بلدي نيوز – (زهرة محمد)
يقع معبر (بني أنصار أو مليليه) شمال المغرب، في مدينة بني أنصار، والذي لا تتجاوز مسافته 200 متر لكنه يعتبر محجاً وهدفاً لكل لاجئ في شمال أفريقيا يريد العبور الآمن باتجاه أوروبا، حيث إنه يقع في مدينة صغيرة وريفية لحد كبير، وكل القاطنين هم من العمال الذين يعملون في (مليليه) المحتلة والتابعة لإسبانيا، على الطرف الآخر من المغرب، ويفصل من يريد العبور الكثير من العقبات عن "الفردوس الموعود".
تجاهل إعلامي
رغم كل ما يظنه ويعرفه البعض عن أمانه، فهو محاط بعدد كبير من عناصر الشرطة المغربية والتي تشك في كل غريب، وقد حدثت السنة الماضية الكثير من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية أمامه، جوبهت بالعنف أحياناً وسط استنفار أمني لمنع المتظاهرين والمحتجين من العبور، ورغم إبلاغ لجنة من مكتب حقوق الإنسان في محافظة (الناظور) المغربية، إلا أن ذلك لم يؤثر ولم يلتفت له الرأي العام، نتيجة عدم تغطية الإعلام العربي ولا الغربي.
بوابات الفردوس "ليست مفتوحة دائماً"
يعبر الكثير من اللاجئين الأفارقة والعرب هذه المعبر سنويا، وفي السنة الماضية عبر مئات السوريين خاصة بعد سماح أوروبا للسوريين باللجوء، وكل من يأتي إلى المغرب يأتي عن طريق الجزائر بشكل غير شرعي غالباً ويقصد مدينة (الناظور)، التي قد يستأجر فيها منزلاً مؤقتا ريثما يمر، أو يأخذ غرفة في فندق نجمة واحدة، وأغلب الفنادق غير مجهزة أبداً فلا حمامات ولا مطابخ، وحتى المراحيض مشتركة، وقد يلحق بمن يقرر المبيت في هذه الفنادق أمراض عديدة، نظرا لقلة النظافة والاهتمام، هذا عدا عن التضييق على السوريين، فقد حدثت الكثير من الحملات لطرد كل لاجئ لا يحمل أوراقاً رسمية كالإقامة أو ورقة من المفوضية السامية للاجئين، وتم ترحيل الكثير من السوريين، الذين حاولوا العبور، وكانوا قد مروا دون تسجيل في المغرب إلى الحدود المغربية الجزائرية.
محاولات عبور مجنونة!
يعتبر النظام الأمني في معبر (مليليه) صارماً جداً بالنسبة للاجئين، فيتوزع عليه عشرات العناصر من رجال الأمن ووسائل المراقبة والكاميرات والكلاب البوليسية، حتى لا يمر أي "أجنبي" إلا المسموح لهم وهم العاملون في مليلية من مدينة بني أنصار من الجانب المغربي، والذين يحملون بطاقات خاصة ويتكلمون اللغة (الأمازيغية) والتي تميزهم عن المغاربة العرب، وهذا قد يكون امتحان رجال الشرطة لمن يشكون بأمره، وأي أحد سوري قد يقع في هذا الفخ، ما يدفع اللاجئين لتجريب حيل مختلفة منها تغيير الهيئة من اللباس والشعر، واستعمال الدراجات الهوائية وحمل الخبز عليها، أسوة بالعاملين وبائعي الخبز، وقد يفلح هذا بعد عشرات المحاولات، حيث أصبح من المعتاد مشاهدة السوريين وهم يتجولون في سوق الملابس المستعملة في المدينة، ويشترون الكثير من الملابس التي قد يبدلونها في اليوم الواحد عدة مرات (في محاولات للتنكر)، حتى يستطيعوا عبور معبر لا يتجاوز الـ200 متر، أو أقل من ذلك .
الضرب والحبس
تستعمل الشرطة في الكثير من الحالات الضرب والاعتداء الجسدي وحتى الحبس وتلفيق التهم العديدة للاجئين الذين يحاولون العبور، وخاصة للذين يركبون السيارات أو الدراجات الهوائية، وقد حبس العام الماضي العديد من السوريين (بينهم نساء) بعد أن واجهوا عدة تهم، منها حمل أوراق مزورة وركوب دراجات بدون أوراق، وبرغم كل المحاولات قد يطول انتظار اللاجئ ثلاثة أو أربعة أشهر، حتى يتمكن من العبور، خاصة إن كانت عائلة مكونة من عدة أطفال، فقد يطول بقاؤهم .
مهربون جشعون
في ظل الظروف التي أجبرت الآلاف لاختيار المعبر كطريق للعبور إلى أوروبا، يقع الكثيرون ضحايا للمهربين، الذين يستغلونهم بشتى السبل، وقد يصل الأمر أحياناً للقتل أو الخطف والسرقة، وقد حصل ذلك للعديد من السوريين، وكان قد قتل أحدهم وقطّع في طريق مهجورة، ولم يعرف قاتله أبداَ، وتقع هذه الحوادث للأشخاص الذين لا يعرفون أو لا يدركون خطورة ما يخوضون فيه، ولا تكون له تجربة أو لم يسأل أحدا قبل مجيئه، أيضاً يستغل المهربون اللاجئين السوريين بمبالغ كبيرة، تصل حتى 2000 يورو للشخص الواحد!، أو حسب الطريقة فمنهم من يرصد للاجئ الطريق فقط ويوهمه أنه يتعامل مع رجال الشرطة، وهو كاذب ولا تكون سوى ضربة حظ، ومنهم من يعطيه أوراق أقربائه ليعبر بها، وفي حال ضبط متلبساً يتحول إلى القضاء، هو وصاحب الأوراق المغربي، والذي قد يحبس لخمس سنوات، بتهمة مساعدة في تزوير أوراق رسمية، وهناك من يستعمل الدراجة الهوائية، أو السيارة لعبور المعبر وفي أغلب الأحيان تفشل هذه المحاولات، ويترتب عليها العقوبات من قبل القضاء المغربي، ولعل أغرب قصص المهربين هي العبور من فوق السور بين الجانب المغربي والإسباني.
فعند محاولة العبور من فوق السور يقبض المهرب من الشخص سعر "حبل" لا يصل إلى ارتفاع نصف الحائط 400 يورو، وقد حدث أن وقعت سيدتان وكسرت أطرافهما، أثناء محاولة التسلق السنة الماضية، أما الشباب فقد يسعفهم الحظ ويتسلقون الجدار، لكن عندها قد يلقى القبض عليهم من قبل النقاط الموزعة على جانب المعبر، حتى الوصول للجانب الإسباني حيث يتعرضون للضرب والاعتداء عليهم بأساليب عديدة من قبل الشرطة .
ورغم كل تلك العراقيل فإن السوريين، ما زالوا يجدون في المعبر الطريق الأمثل لدخول أوروبا، ويتوافدون بشكل كبير مفضلين إياه على الزوارق التي تنطلق من مصر أو ليبيا، للعبور إلى أوروبا، مع أن الوصول إلى إسبانيا هو بداية الحكاية فقط.