بلدي نيوز
حلم حسام إدريس بالعودة لمخبزه في مدينة حلب السورية، لكن بعد مرور ثلاث سنوات على هروبه من الحرب يخشى إدريس من أن قانونا جديدا يسمح لنظام الأسد بمصادرة المنازل، ضمن خطط إعادة الإعمار قد يقضي على أحلامه تلك.
ويقول إدريس (37 عاما) وهو أب لثلاثة أطفال ويعيش في ألمانيا الآن "نشأت في المخبز. لا أستطيع تخيل خسارته".
وعلى الرغم من أن القانون رقم عشرة أو المرسوم رقم عشرة لم يطبق بعد؛ فإن مجموعات حقوقية وحكومات تستضيف لاجئين سوريين تقول إن اللاجئين عرضة لأن يصبحوا منفيين بشكل دائم إذا خسروا أملاكهم لأن القانون يقوض الدافع للعودة في يوم من الأيام.
وكان إدريس في السفارة السورية برلين لعمل توكيل لوالدته في حلب، حتى تستطيع المطالبة بملكية المخبز وشقته في حي الكلاسة بحلب الذي استعادته قوات النظام من مقاتلي المعارضة قبل عامين.
وقال موظف في السفارة -طلب عدم نشر اسمه- إنه منذ دخل القانون حيز التنفيذ في العاشر من نيسان، يزور ما بين عشرة و15 سوريا السفارة كل يوم لعمل توكيلات لأقاربهم في سوريا بعد أن كان العدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إن ستة ملايين سوري نزحوا داخل البلاد بينما يعيش قرابة 5.5 مليون لاجئ خارج سوريا.
وتستضيف ألمانيا نحو 650 ألف سوري وهو أكبر عدد في أي بلد غربي وتشعر تحديدا بالقلق من القانون رقم عشرة. وتخشى برلين من أن بشار الأسد قد يستغل القانون لتجريف معاقل مقاتلي المعارضة السابقة التي استعادتها قوات النظام لتحل محلها ممتلكات عقارية جديدة يسكنها مؤيدو النظام، وقال مسؤول كبير في الحكومة الألمانية "المرسوم رقم عشرة مصمم لمصادرة (أملاك) اللاجئين".
وأضاف المسؤول الذي جرى اطلاعه على فحوى محادثات يبن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن المسألة "من الواضح أن هدف الأسد هو إحلال سكان جدد محل القدامى".
وقلل نظام الأسد من شأن المخاوف من القانون ووصفتها بأنها "حملة تضليل" وتقول إنه ضروري لإعادة بناء المناطق التي دمرتها الحرب وتقنين المواقع السكنية غير المشروعة.
وزعمت بعثة النظام لدى الأمم المتحدة في جنيف الشهر الماضي "هذا القانون يأتي في إطار برنامج إعادة الإعمار وله صفة تنظيمية تهدف إلى تقنين الأحياء العشوائية في سوريا ولا سيما في ظل الدمار الذي شهدته الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة (إرهابيين)".
وفي المنطقة تستضيف تركيا 3.5 مليون لاجئ سوري، كما يعيش قرابة مليون في لبنان الذي عبر أيضا عن قلقه من أن المرسوم رقم عشرة قد يثني اللاجئين السنة بشكل أساسي عن العودة.
وكان القانون يمهل في بادئ الأمر أصحاب الأملاك 30 يوما لإثبات ملكيتهم أو فقدان حقوقهم، ومدد النظام هذه الفترة إلى عام في وقت سابق هذا الشهر لتهدئة مخاوف اللاجئين من أن النازحين قد يخسرون منازلهم.
وإلى جانب روسيا، عبرت ألمانيا عن قلقها من القانون رقم 10 مع شركائها في الاتحاد الأوروبي، وتمكنت من طرح المسألة على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي.
وقال مسؤول ألماني ثان "حقيقة أن مجلس الأمن الدولي أولى اهتماما بهذا المرسوم فهي نقطة انطلاق جيدة.. لكن الضغط على الأسد لعدم تنفيذ القانون ينبغي أن يأتي من روسيا".
وعلى الرغم من أن القانون ينص على أن من حق الأقارب في سوريا أن يطالبوا بالملكية، يقول محامون سوريون إنه لابد من عمل توكيل لفرد حتى يتسنى للسلطات معرفة أي قريب هو الوكيل القانوني المختار. ويقول محامون وجماعات حقوقية أيضا إن أي شخص يطالب بالملكية يتعين أن يحمل تصريحا أمنيا. ويقولون إن هذا قد يؤدي لحرمان السوريين الذين فروا من معاقل سابقة للمعارضة من حقوقهم.
وقال المحامي الحقوقي السوري أنور البني "النظام له باع في عمليات المصادرة التعسفية لخدمة مصالحه الاقتصادية والأمنية، بل إن المصادرة الجائرة للأراضي كانت من أسباب الانتفاضة".
وقالت جماعات حقوقية ومحامون سوريون ولاجئون إن قانونا سابقا روج له النظام على أنه ضروري لإعادة التطوير جرى تطبيقه في مناطق المعارضة لطرد السكان الذين اعتبروا منشقين.
وذكروا أن القانون 66، الذي وافق عليه الأسد في 2012 لإعادة بناء الأحياء الفقيرة في دمشق، طُبق في أحياء تقع جنوب غربي العاصمة، حيث اندلعت مظاهرات ضد الأسد في بداية الانتفاضة عام 2011، بما في ذلك منطقة بساتين الرازي.
واستخدم النظام التي صودرت بموجب القانون 66 في مشروع سكني فاخر يضم 12000 وحدة سكنية افتتحها الأسد في 2016. والآن يخشى بعض اللاجئين السوريين أن يستخدم القانون رقم عشرة بطريقة مماثلة في جميع أنحاء البلاد.
وقال سنان حتاحت وهو خبير في شؤون سوريا بمنتدى الشرق البحثي "المشكلة ليست في القانون نفسه. المشكلة هي كيف وأين سينفذ".
وأضاف "إذا كنت تعيش في منطقة معارضة تعرضت للقصف فإنك على الأرجح لن تحصل على تصريح أمني، لذا فإن حقك في الملكية انتهى تلقائيا".
وذكرت فرنسا أن القانون يشكل عقبة خطيرة أمام التوصل إلى حل سياسي دائم للصراع السوري لأنه يسمح بنهب ممتلكات اللاجئين.
وقالت أنييس فون دير مول المتحدثة باسم وزارة الخارجية ردا على أسئلة رويترز "هذه مرحلة جديدة في الاستراتيجية الوحشية المتمثلة في تهجير قطاعات بأكملها من الشعب السوري والتي يطبقها نظام دمشق منذ عدة سنوات".
ويقدر المجلس النرويجي للاجئين أن نحو نصف عدد سكان سوريا قبل الحرب والبالغ عددهم 22 مليون نسمة كانوا يعيشون في مناطق حضرية وأن نحو ثلثهم كان يعيش في أحياء فقيرة.
المصدر: يورونيوز عربي