بلدي نيوز – (منى علي)
بعدما وصفه بـ"الحيوان"، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ماض في خطته لإسقاط الأسد وإزاحته عن عرشه الدموي، وعلى هذا الهدف تعمل مؤسسات واشنطن السياسية والعسكرية في تناغم تصاعدي مع مجموعة الدول السبع والدول العربية المؤثرة والحليف التركي.
وفضلت "مجموعة السبع"، الدخول في حوار أخير مع روسيا، بدل فرض عقوبات جديدة عليها، لإقناعها بأن التخلي عن الأسد ونظامه صار حتميا وأن محاولات تأهيله وإعادة تعويمه صارت من الماضي، ويحمل العرض إغراءات وحوافز لروسيا تشمل إعادتها إلى مجموعة الثماني الكبار وتخفيف العقوبات عنها، وبالتأكيد ضمان بعض مصالحها في سوريا، وإن لم يكن ذلك معلنا.
في المقابل؛ تبدو خيارات روسيا ضيقة للغاية أمام إصرار أمريكي وإجماع عالمي على ضرورة رحيل الأسد.
لكن يبقى السؤال الذي يحرج الجميع ولا يجدون له جوابا أو مخرجا حتى الآن: من البديل؟
يرى محللون ومراقبون للشأن السوري أن الكرة هنا في ملعب المعارضة السياسية السورية التي لم تستطع حتى الآن التناسق والتناغم وتشكيل ائتلاف سياسي يضم معظم القوى المعارضة، فضلا عن عدم وجود كيان سياسي معارض يحظى بثقة ودعم أكثرية راجحة في المجتمع السوري، وهنا يبرز دور الائتلاف الوطني، التكتل الأكبر والأكثر شرعية دولية، إذ اعترفت به الدول الداعمة للثورة السورية ممثلاً وحدياً للثورة أو أحد أكبر ممثليها، إلا أن دولا أخرى حرصت -بعيدا عن الائتلاف- على "تجميد" أشخاص كان لهم دور بارز على الساحة السياسية السورية، ربما لإعادة إنتاجهم في مرحلة البحث عن بدائل، وهي المرحلة التي يعلم الجميع أن القطار سيصل محطتها عاجلا أم آجلا، ومن هؤلاء على سبيل المثال "فاروق الشرع، مناف طلاس، جهاد مقدسي، قدري جميل".. وغيرهم كثير ممن قد ترمي بهم الدول المعنية والمتحكمة بالملف السوري إلى الواجهة، فهل من دور للمعارضة السياسية والعسكرية وللثوار عموما في ملء الفراغ السياسي حال سقوط تدريجي أو مفاجئ للأسد؟
الصحفي السوري "فراس ديبة" يرى أن "الوضع التنظيمي والسياسي للمعارضة إجمالاً سيئ جدا، حيث لا توجد توافقات ولا خطة عمل موحدة، بل تجاذبات بين الأجسام السياسية المعارضة، وهذه التجاذبات توجد حتى ضمن الجسم الواحد"، مستشهداً على ذلك بالخلافات التي ظهرت داخل هيئة المفاوضات العليا في الجولة الماضية من مفاوضات جنيف، "حيث تم التمثيل بناء على المحاصصة وليس بناء على الكفاءة".
وأردف "ديبة" في حديثه لبلدي نيوز: "لو كانت المعارضة منظمة وقادرة على تولي الحكم وإدارة سوريا لكان الموقف الأمريكي والغربي مختلفا".
وأوضح أنه "لا يمكن للمعارضة بشكلها الحالي طرح نفسها كبديل، فهناك أطراف وشخصيات معارضة تبحث الآن عن طرح مشاريع وطنية جامعة، هدفها الوصول إلى صيغة توافقية، لكنني لا أعول كثيرا على هذه الأطياف، لأن تجربتنا معها –كسوريين- هي تجربة سيئة وتنتهي دائما بالشخصنة والعمل لأجل التنظيم أو الجماعة التي ينتمي إليها المعارض".
وحول الشخصيات التي يتم إعدادها لقيادة المرحلة القادمة، قال الصحفي "ديبة": "إن معظم الدول المتدخلة في الملف السوري لديها شخصيات احتفظت بها لحين الوصول إلى صيغة تسوية أو حل سياسي أو إسقاط النظام، وهناك شخصيات نأت بنفسها عن العمل السياسي المباشر وابتعدت عن الأضواء لأنها تدرك أن هذه المرحلة هي مرحلة احتراق سياسي، مؤثرين أن يكون لهم دور فيما بعد المرحلة الانتقالية في مرحلة تأسيس سوريا الجديدة".
حديث المبعوث الدولي دي مستورا اليوم عن إمكانية عقد جولة جديدة من مفاوضات جنيف في شهر أيار/مايو القادم، سيبرز رد فعل المعارضة الحقيقي، فإن ذهبت الهيئة والائتلاف إلى المفاوضات بالصيغة القديمة ذاتها، سيكون ذلك إيذاناً بسقوط سياسي مدوٍّ، أما إن أعادت ترتيب أوراقها وفق المعطيات الجديدة، وذهبت لمناقشة بند إسقاط نظام بشار الأسد فقط، فستحظى –وفق مراقبين- بدعم الدول المؤثرة والوازنة وكذلك سترقى إلى مستوى ثقة الشعب السوري وقيادة المرحلة القادمة.