بلدي نيوز - (خاص)
تقررت الأسماء والفصائل التي سوف تذهب إلى أستانا لحضور مؤتمرها الذي ترعاه روسيا، وقبلها كانت هناك مباحثات ومفاوضات ومناقشات بين الثوار المجتمعين في أنقرة حول أستانا والقبول بها أو الذهاب إليها من عدمه.
في النهاية وجدت الكثير من الفصائل نفسها ذاهبة إلى أستانا، الاجتماع الذي لا يعرف تماما أي شيء عنه، ولا تفاصيله، ولا جدول أعماله، ولا ماذا سيناقش المؤتمرون، ولا حتى سقفه أو حتى قاعه!.
فضلاً عن ماذا ستكون نتائجه، وما مخرجاته الرئيسية في سوريا، الأمر الذي يزيد من ضبابيته وعدم وضوح هدفه، وحتى عدم معرفة ماذا سيكون الفرق بين نجاحه وفشله.
فأحد التصريحات التي أطلقها (أسامة أبو زيد) حول المؤتمر، أن الهدف الأساسي للمؤتمر هو "تثبيت وقف إطلاق النار" فقط، وليس أي شيء آخر، الأمر الذي يعني أنه ليس له أي علاقة بأي حل سياسي في سوريا، بل مجرد عملية فرز للفصائل الموافقة على وقف إطلاق النار، وتلك التي ترفضه أو ترفض على الأقل أن تكون مشاركة فيه بشكل مباشر.
لكن رأس النظام بشار الأسد كان أكثر بساطة ووضوحاً في الطرح، حيث تحدث عن "استسلام الإرهابيين"، وإلقاء أسلحتهم مقابل العفو عنهم فقط، فهو بالنسبة له مؤتمر هدفه استعادة سيطرته على المناطق المحررة، وقبول طلبات الاستسلام و"المصالحات" الفردية والجماعية من الفصائل والثوار.
وما يؤكد أن فكرة النظام عن مؤتمر أستانا لا تعدو كونه مؤتمراً لاستسلام الفصائل، هو أنه يمارس عملياته العسكرية المعتادة وكأنه لم يسمع بأن هنالك "هدنة"، فلم يتوقف القصف أو المعارك أو حتى سعيه للسيطرة على مناطق أخرى، وحملات التجنيد المسعورة في مناطق "المصالحات"، التي ستؤمن له جيشا جديداً من العناصر الذين يرغب ضمنيا بقتلهم جميعا، ولا مانع لديه من فتح معارك جديدة بهدف استنزافهم وتصفيتهم.
أستانا و"بذور الشر"
مؤتمر أستانا يحمل بذور فشله منذ اللحظات الأولى لذكره، فهو يتحدث عن وقف إطلاق نار "انتقائي"، ويتحدث عن جهات ستتعرض للتحييد من هذا الاتفاق وستتعرض للقصف، وربما تدفع الفصائل الموقعة على هذا الاتفاق مع النظام للقتال ضدها، والحفاظ على "وقف إطلاق النار" مع النظام.
ما يعني أن المناطق التي يسيطر عليها النظام سوف تكون مناطق "هادئة"، أما المناطق التي سوف تكون مختلطة السيطرة من الثوار الموافقين و"غير الموافقين" على الاتفاق، والتي تحتوي عناصر من "فتح الشام"، فهي ستتحول إلى ساحات معارك، يعمل فيها طيران الروس والأسد والتحالف، والتي تعني أن الوضع في هذه المناطق سوف يصبح أسوأ مما هو عليه حالياً، وقد يستفيد النظام بمتابعة عملياته ضد مواقع مختارة، ومتابعة حصارها بحجة وجود "فتح الشام"، ولن يكون هناك أي فائدة لأي شكوى أو أي أوضاع إنسانية سيئة، لأن هذا القصف والأعمال العسكرية ستكون "قانونية وضد الإرهابيين" فهي تحدث بموافقة جميع الأطراف التي تسعى "لإحلال السلام"، ولن يكون هناك أي قيمة لأي خسائر بشرية بين المدنيين، لأنها تحدث خلال المعارك ضد "الإرهابيين"، ولن يستطيع أي فصيل الدفاع عن المدنيين في حال حاول النظام التقدم لمنطقة ما، بحجة الهدنة ووقف إطلاق النار الذي حصل "باجتماع الفصائل".
ما يعني أن هذا المؤتمر يعني بالدرجة الأولى عملية فرز للثوار، وتقسيم لهم، تمهيدا لضربهم ببعض، ثم القضاء على قسم منهم بحجة "فتح الشام"، ثم الذهاب بالقسم الذي بقي بعد هذه العملية لقتال تنظيم "الدولة" بدل النظام، ما يعني أنه سيتعرضون للإنهاك والاستنزاف، ثم لا يوجد أي ضامن أو أي شيء يمنع النظام من الإجهاز عليهم لاحقاً، بعد أن يكون أصبح في وضع أفضل بعد توقف القتال مع الثوار.
إذا في مؤتمر أستانا، سوف يكون المستفيد هو النظام، ولن يستفيد الثوار منه، بل سيخسرون الكثير، وأول ما سيخسرونه هو الحاضن الاجتماعي، فلن يجلب اجتماع أستانا لمناطقهم وقف إطلاق نار حقيقي، بل سيكون هدفه الحقيقي إراحة النظام وضرب الفصائل ببعضها، تمهيدا لسيطرة النظام على المناطق المحررة لاحقاً بعد إنهاك الفصائل ببعضها وبحرب "فتح الشام" وتنظيم "الدولة".