مجزرة القرن 21.. شهادات ناجين من كيماوي الأسد والعدالة نائمة - It's Over 9000!

مجزرة القرن 21.. شهادات ناجين من كيماوي الأسد والعدالة نائمة

بلدي نيوز - (مالك الشامي)
"مو معقول يضرب كيماوي، الغازات بتوصل على الشام، يا أخي نحن بالقرن 21 والله مجلس الأمن بروحه بدقيقة.. ما يعمل هيك شي.. النظام مجرم ويعمل كل شي بس هيك خطوة هو أجبن من أنو يعملها، بتعرف أنت وياه شو يعني كيماوي".
حالة من الدهشة والاستغراب هي أول شعور انتابني، ما إن بدأت استوعب ما يحدث حتى بدأت أهوال القيامة أشهدها في عيني، الجميع يلتقط أنفاسه الأخيرة".
مقتبسات من شهادات خلال لقاءات أجراها "بلدي نيوز" مع ناجين من مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية، حيث فضل الشهود استخدام أسماء مستعارة خشية ملاحقة النظام لذويهم داخل الغوطة الشرقية، لما لملف الكيماوي من أهمية لدى النظام وحلفائه، الملف الذي يحاول منذ سيطرته على مدن وبلدات الغوطة الشرقية إخفاء آثاره وأدلته وطمس الجريمة وتزوير الحقائق.
جريمة العصر
تحدث "أبو الكرم الأسمر"، وهو أحد الناجين من أهالي مدينة زملكا في لقاء خاص لبلدي نيوز، عن اللحظات الأولى من مجزرة الكيماوي، قائلا "سقط الصاروخ الأول ولم ينفجر، أخبرت زوجتي أن العسكري الذي قام بقصف الصاروخ ابن حلال لأنه قايم بإبطال مفعول الصاروخ، ليتبع الصاروخ ثلاثة صواريخ أيضا لم تنفجر؛ فأكدت الرواية لزوجتي أن العسكري قام بإبطال مفعول الصاروخ وبعدها غفوت للحظات".
وأضاف، "بعد لحظات استيقظت على نداءات الجيران وتعميمات قبضات اللاسلكي تصيح "كيماوي كيماوي.. الكل يخلي الطوابق السفلة ويطلع على أسطح المنازل".
يقول الأسمر "هنا بدأت أشم رائحة الكيماوي، وعدت بذاكرتي إلى قبل دقائق عندما أخبرت زوجتي أن العسكري ابن حلال".
وأشار أن زوجته أصيبت بإغماء وطفله الوحيد بدأ الاختلاج يجتاح جسده الصغير، حائرا من يسعف قبل أن يصاب أيضا بالكيماوي، ليحمل طفله وهو يصيح "انصاب ابني ومرتي بدها إسعاف"، وصل إلى الطريق ولم يجد أي سيارة تسعف طفله والطرقات يفترشها جثامين الشهداء، ليغيب عن الوعي ويجد نفسه في المشفى بعد ساعات.
إخلاء الشهداء والمصابين
قال "أحمد اللحام"، وهو اسم مستعار أيضا لأحد سائقي سيارات الإسعاف في مدينة سقبا في القطاع الأوسط للغوطة الشرقية، أن الخبر وصلهم إلى المشفى الميداني في سقبا فور وقوع الحدث، حيث انطلق بسيارة الإسعاف إلى مدينة زملكا، وعندما وصل لم يصدق ما شاهده، حيث الطرقات مليئة بجثث الشهداء والمصابين، ليقوم بنقل 9 مصابين مختلجين فوق بعضهم داخل سيارته التي لا تتسع لمصابين اثنين، وخلال عودته إلى المشفى التي انطلق منها، بدأ يفقد توازنه حيث أصيب بالكيماوي من الرائحة التي علقت على أجساد المصابين الذين قام بنقلهم إلى سيارته، حتى وقف على حافة الطريق وبدأ الاختلاج يجتاح جسده، إلى أن وجد نفسه في المشفى بعد ساعات وجميع من كانوا معه في السيارة استشهدوا متأثرين بإصابتهم.
الأتروبين ومعالجة المصابين
