مع اقتراب فصل الشتاء، يجد السوريون أنفسهم أمام تحدٍ اقتصادي جديد يعمّق أعباء حياتهم اليومية، في ظل راتب لا يتجاوز 400 ألف ليرة شهرياً، وتصبح الإدارة المالية للأسرة السورية مع دخول فصل الشتاء أشبه بالمستحيلة، ارتفاع أسعار الوقود، الملابس، والمواد الغذائية، ما يدفع العديد إلى حافة اليأس، حيث بات توفير الاحتياجات الأساسية مهمة شاقة فمجرد تشغيل المدفأة لمدة أربع ساعات يومياً قد يكلف الأسر المدعومة خمسة ليترات يومياً أي 150 ليتراً شهرياً، في حين يتم تسليمها 50 ليتراً مدعوماً فقط.
وفي حال اللجوء إلى الحطب، بيّن أحد تجار الحطب بدمشق أن سعر الطن يبلغ أربعة ملايين، وحسب قوله فالعائلة تحتاج طنين خلال فصل الشتاء أي نحو 8 ملايين ليرة، أما في المناطق الباردة فالعائلة تحتاج إلى أربعة أطنان خلال فصل الشتاء أي 16 مليوناً ليرة.
وتندرج على قائمة احتياجات العائلة الشتوية الملابس، والتي سجلت ارتفاعاً ملحوظاً، حيث يتراوح سعر المعاطف بين 500 ألف ومليون ليرة، في حين تجاوز سعر المانطو الشتوي المليون ليرة ويتراوح سعره بين 700 ألف لـمليون و200 ألف، وتراوح أسعار البلوزات الشتوية بين 250 ألفاً لـ450 ألف ليرة، أما الحذاء الشتوي يبدأ سعره من 200 ألف ليرة.
ومع تزايد الأسعار، يجد السوري نفسه أمام تكلفة شتوية قد تصل إلى عشرة ملايين ليرة شهرياً، لتصبح مسألة تدبير أمور المعيشة خلال هذا الفصل البارد عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن السوري.
عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس القطاع النسيجي نور الدين سمحا أكد انخفاض المبيعات في قطاع الألبسة بنسبة 40 إلى 50 بالمئة مقارنةً بالعام الماضي، نتيجة لانخفاض القوة الشرائية للمواطن وفي الوقت نفسه فإن ارتفاع أسعار الألبسة متعلق بثلاثة عوامل أولها ارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً نتيجة التضخم العالمي، بالإضافة إلى ارتفاع أجور الشحن عالمياً، وثالثها ارتفاع حوامل الطاقة داخلياً حيث شهد قطاع الكهرباء ارتفاعاً كبيراً وصل لعشرة أضعاف إضافة لارتفاع أسعار المحروقات بشكل دوري نتيجة العقوبات على سورية.
وبيّن سمحا أن أسعار الألبسة المعروضة اليوم في الأسواق المحلية أقل من نسبة ارتفاع مدخلات إنتاجها بكثير خارجياً.
وأوضح سمحا أن الارتفاع الكبير بالأسعار لايفيد الصناعيين لأنه يؤدي إلى كساد البضائع وعدم القدرة على التصريف مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج، مضيفاً: الارتفاع يضر المستهلك والصناعي في آن واحد.
وبيّن أن الصناعيين يسعون إلى تخفيض كلفهم من خلال توجه العديد منهم إلى الطاقات البديلة كتركيب منظومات الطاقة الشمسية، إضافة إلى السعي المستمر من قبل الغرفة إلى إيجاد الحلول الممكنة مع الجهات المعنية لتخفيض أسعار الغزول وأسعار المواد الأولية الداخلة في العملية الإنتاجية لصناعة الألبسة وتوفيرها بشكل مستمر لتخفيض كلف الإنتاج واستمرار العملية الإنتاجية، حتى يكون المنتج السوري بمتناول المواطن السوري داخلياً ومنافساً ضمن الأسواق الخارجية مما يمكّن الصناعي أن يكون قادراً على التصدير لتصريف منتجاته ضمن الأسواق الخارجية.
من جهته رأى الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، تيسير المصري أن أغلبية الأسر السورية عاجزة عن تأمين متطلبات التدفئة، وأن الشتاء سيكون قاسياً عليهم، وأوضح أن الأسرة المكونة من خمسة أفراد تحتاج خلال فصل الشتاء ما بين ملابس ومحروقات إلى نحو 20 مليون ليرة سورية، وحذر من أن العجز في تأمين متطلبات التدفئة سيدفع الناس للجوء إلى قطع الأشجار والغابات.
وأكد أن المشكلة لا تنحصر فقط بالحصار الاقتصادي على سورية، بل تتعلق أيضاً بالسياسات الاقتصادية المتبعة، معتبراً أن من ارتفاع التكاليف هو غياب الرقابة الحكومية على الأسواق، خصوصاً أسواق المحروقات، داعياً إلى تفعيل رقابة أسعار المحروقات والرقابة الشعبية وعدم إغفال الشكاوى، مع ضرورة تقديم الحكومة دعماً مادياً للعائلة السورية.
من جهته، أشار الدكتور في كلية الاقتصاد جامعة حلب، حسن حزوري إلى عدم وجود إرادة حقيقية من الحكومة لمعالجة هذه الأزمات، مؤكداً أن تخفيض الأسعار يتطلب ضبط الفساد الذي يوثر في ارتفاع الأسعار.
نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، ماهر الأزعط رأى أن 85 بالمئة من المجتمع السوري عاجز عن شراء اللباس الشتوي، وأضاف: أردأ نوع من المدافئ يصل سعرها لـ800 ألف، كما تساءل هل عدد المراقبين على الأسواق يتناسب طرداً مع عدد الأسواق الموجودة لدينا؟
وقال: إن لم تتدخل الحكومة فالشتاء سيكون كارثياً، مبيناً أنه يجب أن يكون هناك تشاركية بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني
الوطن