بلدي نيوز – (ميرفت محمد)
بينما كانت كل من القوتين الدوليتين، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، تعملان على تبريد جبهات القتال بين قوات المعارضة والنظام خاصة في الجنوب السوري، وتسعيان إلى توجيه الجهد العسكري نحو محاربة تنظيم "الدولة" على وجه التحديد، وذلك تمهيداً لفرض حل سياسي على جميع الأطراف، حلّ فصل جديد من فصول الخلاف الروسي الأمريكي.
سبق هذا الخلاف اتفاقات "خفض التصعيد" التي تمت بالتوافق بين القوتين الدوليتين في الجنوب السوري، وفي طور التطورات الدولية، كان لا بد من التساؤل: هل تلقي هذه الأزمة بين أهم طرفين دوليين بظلالها على الشأن السوري، خاصة على اتفاقات خفض التصعيد وتحديدًا اتفاق الجنوب السوري؟
مصالح مشتركة وخلاف كبير
"في الواقع نحن نعمل في الفترة الأخيرة بشكل أكثر إيجابية حول سوريا... الاتفاق الذي تم التوصل إليه حول منطقة خفض التوتر في جنوب غرب سوريا يشكل مثالًا واضحًا، بأن كل شيء ممكن"، يشكل التصريح السابق لنائب وزير الخارجية الروسي (سيرجي ريابكوف) حرص روسيا على عدم انعكاس أزمة خفض عدد الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في روسيا على العلاقة مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف السوري المشترك بينهما.
فبينما أمهلت الخارجية الروسية الولايات المتحدة حتى الأول من أيلول/سبتمبر لخفض فريقها الدبلوماسي إلى 455 موظفاً، بعد أن طردت واشنطن 35 روسياً في كانون الأول/ديسمبر، يبقي الملف السوري خاصة الوضع في الجنوب ملفًا هامًا لمصالح الطرفين، إذ يأتي هذا الخلاف مع بدء تطبيق اتفاق "خفض التصعيد" الذي توصلت إليه الولايات المتحدة، وروسيا، والأردن يوم 7 يوليو/تموز الماضي، وينص على إيقاف القتال في درعا والسويداء والقنيطرة، وهو اتفاق لم تكن إسرائيل بعيدة عنه.
كما يأتي الخلاف بين موسكو وواشنطن عقب الإعلان عن اندماجات كبيرة لأبرز فصائل المعارضة في الجنوب السوري، الذي تسيطر عليه عدة أطراف، حيث يسيطر النظام على كامل محافظة السويداء، وأجزاء من درعا والقنيطرة، فيما تسيطر المعارضة على قسم من درعا والقنيطرة، ويسيطر تنظيمَ (الدولة) على بلدات وقرى في ريف درعا الغربي.
توازن في الملف السوري
يؤكد المحلل والمراقب السياسي (عبو الحسو) أنه لا يوجد خلاف أو اتفاق دائم بين الدول، وإنما المصالح هي التي تحدد نقاط الاتفاق والخلاف في أي قضية كانت، والقضية السورية –حسب (الحسو)- لا تشذ عن هذه القاعدة، وذلك لكون المصلحة الأميركية والروسية تقتضي الاتفاق بينهما.
ويحدد (الحسو) الجنوب السوري كأحد أهم القضايا التي يجب فيها الاتفاق الروسي الأمريكي لكون ذلك يصب في مصلحة حليفة الدولتين (إسرائيل) التي ترغب في خفض التصعيد والوجود العسكري على حدودها مع حظر طيران وإبعاد أي خطر محتمل عن حدودها.
ويؤكد (الحسو) أن "وجود خلاف بين موسكو وواشنطن قد يشكل عامل توازن في الملف السوري لأن اتفاقهما قد يؤزم الوضع أكثر ويدفع الأمور لصالح النظام أكثر".
ويشدد (الحسو) خلال حديثه لـ"بلدي نيوز" على أن خلاف القوتين يصب في مصلحة الثورة أكثر من اتفاقهما، وذلك "لأن الروس لن يتخلوا عن النظام بأي شكل من الأشكال كما هو ظاهر حتى الآن، أما الأمريكان فمن الممكن أن يتخلوا عن قوات سوريا الديمقراطية وإعادة دعم فصائل الجيش الحر ضد النظام أو حتى ضد التنظيمات الكردية" حسب (الحسو).
الملف السوري في واجهة الخلافات
يرى الإعلامي السوري (فراس ديبة) أنه ليس من المتوقع أن يؤثر الخلاف بين واشنطن وموسكو بشكل مباشر وفوري على اتفاقية خفض التصعيد في سوريا عموماً والجنوب خصوصاً، كون أن الاتفاق مبني سلفاً وفق مصالح الدولتين العظميين، ولا تتأثر عادة مصالح الدول بالنكايات بينها، فقد تتعارض مصالح الدولتين في ملفات وتتوافق في ملفات أخرى.
ويتابع (ديبة) القول خلال حديثه لبلدي نيوز "أما في حال تطور الخلاف وتصعيده، فالمؤكد أن الملف السوري سيكون في واجهة الخلافات، في حال قررت أمريكا تقليم أظافر روسيا وإعادتها للعب دور هامشي في الشرق الأوسط، كما فعلت أمريكا إبان الحرب على العراق العام 2003".
ويستبعد (ديبة) أن تحقق الاتفاقات الحالية حول سوريا الاستقرار والتوافق بين القوى الدولية والإقليمية المعنية بالملف السوري، مضيفًا "كل ما يحصل حالياً هو تهدئات مؤقتة لن تلبث أن تتفجر وتتداعى، بسبب كثرة اللاعبين وتعارض مصالحهم، وبسبب كون الإدارة الأمريكية الجديدة لم تحدد بعد سياستها في سوريا، والتي ستكون مرتبطة بقضايا متعددة، أبرزها مكافحة الإرهاب وشكل الدور الأمريكي في العالم".