بلدي نيوز – (نور مارتيني)
مع اكتمال ملامح التقارب الروسي- التركي مؤخراً، باتت روسيا هي اللاعب الرئيسي في الملف السوري، وقد استغلت الأخيرة هذه الميزة لفرض رؤيتها على الأمم المتحدة، وتعطيل إحراز أي تقدّم في الملف السياسي، والسعي وراء حسم عسكري، من خلال اتباع سياسة الأرض المحروقة.
فيما يبدو أن آلة الحرب الروسية – على تطوّرها- لم تتمكّن من حسم الأمور لصالح روسيا، خاصة مع انعدام وجود قوات برية على الأرض، فعمدت روسيا إلى اللجوء لإجراءين اثنين بغية حسم الأمور على الأرض السورية لصالحها: أولهما سياسي، وذلك من خلال إذابة الصقيع في العلاقات بينها وبين تركيا التي تملك مفاتيح الجغرافيا، والضغط على مؤسسة الأمم المتحدة للتحكم بملف الهدن الإنسانية، وفك الحصار عن المدن والبلدات المحاصرة، والثانية عسكرية، من خلال التحالف مع "قوات سوريا الديمقراطية"، والتي تمكنت من خلالها، من فرض تواجد بري لها على الأرض في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وهو ما بدأت تنفيذه في الهدنة الإنسانية السابقة.
ففي الهدنة الإنسانية السابقة، التي أقرت بعد الاتفاق الروسي- الأمريكي، قامت روسيا بإدخال قواتها مكان قوات النظام السوري على طريق الكاستيلو، وهذه القوات تمركزت لاحقاً في مطار "كويرس"، حسب ما ورد في العديد من التقارير الإعلامية.
يجري الحديث مجدداً عن هدنة تنطلق يوم الخميس في حلب المحاصرة، حيث قال الفريق "سيرغي رودسكوي" رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي يوم الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول "إننا ندرك أن تنسيق جميع المسائل (المتعلقة بخروج مسلحي "النصرة" من حلب) قد يستغرق وقتا طويلا، ولذلك قررنا ألا نضيع الوقت، وأن نبدأ بإعلان فترات تهدئة إنسانية، وبالدرجة الأولى لمرور المدنيين بحرية، ولإجلاء المرضى والمصابين، ولخروج المسلحين".
كما أوضح "رودسكوي" أن الحديث يدور عن فتح ممرين من أحياء حلب الشرقية إلى ريف إدلب، أحدهما عبر طريق الكاستيلو شمالي المدينة، والممر الثاني في جنوب المدينة، كما أكد أن الممرات الـ6 التي فتحت سابقا لخروج المدنيين، مازالت مفتوحة. وأن الجانب الروسي يضمن أمن المدنيين، وستقدم لهم المساعدات الطبية كما سينقلون إلى مراكز إيواء.
وأوضح"رودسكوي" أن سكان الأحياء الشرقية في حلب سيبلغون بأوقات وقف القصف، عبر منشورات ستسقطها طائرات، وعبر رسائل قصيرة إلى الهواتف المحمولة.
حول وجهة نظره فيما يخص موضوع الهدنة الإنسانية، التي ينتظر الإعلان عن بدئها يوم الخميس، يرى الصحفي "حسين العمر" أن "الحديث عن الهدن بات مثيراً للقلق، لأنها مقدّمة لإحداث تغيير ديموغرافي في البلد".. ويلفت "العمر" إلى أن "مساعدة المدنيين وخروج المصابين وإدخال المساعدات، هو واجب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ولا يحتاج إلى هدنة، وقطعها عن الناس هو جريمة حرب".
ويتابع الصحفي "حسين العمر" قائلاً: "باعتقادي أننا يجب أن نستفيد من تجاربنا التي أكلت من لحم أطفالنا"، لافتاً إلى أن "روسيا قصفت مواقع للمدنيين في مناطق لا يوجد فيها فتح الشام في ريف إدلب، حيث قتلت أطفالاً ونساء ومسنين بذريعة فتح الشام".
في السياق ذاته، يعقّب "العمر" موضحاً وجهة نظره، أنه "إن خرجت فتح الشام، فمن الممكن أن تكون لهم حجة أخرى، ربما أحرار الشام المصنفة على قوائم الإرهاب في عدة دول".
ويرى الصحفي السوري "حسين العمر" أن "روسيا تريد إعادة النظام إلى كامل حلب، وستسعى إلى ذلك بكل ما تمتلك من قوة عسكرية وسياسية وديبلوماسية، ولكن الهدف إسقاط حلب، ولن تتوقف عند إخراج النصرة من حلب، وإنما عندما تحقق نصراً للنظام في حلب".
يبدو لافتاً في الأمر أن روسيا التي تجاهلت الحديث عن أي إدخال للمساعدات الإنسانية في مشروع الهدنة المقدّم من قبلها، ستواجه الأمم المتحدة لأول مرة بعد مغادرة "بان كي مون" لمنصبه، حيث أكدت الأخيرة على فكرة إدخال المساعدات الإنسانية، دون تصعيد لهجة الخطاب تجاه "روسيا"، حيث قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "فديريكاموغيريني" إن إعلان روسيا عن وقف لإطلاق النار لمدة ثماني ساعات يوم الخميس في مدينة حلب السورية هو "خطوة ايجابية" إلا أنها قد لا تكون كافية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدينة المحاصرة.