بلدي نيوز – (صالح أبو اسماعيل)
أعلن نظام الأسد يوم الجمعة، عبر الناطق باسم قيادة قواته المسلحة، عن عزمه تطبيق "نظام تهدئة" في عدة مناطق من سوريا تشمل دمشق وريف اللاذقية الشمالي، بداية من الساعة الواحدة يوم 30 نيسان، وحجة النظام في هذه "التهدئة" هي منع "الجماعات الإرهابية" من استهداف المدنيين (حسب البيان).
يكرس نظام الأسد في بيانه ويؤكد استخدامه لأسلوب الاستفراد بالمناطق التي ينوي العمل عليها وتركيز قواته فيها، فالنظام الذي أصدر البيان بلهجة استعلائية مشابهة لكل البيانات والتصريحات السابقة، مستخدماً مصطلح " نظام تهدئة "بدل كلمة "هدنة" بهدف إعطاء مفهوم ضبابي لتهدئته المزعومة.
فالنظام لم يشرح ماذا يعني "نظام التهدئة" الذي ينوي تطبيقه في تلك مناطق لأربع وعشرين ساعة وفي منطقة أخرى لثلاثة أيام، فهل ستشمل "التهدئة" توقف الأعمال القتالية بشكل كامل؟ أم توقف القصف الجوي فقط أم المدفعي أم أموراً أخرى؟
الأمر الأهم في التهدئة التي أعلنها النظام هي أنها لا تشمل حلب بل تشمل جبهتين مختلفتين تماماً هما دمشق وريف اللاذقية الشمالي، حيث يسعى النظام على ما يبدو لضمان حالة الهدوء وحماية مواقعه فيهما، بينما يحضر الأوضاع للهجوم على حلب، خشية تنفيذ الثوار لهجمات أو عمليات ضد قواته هناك رداً على قصفه لحلب.
فمن مصلحة النظام أولاً وأخيراً توقف العمليات العسكرية في تلك المنطقتين، على الرغم من أنه لن يلتزم بذلك، فالنظام يعمل الآن على تجميع قواته في حلب، والتحضير للهجوم مستغلاً الموافقة والدعم الدوليين.
فعمليات تبريد الجبهات تعتبر مفتاح النجاح في هجوم النظام على حلب -إن حدث- فلو فتحت الآن معركة كبيرة في ريف حماة الشمالي أو ريف اللاذقية، أو حتى درعا فضلاً عن دمشق، لاضطر النظام مجبراً على تأخير معركة حلب حتى يتوقف القتال في الجبهات الأخرى.
ما يعني وجود إمكانية كبيرة للتخفيف عن حلب وإفشال مشروع النظام، بفتح جبهات درعا والساحل و ريف حماة، وبخاصة دمشق، فهجوم منظم في ريف دمشق سيكون صاعقاً للنظام وبخاصة بعد سعيه للتهدئة في المنطقة.
تطهير طائفي
يعمل النظام الآن على تفريغ المدينة من السكان، فهو يحاصر المدينة من معظم المحاور، ولايزال هناك أقل من 30% من محيط المدينة بيد الثوار، في حين يسيطر النظام والميليشيات الكردية على 70% من محيط المدينة، فعملية القصف الحالي لها هدف أساسي يتمثل بتهجير المدنيين بداية، وإجبارهم على الخروج منها لعدة أسباب، أولها التطهير العرقي، فالأحياء التي خرجت على النظام في حلب هي الأحياء السنية في المدينة، والتي تعتبر أحياء شعبية محافظة، ولها تاريخ ضد النظام وارتكب فيها النظام مئات المجازر منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة وتوريثها لبشار الأسد الذي لم يتوانى لحظة عن قصفها بكل أنواع السلاح منذ اندلاع الثورة السورية في شهر آذار 2011.
يحاول النظام تكرار سيناريو حمص في حلب، مستخدماً خليطاً من التكتيكات النازية خلال الحرب العالمية الثانية، والتكتيكات الروسية خلال معركة غروزني، ما يعني بشكل أو بأخر أن عملية القصف "العنيف" والمركز على المناطق الحيوية ستستمر لفترة، حتى تحدث عملية نزوح كبيرة من المدينة.
حيث ستشمل الضربات المشافي أولاً، ثم المخابز والأسواق والمناطق التي تؤثر بشكل مباشر في معيشة المدنيين، وتعقد الأمور للحد الذي يدفعهم للخروج من المدينة، إن لم يكن خوفاً من القصف فبسبب انعدام القدرة على الحياة، وسيسمح النظام خلال هذه المرحلة بخروج السكان من المنطقة، بهدف تفريغها وكالعادة سيمنعهم من العودة إليها.