بلدي نيوز
"لا يمكنك أن تتوقع من معذبك أن يهتم بصحتك"، هذه الحقيقة البديهية التي قالها المعتقل السوري السابق "عمر الشغري" الذي قضى أكثر من ثلاث سنوات في أسوأ زنازين نظام بشار الأسد، وكان عمره 15 عاما، لـ "جوش روجين" كاتب مقال في صحيفة واشنطن بوست.
وعلق "روجين" على ذلك بأنه إذا أصيب عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء في سجون الأسد بفيروس "كورونا"، فإن هذا المرض المعدي الذي قد يكون مميتا سيدور بالتأكيد على جلاديهم، ولذلك فإن الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها السجانون إنقاذ أنفسهم هي إطلاق سراح ضحاياهم الآن.
وأشار الكاتب إلى أنه اعتبارا من الأربعاء الماضي، "أعلنت الحكومة السورية عن وجود 19 حالة كورونا فقط في كل أنحاء البلاد، بما في ذلك حالتا وفاة".
وأضاف منتقدا: "ما أعلن كذبة وقحة وخطيرة"، مستشهدا بما قاله مسؤول كبير في إدارة ترامب بأنها "مثل كوريا الشمالية، ونحن نعرف أنه هناك، وهم يعرفون أنه هناك".
وعلى الرغم من الحالة البائسة التي يعيشها السوريون النازحون من إدلب بسبب هجمات النظام وقصف الطائرات الروسية المستمر على المستشفيات، فإن الأشخاص الأكثر ضعفا في سوريا -كما يحكي الشغري- الذين يعانون أكثر من غيرهم في ذلك البلد وربما في العالم؛ هم أولئك الذي يتعفنون في شبكة أقبية سجون الأسد.
وبالنسبة لهم فإن فيروس "كورونا" هو أقل ما يقلقهم، فالرجال والنساء والأطفال يحشرون في الزنازين مثل الحيوانات ولا يخرجون منها إلا لجلسات التعذيب اليومية.
وكان "الشغري" شاهدا على انتشار داء السل الذي أصيب به، ومع ذلك فإن معظم السجناء يموتون بأيدي بشر وليس بالفيروسات.
وفي العنبر 215 المعروف بـ "عنبر الموت"، وفي سجن صيدنايا الذي صنفته منظمة العدل الدولية "مسلخا بشريا"، رأى "الشغري" السجناء وهم يقتلون فقط لأنهم كانوا يقولون إنهم مرضى.
ويضيف "الشغري": "الأطباء أنفسهم كانوا يقتلون السجناء، فكيف يمكن أن تتوقع من أطباء يقتلون السجناء أن يعالجوهم الآن؟، لكن إذا كان فيهم وعي فقد يقولون يجب أن ننقذ السجناء لإنقاذ أنفسنا".
ويعلق "روجين" على كلام "الشغري" بأنه يجب على الحراس أن يدركوا أنه لا يمكنهم حماية أنفسهم من الفيروس وتعذيب السجناء في الوقت نفسه، وأنهم جميعا يجازفون بالإصابة بالعدوى والموت، وبما أن هناك شبكة نقل ضخمة تنقل السجناء داخل النظام، فهذا يعني أنه إذا انتشر الفيروس في سجن واحد فسينتشر في جميع السجون لا محالة، ومع ذلك يرى أن النظام السوري لن يفرج عن السجناء أو حتى حماية أفرادها ما لم تواجه ضغطا أكثر للقيام بذلك.
وختم مقاله بالقول، إن العالم وقف متفرجا لسنوات دون ممارسة ضغط حقيقي على الأسد في أبشع الجرائم ضد الإنسانية، وإذا كان هناك وقت لتأكيد هذه القضية فهو الآن، وإذا كان الأسد لا يمكن إقناعه بتحرير هذه الأنفس الضعيفة فربما يدرك الجلادون الذين يعذبونهم أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تنجيهم.
المصدر: الجزيرة نت