بلدي نيوز – (غيث الأحمد)
شعر ساسة الإدارة الروسية بالندم على ما أضاعوه من فرصة ثمينة في سوريا، عبر إطلاق عملية سياسية جدية في سوريا، تُجبر نظام الأسد على التقدم في العملية التفاوضية التي جرت في جنيف، وليس الاكتفاء في إبقائه داخل تلك العملية فقط.
كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزملاءه من الجنرالات السوفييت يمنون النفس بعقد صفقة أكبر من سوريا تجعلهم أحد قطبي العالم، ولكنهم فوجئوا بدونالد ترامب الحازم والجريء في اتخاذ القرارات والذي يريد إعادة الهيبة لأمريكا واسترجاعها أولاً على العالم.
قرار ترامب الدخول بشكل فعلي في الحرب السورية، من خلال التقدم في مناطق تنظيم "الدولة" وتوجيه ضربات صاروخية على مطار الشعيرات الذي يتخذ منه النظام كقاعدة رئيسية في توجيه حمم الموت على السوريين؛ بدّل قواعد اللعبة وأعاد التفاهمات مع روسيا إلى مربع الصفر، وتحديداً إلى العام ٢٠١١، وأضاع جميع المكاسب السياسية التي حققتها موسكو بعهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
الصفقة التي قدمها ترامب عبر وزير الخارجية ريكس تيلرسون في أول زيارة له إلى موسكو بصفته الرسمية الجديدة لم تعجب بوتين الطامح بحكم العالم مناصفة، وجميع المؤشرات تدل على أنه رفضها، وأولى ردات الفعل جاءت في مجلس الأمن من خلال استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار لإدانة نظام الأسد بعد استخدامه السلاح الكيماوي في خان شيخون بريف إدلب.
ثاني الرسائل من الكرملين كانت عسكرية، رداً على "أم القنابل" التي أرعب بها صاحب البيت الأبيض خصومه، ولوحظ في الأيام القليلة القادمة زيادة الطلعات الجوية الروسية فوق مناطق المعارضة، وهو ما أوقع عدداً كبيراً من المدنيين ضحية السلاح الروسي الفتاك.
باتت المهمة أصعب على موسكو التي تعرف أن أي صفقة مع واشنطن تحتم عليها التخلي عن الأسد وإيران معاً، فحين دخلت إلى سوريا بضوء أخضر كان النظام والإيرانيين في أضعف حالاتهم وعلى وشك السقوط. لكن بشار اليوم يرى في نفسه الشخص الأجدر على قيادة البلاد في مكافحة الإرهاب واسترجاع كل سوريا وخاصة بعد السيطرة على كامل حلب، ووصول قواته والميليشيات الإيرانية إلى ضفاف نهر الفرات لأول مرة بعد أربعة أعوام من الفراق.
بوتين ورفاقه باتوا في مأزق. يتساءلون في قرارة أنفسهم كيف فرطوا بحقبة أوباما؟ كيف طاشوا بالرد على قصف البنتاغون لأحد قواعد النظام في دير الزور بقصف قافلة المساعدات الإنسانية في حلب؟ لماذا خربوا الاتفاق مع جون كيري؟
فواتير التدخل الروسي على الأراضي السورية ما تزال مستمرة. بشار الأسد يخونهم مع الإيرانيين. الصفقة الموعودة تبخرت أحلامها، لم تأت بـ"رأس المال". لا يعرف الجنرالات الروس إذا ما ستكرر الضربات الصاروخية الأمريكية على قواعد الأسد دون تنبيه مسبق. شبح "التوماهوك" يهدد جنودهم وسط الخراب، والمسؤولية القانونية عن جرائم الحرب في سوريا تلاحقهم في الأوساط الدولية.