حلف (أمريكي-تركي-عربي) لتحرير الرقة.. هل ترد موسكو بـ"القتل الخطأ"؟ - It's Over 9000!

حلف (أمريكي-تركي-عربي) لتحرير الرقة.. هل ترد موسكو بـ"القتل الخطأ"؟

بلدي نيوز – (منى علي)

بدأت قوات "درع الفرات" المدعومة تركياً، حملتها الأعنف على مدينة "الباب" أول أمس الثلاثاء، قبل سويعات من المكالمة الهاتفية المرتقبة والأولى بين الزعيمين، ترامب وأردوغان، التي جرت ليل الثلاثاء، واتفق فيها الجانبان على محاربة تنظيم "الدولة" في سوريا، دون ذكر مزيد من التفاصيل، حيث قال مراقبون إن الشؤون الأخرى التي تهم تركيا بالمقام الأول وهي (قضية إعادة فتح الله غولن المتهم بتدبير الانقلاب الفاشل منتصف العام الفائت، وكفّ يد القوات الكردية الانفصالية عن معركة الرقة وإيقاف الدعم الأمريكي لها) قد أصبحت بعهدة رئيس المخابرات المركزية الأمريكية، مايك بومبيو، الذي يبدأ اليوم زيارة لأنقرة وفق الصحافة التركية، وهي محطته الخارجية الأولى بعد تسلم منصبه.

وبعد الاتصال وبدء الهجوم الأعنف على "الباب" بساعات، وصل وزير الخارجية السعودي إلى أنقرة، واستُقبل من قبل رئيس الجمهورية التركي ورئيس الحكومة فضلاً عن وزير الخارجية، وبينما حط "الجبير" في "أنقرة"، طار وزير الدفاع التركي "فكري إشيق" إلى الرياض والتقى محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي، في مساعٍ وُصفت بأنها تحرك مكثف ومُعدّ لتشكيل حلف أمريكي – تركي – عربي يتولى إدارة معركة الرقة، المعركة الحاسمة ضد تنظيم "الدولة" في سوريا.

وهو المقترح الذي كثفت تركيا عرضه أمس على لسان أكثر من مسؤول بارز،  فقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أمس الأربعاء، إن عناصر الجيش السوري الحر الذين يشاركون في عمليات ضد تنظيم "الدولة" في مدينة الباب، سيكونوا مستعدين للمشاركة في عملية تحرير الرقة عقب تطهير المدينة، وهو ما أكده تزامناً وزير الخارجية جاويش أوغلو، لافتاً إلى تطابق الرؤى بين بلاده والمملكة العربية السعودية فيما يتعلق بعملية الرقة. كما أكد عدم التعويل على هزيمة تنظيم إرهابي من قبل تنظيم إرهابي آخر (في إشارة إلى قوات قسد الكردية)، وحذّر من عواقب الإقدام على هذا الأمر، الذي وصفه بأنه سيكون خطأ فادحا بالنسبة لمستقبل سوريا.

