بلدي نيوز - (ليلى حامد)
تمتلئ شوارع مدينة إدلب بالصغار الذين امتهنوا التسوّل، بعضهم من اختار أن يحمل علبة بسكويت يسير بها في السوق يومياً، يلتقط رزقه وما تجود به أيدي المحسنين إليه، يأتي ذلك بسبب فقدان أغلب هؤلاء الأطفال لآبائهم، أو ربما حالت الظروف التي تمر بها المنطقة دون قدرة آباء بعضهم للإنفاق عليهم.
وتؤكد الناشطة في المجال اﻹنساني "هبة الله" أنّ؛ "المشهد كارثي، اجتمعت عوامل عدة في فرضه، من أولها الحرب طبعاً". محملةً المنظمات اﻹغاثية الجزء اﻷكبر من المسؤولية، والحكومتين (اﻹنقاذ والمؤقتة)".
يبلغ متوسط أعمار الأطفال الذين يتجولون متسولين في إدلب وريفها نحو العشرة أعوامٍ أو يزيد قليلاً، معظمهم يخرجون وﻻ يكترثون لبرودة الطقس.
"وجوهٌ بللها الحزن"، حسب وصف الناشط "فرات الشامي"، الذي يشكك في حديثه لبلدي نيوز أن تكون حكاية (بائعة الكبريت)، للكاتب الدنماركي (هانز كريستيان أندرسون) والتي نشرت في عام (1845)، مستوحاةً من خياله الذي امتاز بالخصوبة. يقول ساخراً؛ "أعتقد أنه زار سوريا ودخل إدلب، أو استشرف مستقبلها".
يروي "الشامي" لبلدي نيوز؛ العديد من المشاهد التي تحكي قسوةَ الواقع الذي يلطم الصغار يومياً بحسب وصفه، قائلاً؛ "وطنٌ أنشد للحرية والكرامة، على مسرحٍ جمهوره من الصمِّ والبكم، آهاتٌ ﻻ تخبو لكنها ﻻ تصل، إنها لعنة استمرار نظام اﻷسد في الحكم، وفشل المعارضة بعد 8 سنوات في النزول إلى الشارع وتلبية مطالبه".
يتعلق أولئك اﻷطفال بثوبك أو معطفك، عبارةٌ واحدة، وحدت ألسنتهم، "اشترِ من مال الله"، "قطعة واحدة فقط"، إلى غيرها من العبارات التي تحرج البعض فيخرج بعض النقود من جيبه على عجلٍ ويرميها بين أيديهم، ليمضوا مسرعين كمن حقق انتصاراً، أو ربما يتقاتلون على تقاسم المبلغ.
"حسان"؛ صاحب محل لبيع الفروج المشوي وسط إدلب، يطرد يومياً الكثير من أولئك اﻷطفال من أمام باب مطعمه الصغير، قائلاً؛ "أدرك تماماً حاجة بعضهم وأنّ رائحة الشواء تجذبهم، لكن ليس بمقدوري إطعامهم جميعاً.. أحاول تقديم يد العون ضمن حدود إمكانياتي".
أمّا السيدة "هناء" موجهة تربوية (سابقاً) في وزارة التربية بحكومة النظام، ومهجرة من ريف دمشق، تقول؛ "لفافة فلافل يصل سعرها إلى 200 ل.س، تعني أنّ بعضهم أضاع مجهود يومه".
يقول الناشط "فرات الشامي"؛ "ﻻ شيء يعلو على عذاب سوريا، رواياتٌ مهزومةٌ تلك التي كتبت مستوحاةً من خياﻻت الكتّاب، إنني أدعوهم لزيارة إدلب... دمشق... وغيرها، سيجدون غايتهم ويحلقون في نسج القصص من الواقع".
أمّا الناشطة "هبة الله"؛ فتقول؛ "ستنتهي هذه الكلمات فوق مسرح ما يسمى الضمير العالمي، سنسمع بعدها شجباً وفي أحسن الحاﻻت تشكيل فرقٍ ﻹحصاء المتسولين، أو حتى لجانٍ تحصي دموعهم وأنينهم... ﻻ حياة لمن تنادي".
وجوه اﻷطفال المتسولين أو باعة البسكويت باتت مألوفةً، وحالةً اعتياديةً تكمل لوحة المعاناة السورية، التي فرضها نظام اﻷسد على السوريين منذ بدأ في استخدام الحل العسكري لمواجهة المتظاهرين المطالبين بنيل الحرية والكرامة.