تروي الممرضة "زينب حسين" وهي من كواد المشافي الميداني في الغوطة الشرقية، أن أول سيارة إسعاف وصلتهم تم التعامل على علاجها عبر وضعهم على المنافس وغسل أجسادهم ثم إعطاء المصاب أبرة نوع "أتروبين" بحسب إرشادات الأطباء المتواجدين، لكن بعد وصول الدفعة الثانية والثالثة بدأ الكادر الطبي يعجز عن معالجة الأعداد الكبيرة التي وصلت إلى المشفى.
وأضافت، "تساقط الكادر الطبي واحد تلوى الآخر داخل المشفى من رائحة الكيماوي التي نقلت بألبسة المصابين والشهداء، وبدأت أبر الأتروبين تنفذ والتي كميتها أساسا قليلة لعدم استطاع تأمينها بسبب الحصار المفروض على الغوطة الشرقية، ليرتقي عشرات المصابين بسبب عدم قدرتنا على علاجهم.
عدد الشهداء وطريقة دفنهم
أفاد مراسل بلدي نيوز سابقا في الغوطة الشرقية، والذي أصيب أثناء تغطيته للحدث، أن حصيلة المجزرة انتهت كوادر الإحصاء من توثيقها بعد عام كامل على المجزرة، ووصلت إلى 1452 شخصا موثقين بالاسم، منهم استشهد في اللحظات الأولى، وقسم آخر متأثرا بجراحه في الأسبوع الأول من المجزرة، والقسم الثالث الأجنة التي ولدت بعد أشهر من المجزرة.
وأشار مراسلنا، إلى آلية الدفن الجماعي، وإلى هذا اليوم وبعض الأهالي لا يعرف أين دفن ذويهم الشهداء، بسبب انقسام العوائل في المناطق المستهدفة إلى قسمين: الأول الشهداء، والثاني هم المصابون الذين فقدوا وعيهم داخل المشافي الميدانية، والأعداد الكبيرة للشهداء دفعت المشافي لدفن الشهداء فورا وبشكل جماعي توزعوا على أنحاء الغوطة الشرقية.
المجتمع الدولي!
"جريمة العصر"، "مذبحة القرن"، مئات الأرواح تقتل في آن واحد دون سقوط قطرة دم، والعالم يشاهد الجريمة على شاشات التلفاز ويكتفي بالتنديد وتوصيف الجريمة بمسميات وكأن الشعب السوري يعجز عن تسميتها وبحاجة ذلك.
وبالتزامن مع مجزرة الكيميائي بالغوطة الشرقية، في 21/08/2013، كانت لجنة تفتيش تابعة للأمم المتحدة موجودة في دمشق، حيث زارت اللجنة بعد أيام موقع الجريمة، بعد أيام من ارتكابها، وعاينت المواقع، وبقايا الصواريخ، وأخذت عينات من التربة، كما أجرت مقابلات مع عشرات السكان الناجين من المجزرة.
وبعد الزيارة هذه بأيام، أصدرت اللجنة تقريرها، حيث أكدت أن الهجوم المذكور، استُخدم فيه غاز السارين، قائلة إن الجهة التي نفذت الهجوم، خبيرة باستخدام الأسلحة المزودة بغازات سامة، وإن الذين نفذوا الجريمة، اختاروا المناخ والتوقيت الملائمَين، لتنفيذ الهجوم بحيث يوقع أكبر عدد من الضحايا.
لكن تقرير اللجنة الأممية الذي حدد كمية الغاز المُستخدم ونوع الصواريخ وجهة إطلاقها، لم يتطرق إلى ذكر الجهة المُنفذة والتي، حيث إن صلاحيات اللجنة، كانت محصورة في أن تُحقق في الجريمة دون أن تحدد هوية الجاني، إذ أن المخابرات العالمية تستطيع كشف نوع الطعام الذي يتناوله رأس النظام السوري، إلا أنها تعجز عن تحديد الجهة الفاعلة أو الكشف عنها.
وبعد صدور التقرير، عقد محلس الأمن الدولي اجتماعا، تم خلاله التصويت بالإجماع على القرار 2118، الذي طالب فيه بنزع مخزون سلاح النظام الكيميائي وإتلافه، دون أن يستطيع إدانة النظام بالجريمة، والذي عرقلته روسيا كما عادتها حتى تاريخنا هذا.
