بلدي نيوز – (صالح العبدالله)
صعّد نظام الأسد وروسيا قصفهما على ريفي حماة وإدلب رغم وجود اتفاقية خفض التصعيد في هاتين المنطقتين بضمانة روسية تركية إيرانية في مؤتمر أستانا، وتأكيدها في سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، الأمر الذي حرك الشكوك حول انهيار الاتفاق بالنظر إلى حجم القصف وعدد الخسائر الكبيرة بالأرواح من جانب المعارضة، فهل انهار أستانا وما مستقبل المنطقة في ظل استمرار القصف؟
بلدي نيوز اتصل هاتفياً برئيس وفد المعارضة العسكرية إلى أستانا الدكتور أحمد الطعمة ليشرح ويفسر ما يحدث في المنطقة المذكورة ويسأله عن الدور التركي الضامن لخفض التصعيد، فأجاب: "الرؤية غير واضحة ولذلك لا نستطيع التعليق في الوقت الحالي".
ويرأى المحامي عبدالناصر حوشان المراقب لمجريات الأحداث السياسية والميدانية أن، "اتفاق أستانا لم ينهار بشكل كلي ولم تعلن الدول الضامنة عن انهياره ولا من مصلحة أياً منها إعلان ذلك لأنه الذريعة لانتشار القوات العسكرية في المنطقة، ولكن هناك تصعيد واستفزاز لفرض واقع جديد في المنطق".
وتابع حوشان في حديثه لبلدي نيوز، "أما بالنسبة للتصعيد في ريفي حماة وإدلب أعتقد أنه من تبعات إعلان أمريكا بسحب قواتها من سوريا، ومحاولة تركيا الحلول محلها وفرض منطقة آمنة تحت إدارتها، الأمر الذي اصطدم مع محاولات النظام العودة إليها عبر اتفاق مع قوات "قسد" ترعاه روسيا".
وأردف، "ويفسر ذلك أن التصعيد بدأ بعد الإعلان الأمريكي وزادت وتيرته بعد القمة الأخيرة في سوتشي، التي أصر فيها الرئيس التركي على طلبه وحقه في إدارة المنطقة الآمنة شرق الفرات، ورفضه كل العروض التي قدمتها كل من روسيا وايران والنظام للتخلي عن ذلك ومنها عرض عدم الهجوم أو التفكير بالهجوم على إدلب، مما دفع بالنظام ومن ورائه روسيا وايران لتكثيف القصف لفرض معادلة جديدة مفادها (خفض التصعيد مقابل التنازل عن شرق الفرات) وما زالت العملية في مرحلة عض الأصابع".
أما عن مصير المنطقة في حال انهار أستانا؛ فيرى عبدالناصر حوشان أن الجبهات ستكون مفتوحة وستعود الأمور إلى الصراع العسكري والذي سيدفع بجميع الفصائل للتصدي للنظام وروسيا وستكون المعركة مفتوحة، لكن ما يجري الآن يدل على أنه لا نية لأي من الأطراف بنسف أستانا لأنه سيدخل التحالف الدولي على الخط في هذه المنطقة لحماية المدنيين كما "ادعت الولايات المتحدة الامريكية التي باركت الاتفاق"، حسب قوله.
من جانب آخر، يرى محللون أن روسيا تحاول الالتفاف على تركيا وذلك بعد الجولة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في دول الخليج، فبالتزامن معها بدأت القصف يزداد شيئاً فشيئاً حتى أصبح مستمراً كما نراه اليوم.
هذا التحليل وجهه بلدي نيوز لعبدالناصر حوشان؛ فأجاب "أحد العروض التي قُدمت لتركيا في سوتشي، تشكيل تحالف روسي إيراني قطري تركي، ضد حلف الإمارات السعودية مصر، لكن الرئيس أردوغان رفض العرض وكانت زيارة لافروف للخليج لتلافي نتائج هذا العرض".
بدوره، قال ياسر فرحان عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني المعارض، "إن ما يجري في حماة وإدلب هو تكرار لسلوك النظام الممنهج والمستمر والمتجذر في الاجرام، ويهدف منه لتعطيل أي اتفاق سياسياً كان أو عسكرياً، لأنه يحكم سوريا بالجريمة المستمرة ويرفض تحقيق العدالة فيها، ويعلم أن أي حل سياسي سيفضي إلى تداول السلطة بانتخابات حقيقية وهو يعطل ذلك، نفس الأمر إيران التي تستمد وجودها في سوريا والمنطقة من الأزمات والصراعات التي تتعيش عليها على أشلاء أجساد ودماء الأبرياء".
وأضاف ياسر فرحان في حديثه لبلدي نيوز، "ما القصف الذي يشهده ريفا حماة وإدلب إلا محاولة لوأد اتفاق أستانا الذي شارك به السوريون للحد من الجرائم الوحشية للنظام وداعميه، أما بالنسبة لروسيا فهي ما تزال منحازة للنظام تدعمه سياسيا وعسكرياً لتحقق من خلاله مصالحها وتنتظر لتتخلى عنه، أن تقبض ثمناً لذلك؛ وعليها منذ الآن اذا تغير سلوكها إلى جانب السوري حتى يقبل دورها في المستقبل".
وختم حديثه بالقول، "ما يحدث في حماة وإدلب ليس خرقاً عادياً لاتفاق خفض التصعيد؛ وهو تقريباً انهيار لاتفاق أستانا، ويستدعي تدخلاً من المجتمع الدولي والأمم المتحدة لحماية المدنيين، الذين يتعرضون للإجرام من جانب روسيا والنظام وإيران وخاصة في ظل استخدام أسلحة محرمة دولياً كالفوسفور الذي استخدم يوم أمس جنوبي إدلب".