ماذا تبقَّى من جيش النّظام السّوري؟ ليس الكثير... - It's Over 9000!

ماذا تبقَّى من جيش النّظام السّوري؟ ليس الكثير...

War Is Boring - (ترجمة بلدي نيوز) 
إن الانطباع العام هو أن جيش النظام السوري لا يزال أكبر قوة عسكرية تشارك في الحرب السورية، وذلك جنباً إلى جنب مع ما يسمى بقوات الدفاع الوطني- الخدمة العسكرية المهيمنة تحت سيطرة حكومة الأسد والقائمة على التطوع، ولا تزال تصر وسائل الإعلام المتعاطفة على الأقل مع نظام الأسد بتقديم صورة "جيش النظام السوري على جميع الخطوط الأمامية" بأنّه مدعومٌ أحياناً من قبل قوات الدفاع الوطني، وبشكل أقل من قبل "الحلفاء".

إلا أن الحقيقة تكمن في التفاصيل، كما يقول البعض، والحقيقة هي أن الفحص الدقيق للحقائق على أرض الواقع يكشف عن صورة مختلفة تماماً، حيث أن قوات جيش النظام السوري وما يسمى بقوات الدفاع الوطني تشارفان على الانقراض تقريباً، فبسبب تجنّب الشباب السوري الالتحاق بالجيش والانشقاقات في صفوفه، ولأن نظام الأسد كان مُتشككاً في ولاء غالبية وحداته العسكرية، لم يتمكن جيش النظام السوري من التعبئة الكاملة.
في حين لم تقم أي من فرق جيش النظام السوري الـ 20 في أي وقت مضى من نشر أكثر من ثلث قوتها الرسمية على أرض المعركة، كما وأصيبت تلك الفرق- التي تبلغ قواتها، ما بين مئتي  وأربعمئة ألف من الجنود، بعدة موجات من الانشقاقات الواسعة، وأيضاً بخسائر واسعة النطاق في صفوفها، ناجمة عن عدم كفاءة قادتها العسكريين.
ومما لا يثير الدهشة، بأن نظام الأسد كان بالفعل يعاني من نقص خطير في قواته بحلول صيف عام 2012، عندما خلص مستشارون من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بأن الوحدات المنظمة على أسس دينية وسياسية قد أثبتت فعالية أكبر في القتال مما كان قد أثبته جيش النظام السوري.
وهكذا خلق النظام بالتعاون مع إيران، قوات الدفاع الوطني بشكل رسميّ، والتي كانت عبارة عن ميليشيا موالية للحكومة تعمل كعنصر جزئي احتياطي من المتطوعين في الجيش، يصورها صانعوها الإيرانيون باعتبارها معادلة لفيلق الحرس الثوري "الباسيج"، وأصبحت تلك القوات أداة ذات طابع رسمي، تمثل حالة مئات من "اللجان الشعبية" التي أنشأها حزب البعث السوري في ثمانينيات القرن المنصرم.
ووفقاً لمزاعم إيرانية، فإن وجود قوات الدفاع الوطني تلك، أدى لإضافة قوة مساعدة إضافية، قوامها 100،000 مقاتل إلى بنية القوات السورية، في عملت كمحفز لإعادة تنظيم جيش النظم السوري بأكمله بخليط من الميليشيات الطائفية.
وبدأ الحرس الثوري بالإضافة إلى مختلف الجهات الفاعلة، المحلية الأخرى، برعاية كتائب معينة من قوات الدفاع الوطني، فيما تضمنت هذه الجهات الفاعلة حزب البعث السوري، الحزب السوري القومي الاجتماعي، مجموعات من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا منذ عقود- مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة وجيش التحرير الفلسطيني، بل وحتى قوة الحماية "السوتورو" والتي تتكون من المسيحيين الآشوريين المحليين/ والسريانيين وبعضاً من الطوائف الأرمنية.
إن العملية ، أعطت النظام السوري الفرصة ليذهب أبعد من ذلك، حيث أنه أذن لعدد من رجال الأعمال والشخصيات الغامضة من الأقلية العلوية في سوريا لخلق ميليشياتهم الخاصة، حيث أن كلاً من هذه المنظمات تقوم بدفع رواتب أفضل بكثير لمقاتليها مما يستطيع جيش النظام السوري أو قوات الدفاع الوطني دفعه، وهكذا أصبح هذا الخيار بديلاً جذّاباً لآلاف من مؤيدي النظام.
وهكذا كانت عملية إعادة تنظيم جيش النظام السوري إلى زمرة من الميليشيات الطائفية قد اكتملت تقريباً، وذلك بحلول وقت التدخل العسكري الروسي في سوريا إلى جانب قوات النظام، في صيف عام 2015.
