بلدي نيوز- (ميرفت محمد)
نال الفلسطيني الكثير من المعاناة في سوريا، فقد نجم خلال الست سنوات من عمر الثورة السورية مقتل واعتقال وتهجير وتجويع الآلاف من فلسطيني سوريا.
فحوالي 650 ألف لاجئ، هو عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، توزعوا على عدة مخيمات مارس ضدهم نظام الأسد كل أنواع الضغط، بدأ بتدمير المخيمات على رؤوسهم، وليس انتهاء بحصارهم وتجويعهم، وقد خص الفلسطينيين بفصول من الجرائم لأن النظام اعتبرهم كتلة تؤيد المقاومة الفلسطينية التي رفضت الانخراط في حرب النظام ضد شعبه، أو لكونهم دعموا الشعب السوري في الثورة.
الفلسطيني يُعذب أضعاف السوري بالسجون
"الفلسطيني يُعذب أضعاف السوري بالسجون، لأنه ناكر للمعروف وناكر لفضل بشار الأسد ودعمه للمقاومة الفلسطينية"، هذا ما يكاد يتفق عليه معتقلون سابقون أدلوا بشهاداتهم بعد الإفراج عنهم.
تظهر أرقام مركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سوريا أن عدد المعتقلين الفلسطينيين هو 12,442 معتقلاً، أما عدد شهداء التعذيب الفلسطينيين فهو 527 شهيداً، من بينهم 54 طفلاً فلسطينيا أصغرهم يبلغ 13 عاماً، بالإضافة إلى 38 من النساء و64 من كبار السن، وقد أحصى المركز، تسليم جثامين 14 شهيدا، بعضهم دفع ذويهم مبالغ مالية طائلة للاستلام جثامينهم.
أما مجموعة العمل من أجل فلسطينيّ سوريا، فقد وثقت –مع الإشارة إلى تكتم النظام على مصير المعتقلين وأسمائهم وأماكن اعتقالهم- حتى الآن (1169) معتقلاً فلسطينياً في سجون النظام السوري منهم (83) معتقلة.
تؤكد الإدارية في مركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سوريا (إباء محمد) على عدم مساهمة الفصائل الفلسطينية في الإفراج عن المعتقلين رغم تواصل المركز عدة مرات مع مسؤولين فلسطينيين موالين للنظام السوري ومعارضين لإنقاذ المعتقلين، وتابعت : "حتى الآن لم يساهموا في الإفراج عن أي معتقل، منظمة التحرير الفلسطينية ساهمت بالإفراج عن 11 معتقل فقط من كبار السن، وادّعت بأن من تبقى في السجون هم من حملة السلاح رغم وجود أطفال دون الـ 5 أعوام".
وتشير (محمد) خلال حديثها لـ"بلدي نيوز" إلى أنه حتى المنظمات الدولية كالصليب الأحمر، لم تستطع معرفة مصير المعتقلين أو مكان اعتقالهم، ومعظم المعتقلين تجاوزت مدة اعتقالهم 5 أعوام، وعن مهام المركز، توضح (محمد) أن المركز هو حلقة وصل بين المعتقلين المفرج عنهم وبين ذوي المعتقلين المفقودين داخل السجون، وقد تمكن المركز من معرفة مكان اعتقال أكثر من 500 معتقل وإبلاغ ذويهم عن أخبارهم ومصيرهم من خلال المعتقلين السابقين، كما أنه من جهود المركز إدراج أسماء المعتقلين في صفقات تبادل الأسرى بين النظام السوري والمعارضة.
3452 لاجئًا شهيدًا
في آخر الأرقام التي نشرتها، مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا تبين أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين قتلوا في سوريا منذ منتصف مارس/آذار 2011 وصل إلى 3452 لاجئًا، بينهم 190 لقوا مصرعهم نتيجة سوء التغذية والرعاية الطبية بسبب الحصار، لا سيما في مخيم اليرموك (جنوب دمشق)، إضافة إلى استشهاد نحو (455) امرأة.
كما وثقت مجموعة العمل استشهاد (177) إعلاميا فلسطينياً من ذوي الاختصاصات المختلفة الأكاديميين أو المتطوعين الذين جمعوا بين أكثر من عمل أحيانا، كالمجال التنموي والاغاثي والإعلامي قضوا في مناطق متعددة في سورية أثناء تغطيتهم الإعلامية للأحداث المتواصلة منذ آذار (مارس) 2011 ولغاية كانون الأول – ديسمبر 2016.
ويكشف تقرير حقوقي، أن 80 ألف لاجئ فلسطيني أجبرهم القصف العنيف والحصار الخانق لمخيماتهم على الهجرة من سوريا إلى أوروبا، وسبق وأن نشرت المجموعة تقرير ميداني بالتعاون مركز العودة الفلسطيني في لندن، يرصد ارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع الاقتصادية في سورية، ما أثر سلبًا على اللاجئين الفلسطينيين الذين ما زالوا في سوريا، ويظهر التقرير المعنون بـ "فلسطينيو سورية بين الترحال والزوال" انخفاض عدد مدارس "الأونروا" في سورية جراء الحرب الدائرة هناك، معتمداً على تقارير لوكالة الغوث يتحدث عن انخفاض عدد مدارس التعليم الأساسي من 118 مدرسة قبل بدء الأحداث في سورية إلى 42 مدرسة فقط.
مخيم اليرموك نموذجَا
يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا 650 ألف فلسطيني، موزعين على نحو 10 مخيمات، أبرز هذه المخيمات هي مخيم اليرموك، الذي أنشئ العام 1957، يحاصر النظام السوري مع مجموعات الجبهة الشعبية – القيادة العامة هذا المخيم منذ نحو 1366 يوم، لكن من يسيطر بالداخل على المخيم منذ مطلع أبريل 2015 هو تنظيم "الدولة".
