بلدي نيوز – (منى علي)
قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا، أمس الاثنين، إنه سيستأنف محادثات السلام السورية بـ"جنيف" في 16 أيار/مايو الحالي.
وعبر دي ميستورا عن أمله في التطبيق الكامل للاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وإيران وتركيا في أستانا الأسبوع الماضي بإنشاء مناطق "لخفض التصعيد" في سوريا "مما سيؤدي إلى خفض كبير لتصعيد العنف ويساعد في تهيئة مناخ يفيد المحادثات السياسية السورية-السورية في جنيف".
هذا التسويق لمخرجات "أستانا4"، تم تزامناً مع سعي الوفد الروسي في الأمم المتحدة لترويج "الحل الروسي" وإضفاء شرعية دولية عليه، من خلال توزيعه على أعضاء مجلس الأمن الدولي، ربما للتصويت عليه لاحقاً.
ويتوج وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، المساعي الروسية حين يعرض المشروع على نظيره الأمريكي تيلرسون، غداً الأربعاء، حين يلتقيه في واشنطن، لبحث القضية السورية، ومحاولة تمرير اتفاق "خفض التصعيد"، وهو ما تسعى إليه إدارة ترامب في الإطار العام من خلال مناداتها بضرورة إيجاد "مناطق آمنة"، إلا أن وزير الدفاع الأمريكي، ماتيس، قال أمس للصحفيين إن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، مشيراً إلى ضرورة مناقشة تفاصيل الاتفاق، مع رفض واشنطن لأي دور إيراني في رعايته أو ضمانته كما أعلنت وزارة الخارجية سابقاً.
فماذا وراء السعي الروسي المحموم والمنسق لتسويق الاتفاق؟ وهل يسهم دي مستورا في شرعنته من بوابة الأمم المتحدة التي كلفته رسميا بالتوسط في "الأزمة" السورية، ليصبح مسار جنيف تابعاً ومنفذاً لمخرجات أستانا؟.
الصحفي والسياسي السوري "عمر إدلبي" أجاب عن التساؤلات بالقول: "لابد من النظر بداية إلى السياق الذي أفضى إلى مذكرة التفاهم التي وقع عليها في أستانة مؤخراً، فاتفاق مناطق (خفض التصعيد) هذا يأتي كمحاولة روسية جديدة لتحقيق ما عجز عن تحقيقه اتفاق وقف إطلاق النار الذي قدمت روسيا نفسها كضامن له في بداية العام 2017، وفشل فشلاً ذريعاً جراء عدم التزام قوات الأسد والمليشيات الشيعية المدعومة من إيران به، نتيجة اختلاف أولويات روسيا عن نظيرتها لدى نظام الأسد وإيران، وهذا الاختلاف أظهر روسيا أمام المجموعة الدولية على أنها غير قادرة على فرض حل سياسي، ولا حتى على ضمان التزام حلفائها بحل من اقتراحها".
ويضيف "إدلبي" في حديث خاص لبلدي نيوز: "كما تأتي مذكرة (مناطق خفض التصعيد) كمحاولة لقطع الطريق على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإقامة مناطق آمنة في سوريا، وبعد أن أكدت ضربة مطار الشعيرات للكرملين جدية إدارة ترمب في تنفيذ سياساته".
ورأى الصحفي والسياسي "إدلبي" أن روسيا تستغل ضعف المعارضة السورية وخساراتها الميدانية المتواصلة منذ عام تقريباً لفرض مسار حل بعيد عن تفاهمات جنيف، لكنه في الظاهر مواز لمسار جنيف، وقد وجدت ضالتها في الأستانة، وتحاول بعد كل خطوة سياسية تنجزها في أستانة أن تحصل لها على اعتراف دولي أممي، والإدارة الأمريكية السابقة في أيامها الأخيرة بدت مشغولة عن الملف السوري برمته ولم تحاول إحباط المنجز الروسي عندما مررت قرار مجلس الأمن رقم 2336 في 31 – 12 – 2016 الذي تضمن خلاصة اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا الذي تم التوصل إليه بوساطة تركية وروسية في الأستانة.
ويرى "إدلبي" أنه "هذه المرة، وحتى الآن تجاهل الأمريكان والأوربيون مطالبة روسية بالتصويت على مشروع قرار يتضمن بنود مذكرة (مناطق خفض التصعيد) لأن سياسة إدارة ترمب لا تشبه بشيء دبلوماسية جون كيري، فهي لا تثق بجهود موسكو في الملف السوري، ولا بدفاع موسكو عن إيران ودورها في سوريا طيلة الوقت، وتهاجم بوضوح تمسك موسكو بالأسد، وتغطية جرائمه، وخاصة بعد جريمة خان شيخون الكيماوية".
وعن دور الوسيط الدولي، قال "إدلبي": "دور ديمستورا في التصفيق لمذكرة الأستانة الأخيرة، وسعيه لإكسابها شرعية أممية فهو لا يختلف عن أدواره السابقة في القبول والترحيب بأي إنجاز يساهم في نجاح عمله ولو على حساب دم السوريين وطموحاتهم بالتخلص من نظام مجرم قتل وشرد منهم الملايين وعلى مرأى من السيد ديسمتورا، بل وبرعاية موظفيه الذي أشرفوا في مرات كثيرة على عمليات تهجير المدنيين السوريين من أماكن سكناهم بالقتل والتجويع".