بلدي نيوز – (سما مسعود)
تتذكر الطفلة هديل صورتها باللباس المدرسي وطريق المدرسة بصحبة شقيقها "أحمد"، يحدث هذا يومياً معها، ولا يخرجها من ذكرياتها الصباحية كما تقول إلا صوت رنين المنبه معلنا أن وقت الذهاب إلى عملها في مشغل الخياطة قد حان.
تقول هديل "تركت الدراسة منذ عامين ومن المفروض أن أكون في الصف التاسع الآن وبدأت العمل في مشغل خياطة هنا في مدينة غازي عنتاب التركية".
وتضيف، "كل يوم أتوجه فيه إلى المشغل أكون مسرورة، لأني أمشي دون الخوف من القصف، أطرز واستمع خلسة إلى أحاديث النساء العاملات في المشغل، لأني ما زلت صغيرة على أحاديث الكبار مع أني واثقة أن الحرب جعلتني أكبر بسرعة".
وتابعت "أتلقى20 ليرة تركية تكفينا مع راتب والدتي لنعيش، أما أخي فلم يجد عملاً نظرا لصغر سنه".
بالتأكيد هديل ليست وحدها، فحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونسيف"، فإن 2.1 مليون طفل سوري داخل البلاد، و700 ألف في البلدان المجاورة حُرِّموا من حق التعليم.
ويقدر تقرير اليونيسف الذي حمل اسم "لا مكان للأطفال"، أن مليون طفل –أي أكثر من 80 بالمائة من الأطفال في سوريا– قد تأثروا بسبب الحرب، سواء في داخل البلاد أو اللاجئين في الدول المجاورة.
حيث تضاعف عدد اللاجئين في البلدان المجاورة لسوريا 10 مرات اليوم مقارنةً مع ما كان عليه عام 2012؛ علماً بأن نصف هؤلاء اللاجئين هم من الأطفال، كما أن هناك أكثر من 15,000 طفلا غير مصحوبين ومنفصلين عن ذويهم عبروا الحدود السورية.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة اليونسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بيتر سلامة: "كبر الملايين من الأطفال بسرعة هائلة وقبل أوانهم بسبب سنوات الحرب الخمس".
وأوضح، "بينما تستمر الحرب أصبح الأطفال يخوضون حرب الكبار، كما يستمر تسرب الأطفال من المدرسة، والعديد منهم يُجبرون على العمل، في حين أن الفتيات يتزوجن في سن مبكرة".
وأكدت اليونيسف، أن نحو 3.7 ملايين طفل سوري ولدوا داخل وخارج البلاد، منذ آذار/ مارس عام 2011.
بالعودة إلى هديل، فما زالت تحلم بمتابعة تعليمها، ومشاركة صديقتها اللعب في باحة مدرستها بحلب، وتقول "أشعر بالحنيين إلى المدرسة، وإلى معلماتي"، وتتساءل الطفلة "هل انتبه أحد ما إلى غيابي عن المدرسة".
وتحلم الطفلة السورية في أن تكون "جودي بوت" في مسلسل "صاحب الظل الطويل" (مسلسل رسوم متحركة تدور أحادثه حول فتاة تحصل على منحة دراسية من رجل لا تعرفه وترى فقط ظله فتطلق عليه صاحب الظل الطويل).
أما بيتر سلامة المدير الإقليمي لليونيسيف، فيرى أن الأوان لم يفت بالنسبة للأطفال السوريين، قائلاً: "لم يفت الأوان بعد على أطفال سوريا، لا زال لديهم الأمل في عيش حياة تتسم بالكرامة والحرية، ولا زال الأطفال يعتزون بتحقيق أحلامهم بأن يعم السلام".