كل هذه الجهات تعمل من أجل تضيق الخناق على اللاجئين الفلسطينيين، حيث يمنع على سكان المخيم إدخال أي مواد غذائية وطبية، وهو ما أدي إلى تدهور الوضع الصحي، إذ أصيب المئات بأمراض متعددة كأمراض الكبد والكلية، بسبب توقف مستوصفات ومشافي المخيم عن العمل بسبب نفاد المواد الطبية وعدم تواجد الكوادر الطبية المتخصصة، ووثقت مجموعة العمل استشهاد (185) لاجئاً بسبب نقص التغذية والرعاية الطبية، وهناك مناطق تعاني من نقص كبير في مياه الشرب، مع استمرار تنظيم "الدولة" بإعدام من يخالف تشريعاته، وقد وصل الأمر به لإعدام كل من يرفع العلم الفلسطيني في مناطق سيطرته.
يقول الناشط الإعلامي من مخيم اليرموك (حمزة المقدسي) أن الفلسطيني في بداية الثورة السورية عوقب في مخيمات درعا وخان الشيح واليرموك، لأنه دعم الشعب السوري لوجستيا حيث شكلت المخيمات في بداية الثورة ملاذ آمن للنساء والأطفال، وأضاف : "نال الفلسطيني ما نال السوري، وفي بعض الأحيان زاد نصيبه من جرائم النظام، فقد مرت فترات فعلًا كان استهداف النظام للمخيمات واضحاً خاصة داخل دمشق".
بدأت نكبة مخيم اليرموك في 17 / 12 / 2012، وبعد يوم واحد على قصف طائرات النظام مسجد الشهيد عبد القادر الحسيني ومدرسة الفالوجة بالصواريخ والتسبب بمجزرة راح ضحيتها 100 شهيد جلهم من الأطفال والنساء والمدنيين، ويؤكد (المقدسي) أن التركيز على اليرموك جاء لكونه أكبر مخيم فلسطيني داخل وخارج فلسطين، ولكونه عاصمة للفلسطينيين خارج فلسطين المحتلة وهو محطة ثقافية ونضالية مركزية.
وفيما يتعلق بما نال المخيم من تنظيم "الدولة"، يوضح (المقدسي) لـ"بلدي نيوز" أن التنظيم الذي سيطر على المخيم منذ العام 2015 تسبب في أن يدفع الأهالي المدنيين أثمان باهظة أضيفت لجرائم النظام ضدهم، وتابع القول : "المدنيون محاصرون بغرب المخيم (الريجة وشوارع 15 والـ30 وحيفا وصفورية تقريبا و100 عائلة وضعهم سيء وقبل 68 يوما بدأ الحصار التام عليهم من داعش حيث يمنع الدخول أو الخروج نهائيًا".
المرأة الفلسطينية والثورة السورية
اعتقلت الفلسطينية (هـ. ن)، و لم يشفع لها صغر سنها من أن ينال منها شتى أنواع التعذيب في سجون النظام السوري، بل أنه نتيجة الاغتصاب المستمر حملت ثم أجهضت جراء التعذيب والضرب العشوائي.
فتاة فلسطينية أخرى، تبلغ من العمر 20 عامًا حملت جراء الاغتصاب المتكرر في الاعتقال، تقول إحدى المعتقلات أفرج عنها : "بعد ولادتها لم تحتمل النظر إلى الطفل أو إبقاءه بجانبها في الزنزانة ولم تكن تستطع سماع صوت بكاءه فكانت تحاول التخلص منه وقتله وعدم مشاهدته"، وتضيف في شهادتها لمركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين أن اغتصاب المعتقلات كان أمرًا شائعًا، فإحداهن حاولت الانتحار عدة مرات فكانت تضرب رأسها في جدران الزنزانة وفي كل مرة كانت تغيب عن الوعي لساعات.
لقد اضطرت النساء الفلسطينيات لتحمل أعباء الحصار والجوع والمرض والتهجير بالبحر، وقبعت في سجون النظام السوري أكتر من 600 سيدة فلسطينية معتقلة، وفقدت الفلسطينيات أبنائهن سواء في القصف أو الموت تحت وطأة الجوع، ففي فترة حصار مخيم اليرموك دفنت الأم أطفالها الذين استشهدوا نتيجة الحصار بالمخيم أو القنص أو القصف، وشاركت منذ اللحظات الأولى في الثورة، فمخيم اليرموك الذي كان المضيف الرئيسي للعائلات المهجرة داخل سوريا، قامت نسائه بتقديم دروساً في الإسعافات الأولية، وشكلن نقطة حيوية لتأمين الاحتياجات الطبية للمدن المجاورة.
وتروى لنا الإدارية في مركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سوريا (إباء محمد) قصة السيدة (م.ت) التي أصيبت إصابة بالغة بسبب القصف بسوريا، ثم توجهت للعلاج نحو الأردن، ولأنها تعلم أنه قد لا يسمح لها بالدخول بهويتها الفلسطينية، دخلت بهوية سورية، وبمجرد أن اكتشف الأمن الأردني أن هذه السيدة فلسطينية الجنسية وضعها على الحدود السورية ولم يسمح لها بمواصلة العلاج في الأردن، وتضيف (محمد) أن معظم الاعتقالات التي نالت من المرأة الفلسطينية في سوريا كانت عشوائية، اعتقلت قاصرات و ممرضات وناشطات بتهمة العمل الإنساني، وتابعت : "مئات النساء من دون معيل بسبب اعتقال الزوج أو الأب أو الأخ، بالإضافة إلى أن اللجوء إلى أوروبا أو الدول العربية منع في الكثير من الأحيان".