وفي المقابل، عند تخطيط هجوم مضاد ضد مقاتلي الثوار في شمال اللاذقية، قام الروس بإنشاء ما يسمونه بـ"فيلق الاقتحام الرابع "، التشكيلة النموذجية لما يمكن اعتباره في العصر الحديث قوات النظام المسلحة السورية، والذي يعتمد في هيكلته القيادية على الفرق الثالثة والرابعة السابقة في الجيش السوري، ويمارس السيطرة على لواء الحرس الجمهوري 103 وستة فرق أخرى من الميليشيات العلوية، والتي هي جميعها شركات عسكرية خاصة، تدار من قبل الحرس الجمهوري.
ويشمل فيلق "الاقتحام الرابع" (4TH) أيضاً على لواء نسر الزوبعة، التابع للحزب السوري القومي الاجتماعي ولواءين من ميليشيا حزب البعث.
ولأن تلك الفرق تفتقر إلى قوة النار، فقد تمّ تعزيزها من قبل بطاريات مدفعية الجيش الروسي، والمستمدة من فوج المدفعية الثامن، لواء المدفعية الـ120، لواء الحرس صواريخ مدفعية 439، وفوج الصواريخ ال20 والمجهز بـ TOS-1A، وللتخفيف من الضغط على هذه القوة، تقوم أربعة فرق عمل بحجم كتيبة، مستمدة من الألوية 28، 32، 34 قوة مشاة، ولواء مشاة البحرية 810، بتأمين الخطوط الثانوية ومستودعات الإمداد.
كما تم إنشاء منظمة عسكرية مماثلة في وقت لاحق في منطقة دمشق أيضاً، وذلك على الرغم من أن النظام لا يزال لديه خمسة ألوية من فرقة الحرس الجمهوري المنتشرة هناك، إلا أن هذه الوحدات تعجز عن إدارة العمليات الهجومية، لذلك يتم الإشراف على حملات الاقتحامات الكبيرة على مناطق تمركز الثوار في دمشق والغوطة الشرقية، من قبل لواءين من ميليشيا حزب الله اللبناني، بالإضافة لثلاثة ألوية من جيش التحرير الفلسطيني، ووكلاء محليين متنوعون من الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك الفرع السوري لحزب الله.
ولا تقوم فقط وحدات الميليشيات الشيعية العراقية بتأمين حي السيدة زينب، بل انتشرت أيضاً لمحاربة الثوار السوريين، وعلاوة على ذلك لعبت وحدات من فرع حزب الله في العراق، حزب الله في سوريا، الجبهة الشعبية-القيادة العامة، جيش التحرير الفلسطيني، وذلك تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، دوراً حاسما خلال الهجوم الذي أسفر عن الاستيلاء على مدينة الشيخ مسكين في حوران، وذلك في كانون الثاني من عام 2016.
وتبدو حالياً كل من حمص وحماة كالمحافظتين الأخيرتين اللتان تحتويان على أي شكل من التواجد للجيش السوري،ففي الواقع، هاتان المدينتان لا تحويان سوى مقرات رئيسية من مختلف وحدات الجيش السوري السابقة، الذين لا يزالون يرتدون بزاتهم الرسمية، في حين تتكون كتائبهم كلها من الميليشيات الطائفية المختلفة - بما في ذلك حزب البعث، و قد لعب هذا الأخير دوراً بارزاً في إنشاء العديد من "القوات الخاصة"، تلك الوحدات التي ذاع صيتها لعملياتها الهجومية شرق حمص، وجنوب حلب.
إن جميع الشركات العسكرية الخاصة، والتي يمولها رجال أعمال مقربون من الأسد، يتم دعم عملياتها في مناطق حمص الشرقية وتدمر من قبل عناصر بحجم كتيبة من لواء مشاة البحرية الـ61 الروسي ولواء 74 حرس مشاة.
وعلى الرغم من وجود وحدات مثل لواء مغاوير البعث، فإن محافظة حلب مسيطر عليها إلى حد كبير من قبل الإيرانيين، وفي المقام الأول قوات الحرس الثوري الإيراني، في حين يقال بأن قوات الحرس الإيراني تقوم بإدارة عمليات ثلاث أو أربع وحدات في سوريا، وهي في الواقع تقوم بإدارة كل من لواء الفاطميون (يلتحق فيه الهزارة الأفغان)، لواء الزينبيون (ويلتحق به الشيعة الباكستانيون)، في حين نشرت (الباسدران) أربعة من هذه التشكيلات الأخرى في محافظة حلب وحدها.
في حين أن العدد الأكبر من تلك المليشيات يعود لوحدات مختلفة من الشيعة العراقيين، بينهم تسعة تشكيلات بحجم لواء من "مقاتلي بدر" و"حركة الصدر"، وسبعة ألوية من حركة عصائب أهل الحق، خمسة ألوية من حركة أبو الفضل العباس، لواءان من وحدات التعبئة الشعبية العراقية وتسعة ألوية أخرى تضم شيعة عراقيين آخرين، وحتى أن وحدات من الجيش النظامي للجمهورية الإيرانية تتواجد الآن في سوريا، وذلك على شكل لواء 65 للوحدات الخاصة.

