بلدي نيوز – (نجم الدين النجم)
تعتبر الفنون هي الوجه الإنساني والكتاب التاريخي الأبرز والأكثر ديمومة بالنسبة للشعوب وما تعاصره من ظواهر وقضايا اجتماعية تمسهم بشكل مباشر، حيث كان الفنانون والمبدعون الأكثر قدرة على التعبير عن المفاهيم الإنسانية المتناقضة، كالجمال والقبح والسعادة والألم والقلق والطمأنينة، وهذا الاختلاف في توثيق المشاكل والأحاسيس الإنسانية، ما يجعل الفنون بأنواعها من مقاييس التحضر والإبداع لدى الشعوب والحضارات.
وفي الصدد، يفتتح الفنان التشكيلي عبداللطيف الجيمو معرضه القادم في "مونو" في الأشرفية ببيروت لثلاثة أيام من 14 إلى شباط الجاري، بالتعاون مع نزيه ياسين، وحمل عنوان "المَسقط" ليس بعيداً في دلالات وملامح الإعصار السوري الحديث واتجاهاته "التوحشية".
يقول الفنان الجيمو "تدور تجربتي الفنية هذه حول العلاقة التي خلقت بيني وبين عيني الطيار بكل ما يراه من مساقط على الأرض وهو يرمي النقطة السوداء "البراميل المتفجرة" على المدن والقرى في بلدي ليغير بعض معالمها الجغرافية، أحاول أن أتخيل الخرب من الأعلى وهو يحدث تشوهات في عبثية الطبيعة المنسجمة الألوان والخطوط".
ويضيف في حديثه لبلدي نيوز "أخذتني قسوة مشاهد قصف الطيارين لمدن عدة في العالم في تخيلات كثيرة... منها مشهد القنبلة التي أسقطها طيار على الجميل والمتناغم في هيروشيما وناغازاكي".
ويرى الفنان التشكيلي أنه يحاول في دراسته لهذا المشروع المقارنة بين العبثية المنسجمة للطبيعة وأحدث النتاجات الفكرية للمدرسة التجريدية الأصل لوجهة نظر مفادها أن الطبيعة هي الملهم الأول لهذه المدرسة وهي بحد ذاتها مجردة دون أي تكلف.
ويقول "دفعني هذا الانسجام العبثي للاستفادة منه وتحويله لأعمال فنية ومن ثم هدمه في بعض الأماكن كي أعبر عن فكرتي بشكل رمزي".
وينوه أنه اعتمد كثيرا على المصادفات التي تحدثها التفاعلات الكيميائية للألوان على سطح اللوحة محاكيا بذلك العلاقة بين الماء والتراب وما تصنعه والهواء في الطبيعة، هذه المصادفات التي شغلت جزءا كبيرا من لوحاته تعطي دلالات وتعبر عن الموضوع المارد".
وأنهى بالقول "الفن هو ذلك القلق الذي يعيشه في كل حياته وهو يبحث عن النشوة".
وولد الفنان "الجيمو" في مدينة "جرابلس" في منطقة جميلة التفاصيل يتجاور فيها النهر والسهل والجبل وتتمازج فيها حكايات الجدات اللواتي ينسجّن الخرافة ولون الفرات الفيروزي ورائحة الحور.