تعتبر مسألة الاختطاف والاختفاء المفاجئ واحدة من أكثر القضايا المرتبطة بجوهر العقلية الحاكمة للنظام في سوريا، هذه الجزئية القديمة الجديدة عادت إلى واجهة الأحداث مع انطلاقة الثورة السورية.
مصادر حقوقية كثيرة تتحدث عن الآلاف من حالات الاختفاء القسري في سوريا، دون أرقام أو إحصاءات دقيقة توثق اعداد المختفين قسرياً، نتيجة الصعوبة البالغة في الوصول إلى مصدر المعلومات "الأهالي"، الذين فقدوا أحد أبنائهم، ولا يعرفون شيئا عن مصيره.
ميليشيات "البعث" و"الدفاع الوطني"، وعصابات تتبع لأجهزة النظام الأمنية والاستخبارية تنصب حواجز "طيارة" ليلاً نهاراً في العاصمة دمشق، مهمتها تتلخص بإلقاء القبض على شبان أو فتيات، واقتيادهم الى أماكن سرية خاصة، وابتزاز عوائلهم مادياً، لدفع فدية مالية كبيرة خلال 48 ساعة، أو يتم تصفية الضحية.
وغالباً ما تتركز حالات الاختطاف بمدينة دمشق في الأحياء البعيدة نسبياً عن مركز المدينة، وإن كان هذا الأمر لا يشكل تعميماً ينتهجه الخاطفون، بل أن حالات خطف لفتيات ومراهقين حدثت وسط المدينة، وعلى مرأى العامة.
شواهد عيان في مدينة دمشق تحدثوا لمراسل شبكة بلدي عن حالات خطف حدثت قبل أيام بوضح النهار، حيث تم اختطاف 3 اشخاص، واقتيادهم إلى جهات مجهولة، دون أن يوقفهم أحد على الحواجز، مشيرين إلى أنه "اتفاق"، أو أنهم عناصر تابعين لجهة أمنية معروفة.
وأفاد الشهود أنه لم يمض وقت طويل حتى اتصلوا بأهالي المخطوفين، وطلبوا فدية مالية، ونقل الشهود عن مخطوفين أطلق سراحهم بعد دفع الفدية تأكديهم أن "هذه العصابات أقدمت على تصفية مخطوفين لم يتمكن ذويهم من دفع فديتهم، وأن الغرف التي احتجزوا فيها مليئة بآثار الدماء القديمة، ومنها ما بدا حديث العهد".
وشهد حي المجتهد اختطاف طفلين بعمر العاشرة والرابعة عشر خلال الشهر الفائت، ليتم تحريرهم بعد دفع مبالغ كبيرة طلبها الخاطفون.
تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الحالات يتم التعتيم عليها من ذوي المختطفين، لأسباب أمنية، وأخرى مجتمعية متعلقة بالعادات والتقاليد، خصوصاً في حالات اختطاف الفتيات، وكانت تنسيقية دمشق تحدثت مطلع العام عن اختطاف فتيات وضح النهار في حي البرامكة وسط دمشق.