بارز بميليشيا الحزب اللبناني في سوريا

طائرات إسرائيلية تغير على تل الجابية في درعا