بلدي نيوز- (عبد القادر محمد)
تقترب الذكرى الثامنة لانطلاقة الثورة السورية، ولم يتبقَ في يد المعارضة المسلحة سوى رقعة جغرافية صغيرة شمال غربي سوريا، تبدو وكأنها سوريا المصغرة التي اجتمع فيها مئات الآلاف من السوريين، هجروا من الغوطة الشرقية ودير الزور والرقة وحمص وحماة ودرعا وغيرها من المناطق السورية التي التهمتها نيران المصالحات والعمليات العسكرية التي قادتها روسيا حليفة نظام الأسد.
ثماني سنوات تغير فيها الكثير وحاولت دول عدة حرف الثورة عن مسارها، وإجبارها على تقديم التنازلات السياسية في سبيل الحفاظ على نظام "الأسد" ومنظومته الأمنية، من خلال مسارات سياسية أبرزها "أستانا"، وتشارك برعايته دولتان كانتا لهما اليد الطولى في قتل السوريين، في وقت عطلت روسيا مجلس الأمن الدولي وقراراته أبرزها 2254 مقابل صمت غربي وعربي يدلل على موافقة ضمنية على بقاء النظام.
يقول "جورج صبرا"، وهو رئيس المجلس الوطني السابق لبلدي نيوز: "العام الثامن من عمر الثورة السورية من أصعب الأعوام التي مرت على السوريين، لما حمله من آلام من النظام وداعميه إيران وروسيا".
وأضاف صبرا، "الخذلان العربي بدا طعنة في الظهر من خلال المطالبة بإعادة تأهيل النظام بحجة استعادة سوريا للحضن العربي، وعلى أمل الحصول على مغانم من إعادة الإعمار في سوريا، إذ توهموا أن سيطرة النظام على كامل سوريا هي قاب قوسين، غير أن انتصار الأسد هو أكبر أنواع الوهم الذي مازال يعيشه ويحاول عبر زياراته واستقبالاته للوفود والدول إظهار نفسه بأنه مازال يمتلك الحكم، لكن في الحقيقة هو استدعاء للنظام بطريقة مهينه، كما شاهدنا مقابلته في روسيا وإيران، وهذا يدل على حقيقة أن النظام متهالك وهو يروج لانتصار مزيف".
وأشار صبرا إلى أن الاوضاع الاقتصادية والأمنية والخدمية داخل سوريا، تكشف حقيقة أن النظام لم يعد يمتلك شيئا.
وختم بالقول: "علينا أن نجعل الذكرى الثامنة مناسبه لتجديد الثورة، وكشف أخطائنا وتصحيح مسارها والتخلص من العلق الذي التف حولها، خاصة وأن الشباب السوري انتفض من جديد في الداخل المحرر عبر المطالبة الدائمة بالحرية والكرامة، الثورة مستمرة رغم كل شيء ومعالم انتصارها اتت من انتفاضة السودان والجزائر، تعبيرا عن استمرار الربيع العربي من أجل الحرية والكرامة".
بدوره، يقول "عبد الناصر العايد" مدير تحرير "صحيفة جسر": "إن بقاء الثورة إلى الآن دون إيجاد حلول واضحة، كان بسبب انخراط كل الدول العظمى بها؛ أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وهي تدرك ما تحمله سوريا من أهمية استراتيجية في المنطقة، ودورها المركزي الذي هو جزء لا يتجزأ عن المنظومة العالمية الفاسدة، لذلك كل هذه الدول قامت بحماية نظام الأسد وتنفيذ ما يرسم له ويطلب منه".
ويضيف "العايد"، "لهذا السبب كانت هذه الدول تقف في وجه طموحات الشعب السوري، حتى أصبح أبسط حق من حقوقه حلماً، لكن أنا أرى الثورة مازالت في أوجها، والتاريخ يقول دائماً النصر حليف الشعوب مهما خطط ورسم وحيك لها من مؤامرات، وأكبر دليل أن كل هذه القوى والدول رغم قوتها لم تستطع حتى الآن تحييد الثورة عن مسارها ومازال الشعب يريد إسقاط النظام".
المخيمات في دائرة الضغط الدولي الممنهج
الخذلان السياسي الذي واجهه السوريون، قابله في السنوات الأخيرة خذلان على المستوى الإنساني، من خلال الصمت على عمليات التهجير القسري ورعايتها أمميا، ووقف الدعم عن عدد كبير من المشافي والمنظمات العاملة في المناطق المحررة، وترك مئات آلاف السوريين يعيشون في مخيمات الموت البطيء، في خيام لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء.
يقول "نجيب السعد" أستاذ التاريخ: "عملت كافة الدول على تحويل أبسط حق من حقوق المهجرين واللاجئين إلى حلم، مثل ضمان العيش الآمن وتأمين قوته ومساعدته إذا طلب اللجوء، لكن الذي جرى ولاحظناه في العام الثامن للثورة هو تراجع كبير تبلور في قصف للمخيمات من قبل النظام وحليفته روسيا، وأوضاع إنسانية صعبه للغاية في مخيمات النزوح، لكن الذي يبعث في النفس الأمل أن الشعب مازال يخرج في مظاهرات مناهضه لنظام الأسد وحلفائه، ومن أجل الحرية للمعتقلين، لأن الشعب كسر حاجز الخوف ولم يعد يرضى بالذل والخنوع".
ويضيف، "ناهيك عن الأوضاع الإنسانية التي لا يمكن لعاقل أن يراها ولا تحرك مشاعره، سواء غرق الخيام أو البرد والجوع، وانعدام التدفئة وانقطاع المياه، والخيام البالية التي بلغ عمرها من عمر الثورة، وسط توقف شبه تام للمساعدات الإنسانية من قبل أغلب المنظمات".