قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" اليوم الاثنين، إنها وثقت مقتل 979 من الكوادر العاملة في المجال الإنساني على يد قوات الحلف السوري الروسي في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى 20/ كانون الأول/ 2019، يتوزعون إلى 882 على يد قوات النظام السوري و97 على يد القوات الروسية.
وجاء ذلك في تقرير أصدرته، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لقصف قوات النظام السوري والروسي قافلة المساعدات الإنسانية بريف حلب إنَّ تقرير مجلس مقر الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الخاص بالهجوم غير كافٍ ويجب محاكمة النظام الروسي والسوري، وطالبت الأمم المتحدة بمتابعة مسار الملف.
وذكر التقرير الذي جاء في تسع صفحات أن قوات النظام السوري لم تكتفي بمحاصرة مناطق تحتوي عشرات أو مئات آلاف الأشخاص، بل منعت المنظمات الإنسانية المحلية والدولية من إدخال المساعدات الإنسانية وتقديم الخدمات الطبية، ثم قصفت المراكز التي تُقدِّم هذه الخدمات داخل تلك المناطق المحاصرة.
وأكَّد التقرير أن النظام السوري تفوق في مستوى الوحشية على كثير من الأنظمة الدكتاتورية العنيفة، ثمَّ اتبعت القوات الروسية بعد تدخلها في سوريا في 30/ أيلول/ 2015 النَّهج ذاته، وقصفت على نحوٍ مُتعمَّد مراكز طبية، ومراكز للدفاع المدني ضمن المناطق المحاصرة وخارجها وقصفت وأعاقت قوافل إغاثية ومنعت وصولها إلى مستحقيها.
ولفت التقرير إلى أن استهداف المنظمات الإنسانية لم يتوقف عند التضييق على عملها أو حظرها، بل تعدى ذلك إلى عمليات اعتقال وملاحقة وقصف موجَّه ومقصود، كل هذا شكَّل تحدياً كبيراً أمام الأشخاص الذين يرغبون في الانضمام إلى هذه المنظمات والعمل معها سواء كانت دولية أم محلية، وكذلك أمام المانحين والمنظمات الدولية الشريكة.
واعتبر التقرير أن الهجوم الذي قامت به قوات النظام السوري واستهدفت به قافلة المساعدات الإنسانية التي كانت تشرف عليها منظمة الهلال الأحمر السوري في قرية أورم الكبرى في 19/ أيلول/ 2016 قد شكَّل صدمة للمجتمع الإنساني والحقوقي والإعلامي، وقد أنشأت الأمم المتحدة على إثر هذه الحادثة مجلساً داخلياً للتحقيق تابعاً لها، يهدف إلى تقصي الحقائق في هذا الهجوم.
ويهدف التقرير إلى تذكير الأمم المتحدة بهذه الحادثة وبأنه لم تجرِ أية متابعات جدية تذكر بعد صدور تقرير المجلس الداخلي التابع لها، وهذا بحسب التقرير يُفقد تقارير التحقيق مصداقيتها بحيث لم يتم البناء عليها، كما يُحلل هذا التقرير نتائج تحقيقات المجلس التابع للأمم المتحدة ويُفنِّد أبرز نقاط الضعف التي وردت فيه.
وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 3847 من الكوادر العاملة في المجال الإنساني لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري منذ آذار 2011 حتى الآن، وجاء في التقرير أن ما لا يقل عن 1447 حادثة اعتداء على مراكز حيوية عاملة في المجال الإنساني نفذتها قوات الحلف السوري الروسي منذ آذار/ 2011 حتى 20/ كانون الأول/ 2019، نفَّذت قوات النظام السوري منها 1044 حادثة اعتداء في حين أن القوات الروسية نفَّذت 403.
واعتبر التقرير أن أحد أبرز نقاط الضعف التي اعترت تقرير المجلس الخاص بالأمم المتحدة هو افتقاره إلى تحديد المسؤول عن الهجوم بدقة، حيث لم يؤكد التقرير مسؤولية قوات الحلف السوري الروسي عن الهجوم واستخدم كلمات عامة وغير محددة لتحديد المسؤولية، على الرغم من استبعاده تورط قوات التحالف الدولي وتأكيده عدم قدرة المعارضة المسلحة على تنفيذ مثل هذا الهجوم.
وأشار التقرير إلى التقارير التي أصدرتها كل من منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومدونة بيلنغكات والشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي استعرضت فيها تحقيقاتها حول الحادثة، والتي أثبتت مسؤولية الحلف السوري الروسي أو قوات النظام السوري عن الهجوم، ولا يمكن قبول أنَّ هذه المنظمات تمتلك القدرة والأدوات والخبرة لتحديد المسؤولية بشكل أكبر من قدرة الأمم المتحدة.
وشدد التقرير على أنّ تحديد المسؤولية هي أهم خطوات المحاسبة وبالتالي تحقيق العدالة، وتساءل عن معنى إنشاء لجنة للتحقيق وإصدار تقرير دون الوصول إلى نتيجة تحدد من قام بالقتل والقصف، واعتبر أن تحديد وقوع أن هناك قصف وقتل وحرق قافلة، عمل بسيط وليس بحاجة إلى لجنة تحقيق وإصدار تقرير، ويكفي وجود عدد من الصور والمقاطع المصورة وأخبار الأهالي عن ذلك، إن عدم تحديد مسؤولية مرتكب الجريمة يُشيع ثقافة الإفلات من العقاب، ويشجع النظام الروسي والنظام السوري على ارتكاب المزيد من الجرائم المماثلة.
وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإعادة تقييم درجة خطورة انتهاكات حقوق الإنسان ودرجة تهديدها للأمن والسلام الإقليميين والدوليَين، واللجوء إلى الفصل السابع لحماية العاملين والمنشآت في الحقل الإنساني في سوريا، والتَّوقف عن اعتبار الحكومة السورية طرفاً رسمياً "بعد أن ارتكبت جرائم ضدَّ الإنسانية" فيما يتعلق بالجانب الإغاثي، والتَّوقف عن إمدادها بالقسم الأكبر من المساعدات المالية والمعنوية، والتي غالباً لا تصل إلى مُستحقيها بل إلى الموالين للحكومة السورية.