بلدي نيوز – (شحود جدوع)
انتشرت في الآونة الأخيرة في المناطق الشمالية المحررة، مجموعة من الشائعات الغريبة كـَ(أدوية تسبب السرطانات، أو خضروات وفواكه محقونة بـ فيروسات أو مواد سمّية، أو سيارات تخطف أطفال المدارس، أو بيانات مزورة وغيرها) تبين لاحقا أن لا وجود لها أساساً وإنما هي محض افتراءات لمصادر أغلبها وهمي أو غير موجود.
والغريب في الأمر سرعة تداولها وانتشارها كانتشار النار في الهشيم، وترويجها بشكل مخيف، واقتناع بعض من المروجين اللاشعوريين لها بصحتها وإيمانهم بوجودها، وصارت مثار بلبلة وجدل كبيرين في المناطق المحررة، مع غياب معالم صانعها وعدم معرفة أخطارها.
وفي حديث لبلدي نيوز، مع مدير مركز الرعاية الصحية والمجتمعية في مدينة كفرزيتا، الباحث الإجتماعي "مهند مبارك" قال: "تعرف الإشاعة بأنها خبر ينتقل من فم إلى فم مجهول المصدر يتحرك بين الأفراد، ولا يحمل معه دليلا على صحته، ويفتقر إلى المسؤولية وتتغير بعض تفاصيله من فرد لآخر".
وأضاف "مبارك": "يكثر انتشار الإشاعة في أزمنة الحروب والنزاعات، بسبب عدم استقرار نفسية المتلقي وتقبله نفسياً لتصديق كل ما يقال، ودائماً ما يكون خلفها مصدر يبغي إثارة الهلع والبلبلة، والعمل على إحباط معنويات متلقيها، وتفتيت ثقته بالجهات الحاكمة، وزرع قناعات من الخوف والغضب والكراهية، وعدم القدرة على المواجهة والضعف والعجز ليصبح المجتمع الحامل للشائعات مجتمعاً مريضاً بداءٍ يصعب علاجه".
وأشار "مبارك" إلى أن المناطق المحررة أصبحت بيئة خصبة لانتشار الإشاعة حتى لو كانت غير منطقية، ذاكراً مثال شائعة انتقال الإيدز عن طريق حقنه بالموز، والتي تنفيها كل التجارب العلمية ومراكز الأبحاث، أو حتى المطلعين على طرق انتقال الإيدز من غير المختصين، عازيا ذلك الانتشار إلى يسر إمكانية وصولها عن طريق الإنترنت وغرف الواتس آب، أو مراكز الأخبار الوهمية.
وفي علاج مثل هذه الظواهر، ذكر الباحث الاجتماعي أنه "لابد من توعية المجتمع من خطورة تناقل مثل هذه الشائعات عبر الوسائل المتاحة المضادة لوسائل ترويجها كالناشطين الموثوقين، وصفحات الأخبار التي أثبتت مهنيتها، والمراصد المعتمدين في كل منطقة، ومنابر المساجد، وقيام الجهات العاملة في مجال الصحة المجتمعية بندوات توعية يقوم عليها متخصصون، وتوزيع مناشير ورقية تشخص هذا المرض، وتعالجه وتحذر من أخطاره" .
الجدير ذكره أن نظام الأسد يمتلك قسماً أمنياً خاصاً لاختلاق الإشاعات وترويجها، وقد ضاعف من نشاطاته في فترة الثورة السورية بشكل مكثف، حيث تعتبر الحرب النفسية من أعتى الأسلحة التي تتعامل بها الدول في حروبها، والتي يصل تأثيرها ربما لأكثر من تأثير الأسلحة التي تستخدم عادةً في الحروب التقليدية.