بلدي نيوز – (أحمد رحال، محمد وليد جبس)
دخلت محافظة إدلب مع بداية عام 2017 كما باقي المناطق السورية، باتفاق دولي من الدول الراعية للحل في سوريا، استمرت لما يقارب ثلاثة أشهر، شهدت خلالها تسجيل العشرات من الخروقات من قبل قوات الأسد وحلفائها، وارتكاب العديد من المجازر بحق المدنيين في عموم مناطق المحافظة.
وشهدت الأشهر الأولى من عام 2017 لاسيما كانون الثاني حركة نشطة لطيران الاستطلاع التابع للتحالف الدولي في أجواء المحافظة، والتي نفذت عشرات عمليات الاستهداف المباشر لعناصر ومقرات تابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، أوقعت العشرات من القتلى في صفوف عناصر الهيئة، تميزت الضربات بدقتها وشموليتها لمناطق عديدة في المحافظة استمرت على وتيرة أخف في شهر شباط، وتوقفت في شهر آذار الذي سجل عمليتي استهداف فقط.
واصلت قوات النظام خرقها للاتفاق المتعلق بالتهدئة في عموم مناطق محافظة إدلب حتى شهر نيسان، والذي كان نقطة مفصلية في تاريخ المحافظة خلال عام 2017، حيث تميز هذا الشهر بارتكاب قوات النظام وروسيا أكثر من 15 مجزرة بحق المدنيين، كان أبرزها مجزرة الكيماوي في الرابع من شهر نيسان في مدينة خان شيخون التي أزهقت أرواح أكثر من 90 مديناً خنقاً وإصابة أكثر من 400، وشكلت سابقة في تاريخ المحافظة خلال أعوام الثورة.
ومع بداية شهر أيار دخلت محافظة إدلب في اتفاق "خفض التصعيد" الموقع في أستانة برعاية الدول الضامنة للحل السوري "روسيا وتركيا وإيران"، حيث شهدت المحافظة هدوءاً كبيراً وتوقفاً لحركة الطيران والمدفعية لعدة أشهر متتالية، استعادت فيها المحافظة قليلاً من الحياة وباتت تعود العائلات التي هجرت من بلداتها لإعادة بناء ما دمرته آلة حرب النظام.
بعد غياب الطيران عن الأجواء اشتغل في إدلب لهيب الاقتتال الداخلي من جديد بين أكبر مكونين في المحافظة، وهما "هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام"، بدأ الاشتباك بين الطرفين في الرابع عشر من شهر تموز، وانتهى بسيطرة "هيئة تحرير الشام" على معظم المحافظة حتى باب الهوى في الثالث والعشرين من ذات الشهر، بعد أن تمكنت الهيئة من السيطرة على مقرات أحرار الشام وتقويض قوتها في المحافظة والسيطرة على كامل مفاصل القرار فيها مدنياً وعسكرياً.
لم تدم هدنة اتفاق "خفض التصعيد" طويلاً، حيث بدأت في التاسع عشر من شهر أيلول حملة عسكرية عنيفة من الطيران الحربي الروسي وطيران النظام طالت المناطق المدنية في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، سرعان ما توسعت إلى باقي المناطق بالريف الشمالي، تركز القصف على المشافي الطبية ومراكز الدفاع المدني، "مشفى الرحمة، مشفى كفرنبل الجراحي، مشفى حاس، مشفى الرحمن الخيري بالتح، منظومة شامنا"، ومراكز الدفاع المدني في كفرنبل والتمانعة، واستمرت الحملة حتى 29 أيلول، سجلت من خلالها أكثر من 700 غارة جوية بمعدل 90 غارة يومياً، استشهد فيها أكثر من 130 مديناً، ولم تسلم مقرات فصائل الجيش السوري الحر و"هيئة تحرير الشام" من القصف، بل ارتكب بحقها العديد من المجازر أبرزها في قصف مقرات فيلق الشام في قرية مرديخ.
وفي تشرين الأول، ومع الحديث عن البدء بتطبيق اتفاق "خفض التصعيد" في إدلب، دخلت في تشرين الأول الدفعة الأولى من القوات التركية عبر الحدود الشمالية، وانتشرت على حدود منطقة عفرين من ريف حلب الغربي حتى منطقة صلوة بريف إدلب الشمالي.
سجلت محافظة إدلب خلال عام 2017 أكثر من 1440 شهيداً، بينهم 240 طفلاً، و145 امرأة، سقطوا جلهم بقصف جوي وصاروخي من بينها أكثر من 44 مجزرة، أبرزها مجزرة الكيماوي في خان شيخون ومجزرة أرمناز ومجزرة كفرتخاريم ومجزرة جامع الروضة في سلقين ومجزرة جرجناز ومجزرة جسر الشغور ومجزرة مدينة إدلب.
وعلى صعيد عمليات التهجير وصل لمحافظة إدلب خلال عام 2017 أكثر من 224000 عائلة مهجّرة، من مناطق سورية متفرقة، منهم خرجوا ضمن اتفاقيات دولية ومنهم من عانوا جميع أشكال العذابات فارين من قصف طائرات النظام وروسيا والتحالف الدولي الذي دمر بلداتهم ومدنهم وجعل منازلهم مع الأرض أبرزها الأحياء الشرقية لمدينة حلب وداريا والقلمون، في حين شهدت المحافظة حركة نزوح داخلية لاتزال مستمرة من ريف حماة الشرقي وريف إدلب الشرقي باتجاه وسط وشمال المحافظة بلغت أكثر من 150 ألف مدني.
كما لجأ للمحافظة خلال العام 2017 أكثر من 30 ألف شخص قادمين من محافظات دير الزور والرقة، كما وصل عدد المهجرين من مناطق ريف حلب الجنوبي إلى إدلب أكثر من 30 ألف عائلة، و14 ألف عائلة من بلدة عقيربات بريف حماة فروا جميعهم إلى مناطق ريف إدلب من قصف طائرات النظام وحليفه الروسي إضافة إلى طائرات التحالف، وستة آلاف عائلة من منطقة ريف دمشق إضافة إلى خمسة آلاف عائلة من منطقة عرسال، بينما وصلت أكثر من 9 آلاف عائلة من العراق وتوزعوا ضمن مناطق مختلفة بريف إدلب جميعهم دخلوا عن طريق مناطق الأكراد كمدينة عفرين والقرى المجاورة لها.
وتواجه محافظة إدلب خلال الأشهر الأخيرة من عام 2017 أخطر هجمة عسكرية من قوات النظام وحلفائها (روسيا وإيران)، والتي بدأت انطلاقاً من ريف حماة الشرقي وصولاً لريف إدلب، في محاولة للسيطرة والتوسع في المنطقة لاسيما الشرقية، بعد مئات الغارات الجوية التي طالت قرى وبلدات المنطقة وتهجير غالبية سكانها، قبل أن تدعم قواتها بتعزيزات كبيرة لاتزال تتوافد للمنطقة قادمة من دير الزور، وترسم الأيام وربما الأشهر القادمة خريطة جديدة للسيطرة العسكرية على الأرض في محافظة إدلب لايمكن البت فيها إلا من خلال المعطيات التي تحملها الأيام القادمة من عام 2018.