واتهم الائتلاف الوطني السوري المعارض، في تقرير يحمل رقم 45، نظام الأسد بارتكاب المجزرة، قال فيه أنه وفي 21/08/2013 وبعد أيام على تحضيرات شملت نقل الصواريخ إلى منصة الإطلاق، وبعد ليلة شهدت معارك عنيفة في عين ترما وزملكا وحي جوبر الدمشقي بين قوات النظام وكتائب الجيش الحر، بدأت قوات اللواء 155 بإطلاق صواريخ ابتداء من الساعة 02:31 بعد منتصف الليل، بإشراف العميد في جيش النظام "غسان عباس" باتجاه الجنوب.
وأشار التقرير إلى أن "هذه الصواريخ كانت تستهدف مناطق الغوطة الشرقية وأن القصف استمر لاحقا في تمام الخامسة فجرا مستهدفا منطقة معضمية الشام بالغوطة الغربية، وأن هذه المجزرة خلفت ما يقارب ألفا وخمسمائة شهيد".
طمس الجريمة
نبشت قوات النظام قبور شهداء مجزرة الكيماوي، منذ أن سيطرت على الغوطة الشرقية أواخر الشهر الثالث من عام 2018، لطمس الأدلة ولتلفيق أكاذيب جديدة أمام المجتمع الدولي.
وأفاد مصدر خاص لبلدي نيوز من داخل الغوطة الشرقية، أن قوات النظام أعطت أوامر لبعض العمال بنبش قبور شهداء مجزرة الكيماوي، وتزامن ذلك مع حملة اعتقالات طالت عددا من أهالي مدينة زملكا الناجين من المجزرة وبعض الممرضين والعاملين في المجال الطبي ومن مغسلي الأموات ومسؤولي الدفن.
ورجح ناشطون أن يكون نظام الأسد يحضر لفلم وثائقي وتقارير إعلامية كاذبة في محاولة منه لإنكارها بعد إحكام سيطرته على مسرح الجريمة وقدرته على التلاعب بأدلتها وإجبار الناجين من المجزرة على تزوير الحقيقة.
وكانت قوات النظام ومخابراته اعتقلت جميع العاملين في المجال الطبي والإعلامي والدفاع المدني بعد تسوية أوضاعهم واتخاذهم قرار البقاء، وصادرت معداتهم وتوثيقاتهم المصورة تحضيرا لمسرحية جديدة ممثلوها شهود الجريمة.
الأسد طليق
هجوم الكيماوي في الغوطة كان الأكبر و"مجزرة القرن 21" كما وصفها نشطاء سوريون وحقوقيون، لكنه لم يكن الهجوم الأخير، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر عنها أنها وثقت 139 هجوما بأسلحة كيميائية في سوريا.
وأضافت أن النظام استخدم الغازات السامة 33 مرة قبل قرار مجلس الأمن الصادر في 27 أيلول 2013، في حين بلغ عدد مرات استخدامها بعد القرار 136 مرة من قبل قوات الجيش التابع لها.
الذكرى السادسة
واليوم الأربعاء، تحيي الغوطة الشرقية بريف دمشق، الذكرى السنوية السادسة لارتكاب جريمة العصر، دون أي إشارة أو تلميح لمعاقبة مرتكبي هذه الجريمة، ليعيد السوريون في هذه الذكرى وضمن حملة يحشدون لها منذ أيام، المطالبة بمحاسبة مرتكبها وكل من ساعده وأعطاه الضوء الأخضر لارتكابها، وتأكيدا على أن مثل هذه الجرائم لن تقمع الشعب السوري عن مطالبته بإسقاط النظام، إنما ستزيدهم إصرارا لمحاسبته حتى الرمق الأخير فيهم.

مقالات ذات صلة

"الائتلاف الوطني": سوريا غير آمنة ويجب حماية السوريين العائدين من لبنان

"التحقيق الدولية": السوريون يواجهون خطر الترحيل والعودة القسرية بشكل متزايد

مجلة غربية تحمّل أمريكا والمجتمع الدولي مسؤولية نتائج انتهاكات نظام الأسد

"الائتلاف الوطني" يطالب بمحاسبة النظام ورموزه في المحاكم الدولية

إحصائية بهجمات النظام بالأسلحةالمحظورة خلال تشرين الأول على شمال غرب سوريا

منظمة إنسانية تحذر من تراجع سوريا في سلم أولويات السياسة الدولية