المحلل السياسي والباحث السوري، عبد الرحمن مطر، رأى أن "أنقرة – ومعها روسيا – قد بدأت عمليا بحسم معركة الباب المستمرة من شهرين، بنسق معارك صغيرة وتقدم محدود، إلا أن التحرك الأخير، الذي أنجز فرض الحصار على جنبات المدينة، ومكّن للجيش الحر أن ينتشر في الأحياء الخارجية للمدينة، يحمل مؤشراً دالّاً على قيمتين أساسيتين أولاهما أن التفاهمات التركية – الروسية، خاصة فيما يتصل بالوضع في الشمال السوري، ماضية رغم كل العقبات القائمة على المسار السياسي المتعثر والخروقات التي ما تزال ترتكبها موسكو ونظام الأسد في مناطق سورية عديدة. وثانيها أن معركة الباب هي جزء أساسي من الحرب على داعش، وهي نقطة تلتقي فيها كل الأطراف، بما فيها الطرف الأميركي، الذي لم تجسد فيه الإدارة الجديدة عملياً على الأرض خياراتها وتوجهاتها، من هنا فإن تحرير الباب من داعش أو (طردها) شرقاً".
وحول إمكانية مشاركة قوات "درع الفرات" في عملية تحرير الرقة يضيف الباحث "مطر" في حديثه لبلدي نيوز: "إذا لم يعرقل النظام السوري مسار معركة الباب، ويحاول اختراقها عسكرياً (يعني ذلك إيجاد ممر آمن لانسحاب داعش، مقابل دخول جيش النظام – المواجهة بين فصائل درع الفرات وقوات النظام في جنوب غرب الباب) فإن عملية درع الفرات، سوف تُحدث تحوّلاً جذرياً لجهة مشاركتها في معركة تحرير الرقة من جهة أولى، وفي تحقيق السيطرة الفعلية لتركيا، بصورة مباشرة أو بالوكالة على منطقة جغرافية هامة من شأنها التأسيس لمنطقة آمنة خالية من سيطرة داعش والأكراد بآن واحد. وقد آن الأوان لإغلاق صفحة الباب، وإنهاء معركتها كما يجب، بعد مرور شهرين على إطلاقها، ما يجعل من إمكانية الانتقال إلى معركة جديدة ممكناً وفعالاً".  
ويؤكد "مطر" أنه "من شأن هذا التطور، إحداث خلل جذري في الشمال السوري، يمكن تلمّس ملامحه في التضييق على داعش، وإنهاكها تدريجياً، عبر المعارك المحدودة حتى اليوم، وبقطع طرق الإمداد، وتقطيع أوصال المناطق التي يسيطر عليها التنظيم تمهيداً لعزلها، وإنشاء جزر يسهل السيطرة عليها. "
أما فيما يتعلق بالقوى الانفصالية، فيرى المحلل "عبد الرحمن مطر" أن "الجانب الآخر يتصل بأحلام صالح مسلم وميليشياته، التي يشكل فيها السيطرة على مدينة الباب، مفتاحاً لتذويب أحلامهم في وضع اليد على الشمال السوري والتحكم فيه. خاصة وأن قوات سوريا الديمقراطية، تبحث اليوم عن إمكانية الحفاظ على المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بضمانات روسية – أميركية، مع عدم الوثوق بهما في ظل التحولات والتقلبات القائمة، خاصة وأن قوات سوريا الديمقراطية ثبت عجزها عن تحقيق خطوات فعالة تقود إلى حسم معركة الرقة، على الرغم من كل الدعم الذي تحظى به".
ويخلص الباحث السوري إلى القول: "عملياً، تحرير الباب، سيقود إلى استعادة الطرف التركي ومعه الحليف السعودي، زمام المبادرة ليس في فرض دورهما في معركة الرقة، ولكن بقيادتها أيضاً. وهذا ما قد تكشف عنه الاتصالات والمشاورات الجارية حول الأمر بين كل من الرياض وأنقرة، مع موسكو وواشنطن".
وعن مخاطر العمليات على الجانب الإنساني يضيف "مطر": "ما يُخشى منه في كل الأحوال، أن يزداد عدد المشردين من ديارهم في جهات أرياف الرقة الأربع، من السكان المدنيين، الذين تطالهم حمم التحالف الدولي والنظام، وتجور عليهم ميليشيات صالح مسلم، التي تفرض عليهم مغادرة سكناهم تارة، والتجنيد تارة أخرى، وتتعامل معه كحاضنة شعبية لداعش، في أبشع صورة لممارسة القهر ضد المدنيين في الرقة".

التقارب والتنسيق الأمريكي السعودي التركي، بدا مفاجئاً ومكثفاً ومحيطاً بالتفاصيل كلها، ما دفع روسيا لمحاولة خلخلة الجبهة الجديدة، ولتذكر تركيا بأنها حليفها الأوثق في الشأن السوري، فهما رعتا اتفاق وقف إطلاق النار ومفاوضات "أستانا"، قبل أن تسهم روسيا بدعم عمليات "درع الفرات" عسكرياً بضربات جوية ساندت القوات التركية وقوات الجيش الحر قرب "الباب".

محاولة الإرباك جاءت من بوابة "المناطق الآمنة" التي أقامت تركيا نواة لها فعليا في جرابلس وجوارها منذ تحريرها من تنظيم "الدولة" قبل أشهر، وتأمل أنقرة بتوسيعها بالاتفاق مع الإدارة الأمريكية التي أعلنت تبني الأمر. إلا أن ألكسندر بوتسان – خارتشينكو مدير القسم الأوروبي في الخارجية الروسية قال أمس إن "موسكو تنطلق من حقيقة أن تركيا في الوقت الحالي لن تنشئ منطقة عازلة في شمال سوريا". وأضاف: "حاليا، حسب ما نحن نفهم، هم لن ينشئوا منطقة عازلة في شمال سوريا". مؤكداً أنه على الرغم من التقارب الروسي التركي، إلا أن بعض المصالح متباينة، تصريحات في توقيت لا يمكن أن يكون عفوياً، وفي موضوع في غاية الحساسية والأهمية لأنقرة التي تحاول ترتيب الأوراق مع كل الأطراف الفاعلة مستثمرة التقارب بين ترامب وبوتين أو على الأقل عدم الصدام بينهما حتى الآن. 

ولعل مقتل ثلاثة جنود أتراك اليوم بقصف طائرات روسية عن طريق الخطأ، قرب مدينة الباب، يقع في باب الأخطاء "المقصودة" التي اعتادت روسيا على ارتكابها ضد حلفائها المفترضين في سوريا، ولإيران أكثر من تجربة مع روسيا على هذا الصعيد، تعرفها تركيا جيداً.

مقالات ذات صلة

تصريح أمريكي جديد بخصوص قانون التطبيع مع نظام الأسد

مظاهرات وإضراب لطلاب جامعة إدلب اعتراضا على توظيف خريجي جامعات النظام

تجاوزت الألف.. إحصائية صادمة لعدد حوادث السير شمال غرب سوريا خلال 2024

قتيل للنظام على طريق إثريا خناصر بين حماة وحلب

الكيل بمكيالين.. لبنانيون يهاجمون اللاجئين ويحتضنون قريبة "الأسد" بوظيفة إعلامية

منخفض جديد في سوريا يبدأ اليوم السبت