ABC – (شبكة بلدي نيوز)
تحدثت مراسلة شبكة "اي بي سي" في الشرق الأوسط صوفي ماكنيل إلى الجراح الأمريكي الذي يعمل داخل المستشفيات في حلب المحاصرة، مع المجلس الطبي في المدينة والجمعية الطبية الأمريكية السورية (SAMS)، وفيما يلي شهادته لما يحدث في داخل حلب المحاصرة الواقعة بأيدي الثوار السوريين حالياً.
يقول الطبيب "لقد كان الجحيم بأمّ عينه، إن الشيء الوحيد الذي دفعني إلى متابعة عملي كان شجاعة وتضامن العاملين في المجال الطبي من حولي، لقد كان ذلك الحال مستمراً بهذه الطريقة في كل يوم قضيته هناك، ولكن وفي اليوم الثاني للعيد كان هنالك قصف مكثف من طائرات الهليكوبتر الحربية وسلاح جو النظام السوري والروسي، لقد كان أسوأ ما قد رأيت في حياتي، وإن كل ما تم الإعلان عنه حول "وقف إطلاق النار" في وسائل الإعلام هو محض كذب".
وأضاف "عندما كنا نعمل، لطالما كان مبنى المستشفى بكامله يهتز بشدة، وتتكسر النوافذ من قوة الانفجارات القريبة منا، ولم يكن بإمكاننا إظهار أي خوف، لقد كان علينا أن نكون أقوياء أمام المرضى وزملائنا من العاملين معنا، إن الجميع هناك ليس لديهم أي خيار سوى بذل قصارى جهدهم لتقديم الأفضل".
وتابع الطبيب الأمريكي "في إحدى المرات قال لي أحد الممرضين بسخط بأنه يشعر وكأننا، لا شيء سوى بعض الحشرات الذين يتم سحقهم، في حين يتخلى العالم كلياً عنا، فكل يوم أسوأ من سابقه، مصاب عقب آخر دون توقف يتم دفع "نقّالاتهم" نحو غرفة الإسعاف الصغيرة، أطراف مشوّهة، أشلاء وجثث، أطفال قتلى، وصراخ آباء مؤلم. أناس ينزفون حرفياً حتى الموت أمامك وليس هنالك أي شيء يمكنك القيام به حيال ذلك، إنه لمؤلم جداً".
وأردف "فقط بضع ساعات هي ما أحظى به من النوم القلق والمضطرب في أي مكان كان، هذا ولم أذكر سوى شهادة شخص واحد فقط "أنا"، حيث لم أتطرق بعد للأطباء والممرضين الآخرين والمدنيين الأبرياء الذين يعيشون في ذعر مستمر".
وقال "لقد اضطررنا في غرفة الطوارئ، للقيام بتلك الإجراءات التي كان ينبغي القيام بها في غرفة العمليات، على أطفال، يصرخون لآبائهم وأمهاتهم وأشقائهم المفقودين، حيث لم يكن هنالك من غرف عمليات متاحة، بينما يستمر زخم المصابين بالتوافد، وعلينا بسرعة تقديم كل المساعدة الممكنة، و كان علي فعل أشياء لم أتصور أن أفعلها أبداً، كغسل الكسور المفتوحة في غرفة الطوارئ الغير المعقمة كلياً، ولكن بامتلاء كل غرف العمليات بالكامل، عليك أن تفعل كل ما تستطيع بسرعة".
وأشار الطبيب الأمريكي إلى أن الطريق الرئيسي إلى حلب مستهدف عبر القصف الجوي المكثف ونيران القناصة، حيث أن تهديد فرض طوق الحصار على المدينة أصبح وشيكاً، ولكن كل ما يمكننا القيام به هو التركيز على الأشخاص الذين يصارعون بين أيدينا.
وقال الطبيب الأمريكي "لقد كانت جميع غرف العمليات ممتلئة بالمصابين الذين يخضعون لعمليات جراحية لإنقاذ حياتهم، في حين اضطررنا للقيام ببعض الإجراءات الطبية في الرواق خارج غرفة الطوارئ، حيث قام بعض الأطباء والممرضين بغرز أنابيب "مفجرات الصدر" في اثنين من المرضى لإنقاذ حياتهم والسماح لرئتيهم بالتوسع وعدم الموت اختناقاً أو كما يسمى طبياً "غرقاً"، وفي الوقت نفسه، فإن غرفة الطوارئ تعج بالفوضى المطلقة مع المزيد من المتوافدين من المصابين".
وأضاف "لقد اضطررنا بأسف وحزن شديدين على التوقف عن القيام بالإنعاش القلبي الرئوي على بعض الأطفال الذين لربما استطعنا حينها إعادتهم للحياة، ولكننا اضطررنا لتركهم لإيقاف نزيف أولئك الذين ينزفون بشدة في اللحظات ذاتها، ولكنهم على قيد الحياة، لقد كان ذلك مؤلماً حقاً".
وتابع "ليست هذه بقرارات سهلة حتى على أكثر الأطباء حنكة وخبرة، ولكن وفي سوريا، لقد كانت هذه القرارات يومية، ليس لدي أي كلمات لوصف الذعر والرعب هناك، لقد رأيت الكثير من الناس وهم يموتون، حيث تستيقظ مرتعشاً من غفوة خاطفة، لتذهب إلى وحدة العناية المركزة لمعرفة من لا يزال على قيد الحياة ومن قد توفي".
واستطرد الطبيب الأمريكي بالقول "إن الكادر التمريضي وعمال الإنقاذ في سوريا، هم المجموعة الأكثر شجاعة وجرأة، إنهم لا يريدون أي تعاطف كان أو دموع أو عزاء أو اعتذارات أو مخاوف أو قلق، لقد قال لي البعض بأنهم في حاجة ماسة للمزيد من أكياس الجثث، بينما كرر الجميع هناك مطلبهم الوحيد بأنهم لا يريدون سوى لهذه الضربات الجوية أن تتوقف".