بلدي نيوز – (منى علي)
دعت المعارضة السورية، المشاركة في مفاوضات "جنيف 7"، أمس الأحد، إلى تعميم وقف إطلاق النار المعلن جنوب غربي البلاد، وبطرد الميليشيات الإيرانية، الداعمة لنظام الأسد من البلاد.
وعشية بدء مفاوضات "جنيف 7"، قال يحيى العريضي، أحد المتحدثين باسم وفد المعارضة، في مؤتمر صحفي بالمدينة السويسرية: "يتطلع السوريون إلى حالة سلام وخلاص من براميل القتل، وما حدث في الجنوب نريده أن يمتد إلى كامل بقاع سوريا".
وأضاف العريضي أن "الشيء الأساسي في وقف إطلاق النار هو أنه يمنع إيران وميليشياتها من التواجد في تلك الأمكنة، ونريد لهذه الميليشيات، التي قتلت السوريين، أن لا توجد في سوريا".
ويأتي ترحيب المعارضة باتفاق الجنوب متسرعاً، قبل أن يُختبر هذا الاتفاق ويتضح في مصلحة من سيصب، إذ أن النظام لم ينتظر أكثر من يوم واحد على سريانه حتى بدأ خرقه بهجوم واسع في مناطق في السويداء ودرعا وبادية ريف دمشق، ليسيطر اليوم الاثنين على مناطق كانت بحوزة الثوار.
الكاتب السوري، د. ياسر العيتي رأى أن "الاتفاق الأخير (اتفاق الجنوب) حدث خارج أستانة وهو ينعى جنيف وعملية الانتقال السياسي". وأضاف في حديث لبلدي نيوز "لكن مجرد رفض الاتفاق لا يفيد، يجب الاستفادة منه لتثبت المعارضة مواقعها وتظهر قدرتها على تنظيم الحياة في المناطق التي تديرها على أن يكون ذلك ضمن الشروط الوطنية أي رفض التقسيم والسعي نحو الحل الشامل الذي يضمن الانتقال من الاستبداد إلى دولة العدل والقانون على كافة التراب السوري".
الخشية من التقسيم وردت أيضاً في حديث الوسيط الدولي دي مستورا، عندما علق اليوم الاثنين على الاتفاق، في مستهل الجولة الحالية من مفاوضات جنيف، قائلاً إن اتفاقات "عدم التصعيد" في القتال في سوريا يمكن أن تسهل تسوية الصراع وتفضي إلى مرحلة لإرساء الاستقرار في البلاد، لكن يجب أن تكون مثل تلك الاتفاقات مرحلة انتقالية وأن تتجنب التقسيم.
الباحث والكاتب السوري، عبد الرحمن مطر، علق على اتفاق الجنوب بالقول: "يخيل لمتابعي الشأن السوري، في تطوراته المقلقة، أن اتفاق المنطقة الجنوبية، سوف ينعكس إيجاباً على العملية السياسية التي تهدف لإنهاء ترديات الوضع الأمني والعسكري، وإيقاف دورة ما تسميه الأمم المتحدة (العنف المفرط في استخدام القوة). ذلك أن اتفاق واشنطن- موسكو – الأردن، قد استطاع حتى الآن فرض بنوده على كافة الأطراف، خلافاً لما تعانيه اتفاقات المناطق الآمنة المنبثق عن لقاءات أستانة".
وأضاف في حديث خاص لبلدي نيوز "في اعتقادي أن الأمر مختلف تماماً من حيث دور الأطراف في العمليتين السياسيتين – الأمنيتين، وفي دوافعهما المحركة لإنجاز الاتفاقات، وإرغام الأطراف المعنية بالالتزام بها. دون أن الخوض في اتفاق المنطقة الجنوبية، ينبغي الإشارة إلى أهمية دور كل من إسرائيل والأردن في تحجيم التوتر، وخفض القتال في المنطقة، ليس لدوافع تتصل بدعم الثورة السورية، وحماية المدنيين، بل تأتي في سياق الحفاظ على الأمن المشترك لهما".
وهذا الدافع، غير متوفر في العملية السياسية في شقيها (أستانا وجنيف). بل على العكس من ذلك، فالتفاؤل ليس ثمة حامل يتكئ إليه، في ظل معطى أساسي، وهو ابتعاد الولايات المتحدة عن الدخول كطرف مباشر في مفاوضات جنيف، والاكتفاء بدور المراقب، لا يشكل دعماً حقيقياً لعملية التفاوض التي تعانى من إشكالية الدوران في الحلقة المفرغة، فلا موسكو قادرة حتى الآن على إلحاق مفاوضات جنيف كليّة بالدور الروسي وتصوراته، ولا الهيئة العليا للمفاوضات تمتلك من التصورات أو وسائل العمل، لإحداث نقلة ولو كانت جزئية، تطلق المفاوضات بشكل جدي ومسؤول، خاصة وأن جلّ العقبات تتمثل في رفض النظام لكل الأفكار المطروحة من قبل المعارضة رفضا مبدئياً. ولا تزال العقبات هي ذاتها: رفض مناقشة مصير الأسد، ورفض مبدأ انتقالية الحكم. وفق الباحث "مطر".
وعن تقييمه لجدوى الجولة الحالية من مفاوضات جنيف، يوضح الباحث "مطر": "الجولة السابعة، من مفاوضات جنيف تُعقد دون أي تطور في مواقف الأطراف، وتعود للبحث الغير مباشر للسلال الأربع التي طرحها دي ميستورا في الجولة السابقة، وهي: الدستور والحكم والانتخابات ومكافحة الإرهاب".
ويردف: "جميع هذه النقاط جوهرية في التحول المرتقب، وهي خلافية بقدر جوهريتها، ومن الصعب إحداث اختراق في أي منها، باستثناء المسألة المتصلة بمحاربة الإرهاب، إذ يتوقع أن تلقي معركة الرقة بظلالها، على هذا الجانب، ولكن بانتظار ما يمكن أن تتمخض عنه من تطورات، مع الاعتقاد بأن معركة الرقة هي مسألة وقت، لكن قد لا تنجز سريعاً، وتمتد إلى مناطق أخرى باتجاه دير الزور".
ويرى "مطر" أن هناك إصراراً من النظام السوري، على رفض مبادئ التفاوض التي يمكن أن تقود إلى مناقشات جادة، مع الإرباك الذي تعيشه مفاوضات أستانا، وخاصة فشل الأخيرة، بل وتسجيل تراجع كبير، يتمثل في عدم القدرة على تطبيق ما اتفقت عليه الأطراف الراعية، التي تتعمق خلافاتها، وتنعكس سلباً على الوضع السوري، وعلى اللاجئين السوريين.
ويلخص "عبد الرحمن مطر" رؤيته لمسار جنيف بالقول: "إذا لم يكن هناك إرادة أميركية ودور فعال لها، يتبنى مفاوضات جنيف، وينخرط فيها كراعٍ أساسي، فإن موسكو وتابعها نظام الأسد، سوف يظلون يحركون الهواء دون أن نرى طحينا".