وحين قال الإيرانيون بأن لديهم حوالي 18.000 مقاتل في سوريا، وبالنظر إلى متوسط حجم الألوية التي نشرها الشيعة العراقيون والإيرانيون سابقاً في سوريا، فمن المرجح بأنهم يشرفون الآن على ما يقارب 40.000 مقاتل على الأقل.
وفوق كل ذلك، ينبغي علينا أن لا نتجاهل الوجود العسكري الروسي، والذي قد يكون في الواقع، أكبر من تقارير وسائل الإعلام الاعتيادية، فبالإضافة إلى الوحدات المذكورة أعلاه، تتضمن قوى موسكو عناصر ما لا يقل عن أربعة ألوية "سبيتسناز" لواء 3، 16، 22 و 24، والمسؤولة في المقام الأول عن القواعد الجوية لحميميم، والصنوبر بالقرب من اللاذقية والقاعدة الجوية لشعيرات في جنوب شرق حمص، ونظراً للتوقعات، فإن لدى الروس ما يصل إلى 15،000 من القوات في سوريا.

في المقابل، لا يكاد يكون هناك أي تواجد حقيقي وفعلي لقوات جيش النظام السوري الحقيقي، والقليل جداً من تواجد قوات الدفاع الوطني! كما من غير المرجح أن يكون لدى الأسد الآن أكثر من 70،000 جندي متبقٍّ تحت قيادته!

مقالات ذات صلة

نظام الأسد يدين دعم الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا بالصواريخ البالستية

إدانة من "الجامعة العربية" للتحركات الإسرائيلية على الحدود السورية

استهداف "باص مبيت" لقوات النظام بريف حمص

خسائر من الجيش الوطني بمحاولة تسلل لقسد بريف حلب

انسحاب ميليشيا الحزب اللبناني من احد مواقعها في ريف دمشق

بيدرسون يؤكد على ضرورة التهدئة الإقليمية مخافة امتداد التصعيد إلى سوريا