بلدي نيوز-(طارق خوام)
فرضت قوات النظام حصاراً خانقاً على الغوطة منذ أربعة أعوام، ما أدى لانقطاع معظم المواد الأولية التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية، لكن إرادة الحياة والمواجهة دفعت سكان الغوطة لتعلم وابتكار طرق جديدة لاستخراج الوقود من أكثر من مصدر، منها المواد البلاستيكية.
وقال (أبو سامر البارودي) أحد السكان، لبلدي نيوز: "إن عدداً من تجار المحروقات استطاعوا عبر صهر المواد البلاستيكية، تحويلها إلى ما يمكن تسميته بالنفط الخام، ثم تقطيرها لاستخراج منها مادة المازوت والبنزين والغاز، ولكن لا تكون بجودة المحروقات الطبيعية والمصنعة من النفط الصخري الحقيقي".
وأردف (البارودي): " الغازات الناتجة عن هذه العملية تؤثر سلباً على صحة العاملين في هذا المجال، بسبب التعرض خلال العمل إلى كميات كبيرة من الدخان والأبخرة الناتجة عن الاحتراق، والتي تحتوي على كميات كبيرة من المواد السامة ومنها الرصاص والكبريت والعديد من المواد الأخرى، ولكن نحن مرغمون على العمل بهذه الطريقة حتى نؤمن المحروقات للناس، وخاصة الفلاحين لري المزروعات ومن أجل المواصلات".
من جانبه، أفاد (خالد شاغوري) وهو صاحب سيارة نقل يعمل في الغوطة الشرقية لشبكة بلدي نيوز: "سيارتي كانت تعمل بشكل جيد نسبياً على وقود البلاستيك، ولكن مع مرور الزمن بدأت أعطالها تظهر وتكثر، ما تسبب بعطل كبير في محرك السيارة، واضطررت لصيانة المحرك عدة مرات"، مشيراً إلى أن صيانة المحركات تكلف كثيراً من الأموال، خاصة في "وضعنا المأساوي خلال الحصار في الغوطة الشرقية ".
(محمد عبد العال) وهو ميكانيكي سيارات، قال لشبكة بلدي نيوز: "إن الوقود المتواجد في الغوطة يحتاج إلى عملية تصفية من الشوائب والتي تدخل فيه خلال عملية التصنيع والتي لا تحقق أدنى المعايير الصناعية، وهذه العملية غير ممكنة في الغوطة، وهذا ما سبب تجمع الكثير من الشوائب داخل المحرك والمكربن الخاص بالمحرك، وهذا ما يؤدي لأعطال في محركات السيارات، ونضطر أحيانا إلى فك المحرك وإزالة الشوائب التي يسببها البنزين أو المازوت المصنوع من البلاستيك، إضافة لتسريع تأكل الكثير من الأجزاء، بسبب المواد الكيماوية المختلفة التي تكون مرافقة للوقود المصنع بطريقة بدائية".
وأضاف (عبد العال) : "بعض القطع لا نستطيع صيانتها فنضطر إلى شرائها من السوق بأسعار مرتفعة، بسبب دخولها عن طريق المعابر التي يأخذ نظام الأسد عليها إتاوات عالية، حيث تتضاعف أسعار القطع التي نحتاجها لصيانة السيارات أحيانا ثلاثة أو أربعة مرات على أقل تقدير، إضافة لندرتها وصعوبة الحصول عليها، ما يجعل من عمليات صيانة السيارات مرهقة للمدنيين بشكل كبير".
"وقود البلاستيك" أثار حنق النظام لعدة أسباب، منها عدم تدخله في دورة صناعته وعدم وجود مردود له منه، فالنظام يعمل بطريقة كيدية، فهو لم يستوعب كيف أن السوريين تمكنوا من التفوق عليه، وانتصروا على حصاره للمواد الأساسية مثل الوقود، وصنعوا وقودا من المواد المتوفرة في مناطقهم، ما جعله يسعى للضغط عليهم وابتزازهم، فهو لا يحصل على أي ريع من عملية تصنيع الوقود هذه، ما يجعله يتجه للانتقام عبر فرض إتاوات كبيرة على قطع الغيار بأنواعها، والتي نشط الطلب عليها، بسبب الوقود المصنع بطريقة ذكية ولكن بدائية، إضافة لتسهيل مرور كميات من الوقود النظامي أو المكرر، والذي يكسب من ورائه مبالغ طائلة، بهدف تخفيض الاعتماد على الوقود البلاستيكي، والأمل في إيقاف تصنيعه، ما يسمح للنظام التحكم بالمنطقة بشكل أفضل، ومنع أي حالة "ابتكار" تمنع سيطرته على المنطقة وتساهم في تخفيف حصاره لها.
يذكر أن أسعار المحروقات في الغوطة الشرقية تعتبر مرتفعة جداً ولا تتناسب الوضع المادي لسكان الغوطة في ظل الحصار، لتصل في بعض الأحيان إلى 4000 ليرة سورية للتر البنزين الصافي الواحد وسعر المازوت الصافي 2200 ل.س فيما يبلغ سعر لتر البنزين المستخرج من البلاستيك 2200 ليرة، وسعر المازوت البلاستيكي 1500 ليرة فقط.