بلدي نيوز - (خاص)
جعلت موسكو الأراضي السورية ميدان تدريب لجنودها، وحقل تجارب لأسلحتها، منذ تدخلها في سوريا أواخر شهر أيلول/سبتمبر من عام 2015، حيث تلقى أكثر من 63 ألف روسي خبراتهم القتالية في سوريا، واستطاعت قوات النظام السيطرة على 96% من الأراضي بعد أن كانت تسيطر على 8%، وفق ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية.
يعقب المحلل العسكري في بلدي نيوز على بيان "الدفاع الروسية"، بالقول "يبدو أن الروس يبالغون في تقدير قوتهم ووضعهم في سوريا، وهم يتماهون مع العملية الإعلامية الكبيرة التي عملوا عليها مستغلين وسائل التواصل الاجتماعي والكثير من المنصات الإعلامية التابعة لروسيا والنظام وإيران، والتي استطاعت امتطاء ظهر وسائل إعلام المعارضة، وتحويلها بالمجمل لإعادة اجترار الخطاب الروسي، والذي يتحدث عن انتصار روسي مؤزر في سوريا، والذي يبدو أن التصريحات الأمريكية التي تحدثت عن الوضع الروسي في سوريا وحتى الورطة الروسية في سوريا قد كشفت الغمامة عما كانت تتستر عليه موسكو".
ويرى المحلل العسكري أن الروس اليوم عالقون في سوريا، رغم الكثير من الآمال في الثروات التي سوف يحصلون عليها، وحلمهم بكسر التنظيمات الجهادية التي تعتبر مشكلة استراتيجية لهم خاصة أن الكثير من عناصرها يعودون لجمهوريات أسيا الوسطى السوفيتية التي تعتبر الخاصرة الضعيفة لروسيا، ولكن الوضع الحقيقي للروس ليس بتلك السهولة، فهم اليوم يستغلون التسهيلات الإقليمية والدولية لهم للتمدد في سوريا، ولما يصلوا مرحلة الصدام من إيران التي تستطيع أذيتهم كثيرا في سوريا، ولا يبدو أنها سوف تصل لهذه المرحلة، في حين يبدو أن المشكلة الأكبر لروسيا في سوريا هي النظام نفسه والمناطق التي سوف تسيطر عليها نفسها، فأي عملية ثورة جديدة في سوريا تتجاوز الأخطاء السابقة للثورة الحالية سوف تضع الروس في وضع مشابه لوضعهم في أفغانستان 1988، والتي استنزف فيها الروس لحد كبير بسبب المواجهة العسكرية الكبيرة لهم والخسائر البشرية الكبيرة.
ويضيف "الأمر الأخطر والذي تسابق روسيا الزمان بسببه لتثبيت أمورها في سوريا هو التوقعات الاقتصادية العالمية التي تتوقع كارثة اقتصادية خلال العامين المقبلين، والتي تعني حكما انسحاب روسيا من سوريا في حال توقف تمويل حملتها من الدول الراعية لهذه الحملة، ويكفي أن نعرف أن حصيلة التصدي للطائرات بدون طيار التي تهاجم مطار حميميم قد تجاوزت 250 مليون دولار (صواريخ واستهلاك بطاريات دفاع جوي دون ذكر الخسائر في الطائرات) على اقل تقدير، وكلفة نشر بطاريات الدفاع الجوي لحماية المطار ضد هذه الهجمات تجاوزت 100 مليون دولار، فضلا عن كلفة الحملة البرية والدعم العسكرية للنظام، ما يجعل الحملة الروسية في سوريا في خطر حقيقي في حال أي هزة اقتصادية تتسبب بانهيار أو صعوبات في التمويل، وسط تغير حقيقي في الخارطة الاقتصادية العالمية.
وينهي المحلل العسكري، بالقول "روسيا اليوم أمام مجموعة من الخيارات، أحلاها مر، على الرغم من الانتصارات والتقدم الشكلي، لكن الوضع الروسي في سوريا قد يتدهور، وتعود روسيا وتنكمش في سوريا إلى مجرد قاعدتين هامشيتين على البحر المتوسط، في حال حدوث تغير حقيقي في الوضع الدولي، سواء الأمريكي أو الاقتصادي أو حتى بروز قوة جديدة في الصراع السوري تستطيع الوقوف بوجه الروس وهزيمتهم عسكريا".