بلدي نيوز – (منى علي)
تعيش محافظة إدلب - قلعة المعارضة- ظروفا ربما تكون هي الأسوأ منذ بداية الثورة السورية، حيث تشهد المحافظة - التي تسيطر عليها المعارضة بشكل كامل- احتقانا داخليا على خلفية اتفاق المدن الأربع الذي لم يفضِ إلى الإفراج عن بعض معتقليها كما نص الاتفاق، إضافة إلى أزمة أسعار تخنق سكانها المتعبين، وأزمات ثقة بين مكونات المشهد الثوري تجلت في اجتماع مديرية الصحة التي فقدت معظم مشافيها في القصف وفقدت الثقة بين مكوناتها.. يضاف إلى هذا كله تهديد حدودها الجنوبية من قوات النظام وحلفائها الذين أحرزوا تقدما كبيرا في ريف حماة الملاصق، ويتوعدون بالعبور إلى خان شيخون وربما إلى أبعد منها وفق تهديداتهم!
فالمحافظة باتت محاصرة أو شبه محاصرة من ثلاث جهات، حيث تحيط بها قوات النظام والميلشيات من ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي وريف اللاذقية الشرقي، لتبقى حدود المحافظة مع تركيا هي الرئة الوحيدة التي تتنفس منها، وهذا محكوم بالتغيرات والتقلبات السياسية، ومع صعوبة فرض حصار كامل على المحافظة كونها تتصل بتركيا الحليفة، إلا أن تهديد النظام باقتحامها بعد تقدمه في ريف حماة الشمالي المتاخم، سبب بعض المخاوف وأعاد الإرباك إلى صفوف المدنيين، الذين زادت الخلافات الداخلية وارتفاع الأسعار متاعبهم، مع تزايد حالة فقدان الثقة بعد صفقة "المدن الأربع" التي يرون أنها كانت على حسابهم ولم تأخذ مصالحهم بالحسبان.
يضاف إلى هذا كله؛ أن المحافظة هدف دائم لكل الطيران الناشط في السماء السورية، من النظام وروسيا إلى التحالف الدولي، بحجة وجود "جبهة النصرة" أو "تحرير الشام" أو "تنظيم القاعدة" في المحافظة، هذا الوجود الذي تعالت أصوات معارضة مؤخراً مطالبة بوضع حد له وتسليم المواقع كلها للجيش الحر لتجنيب المحافظة مصيراً أسود وفق قولهم.
فما هي السيناريوهات المتوقعة ضمن المعطيات الراهنة، وكيف تتجاوز إدلب المحنة؟
الصحفي السوري منهل باريش، قال إن "المسالة الأسوأ في إدلب هي اتفاق التهجير (المدن الأربع)، فالفصائل انساقت خلف المُشغّل بامتياز، ولم تستطع فرض أي شرط يحفظ ماء الوجه، وهنا أتكلم عن دفعة المعتقلين المفرج عنهم، فـ630 معتقل منهم ذهبوا إلى مناطق النظام، وهم أساسا معتقلون جدد ويعيشون في مناطق النظام، أما باقي الواصلين إلى إدلب فهم أيضا معتقلون جدد، تتراوح فترة اعتقالهم من 3 إلى 10 أيام، بينما هناك عشرات الآلاف من المعتقلين من فصائل الجيش الحر والمنخرطين الأوائل في الثورة السورية، مغيبون ومنقطعة أخبارهم، وهذا يعني أن أحرار وتحرير الشام لم يستطيعوا فرض اسم واحد على القوائم".
وأضاف في حديث خاص لبلدي نيوز: "أعتقد أن المشكلة الأساسية التي ساقت حالة السخط العامة سوف تؤسس لمرحلة جديدة في النزاع المدني – العسكري بين النشطاء والقوى الثورية المدنية والفصائل العسكرية".
وعبر الصحفي "باريش" عن قناعته بأن "هيئة تحرير الشام" تعاني من "انفضاض الحاضنة الشعبية خاصة مع عجزها عن صد النظام في ريف حماة الشمالي، حيث تحملت فصائل الجيش الحر وعلى رأسها "جيش العزة" كل الأعباء لعدم وجود السند والحليف".
وحول نية النظام الوصول أو دخول حدود محافظة إدلب، قال الصحفي "باريش" إن هدف النظام واضح في الوصول إلى خان شيخون وتغيير مسرح جريمة الكيماوي، وسوف يلجأ إلى نقل مواد لسارين والكلور ونسبها للإرهابيين برأيه خصوصا بعد موقف ترامب الواضح تجاه الأسد.
وختم الصحفي والناشط السياسي "منهل باريش" حديثه بالقول: "كل هذه التطورات ستكون نحو الأفضل على الرغم من سوئها وسلبياتها، ولكنها بشكل أكيد ستجعلنا نفكر بشكل جديد للمقاومة بعيداً عن هذه الفصائل (الإسلامية) تحديدا".