بلدي نيوز
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن أن 12 من المقاتلين الأفغان في “لواء فاطميون” قتلوا في الغارات الأمريكية الأخيرة على العراق وسوريا، وأن طهران التي كانت نفت ارتباطها بأي من المواقع المستهدفة، عملت على دفنهم في عدة مدن إيرانية من دون أن تتبنى أو تعلن مقتلهم رسميا، وهو ما أثار استياء في صفوف الأفغان المقيمين في إيران.
وتحدث تقرير الصحيفة عن مراسم دفن وعزاء أقيمت في إحدى مدافن طهران لـ”شهداء” قتلوا في الغارات الامريكية، وفق تقرير ظهر على التلفزيون الإيراني مؤخرا.
ولفت التقرير إلى أن الرجال الـ12 الذين سقطوا لم يكونوا إيرانيين، وكانوا أفغانا، وفقا لمقاتلين آخرين وتقارير إعلامية محلية، وهم جزء من “لواء فاطميون” الذي تشكل في ذروة الحرب في سوريا، للمساعدة في دعم رأس سلطة الأسد”بشار”.
وأشار إلى أن إيران بدأت في ذلك الوقت بتجنيد آلاف اللاجئين الأفغان للقتال، وعرضت على كل مقاتل 500 دولار شهريا، إضافة إلى الإقامة في إيران وتعليم أطفالهم.
وأضاف أنه من المعتقد أن عدد أفراد اللواء يبلغ نحو 20 ألفاً، وهم أساساً من اللاجئين الأفغان المقيمين في الغالب في إيران، حيث يعمل اللواء تحت قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وتابع تقرير نيويورك تايمز أن وسائل إعلام إيرانية تابعة للحرس الثوري ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة لـ”الفاطميون”، نشرت أسماء وصور الأفغان القتلى، مشيرة إلى أنهم قتلوا في غارات أمريكية في العراق وسوريا، وهي ضربات جاءت ردا على هجوم بطائرة مسيرة في كانون الثاني/ يناير الماضي على قاعدة عسكرية في الأردن أدى إلى مقتل 3 جنود أمريكيين.
وذكر التقرير بأن المسؤولين الإيرانيين كانوا قد نفوا أن يكون أي من العناصر العسكرية التي سقطت على ارتباط بإيران، حيث قال سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد ارافاني، إمام مجلس الأمن الدولي أن إيران ليس لها ارتباط بالقواعد التي تعرضت للغارات في العراق وسوريا، متهما الولايات المتحدة بتحميل إيران المسؤولة بلا وجه حق، وأن المدنيين فقط هم الذين قتلوا في تلك الضربات.
وبالنسبة لمصير الجثث، ذكر التقرير بأن الحرس الثوري أيضا لم يصدر بياناً يعترف فيه بمقتل الأفغان، ولم يُهدد أي مسؤول إيراني بالانتقام لمقتلهم، إلا أن التقارير حول مقتل هؤلاء ظهرت في 4 مدن على الأقل في أنحاء إيران، وهي طهران وشيراز وقم ومشهد، حيث تمت إعادة جثث الأفغان بهدوء إلى عائلاتهم، وذلك وفقا للصور ومقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية.
وأضاف التقرير أنه خلال مواكب التشييع كانت النعوش ملفوفة بقماش أخضر ولا تحمل علم أي دولة، لكن بعض المشاركين في التشييع رفعوا العلم الأصفر اللون الذي يرمز إلى “لواء فاطميون” وشعارهم.
وبحسب الصور ومشاهد الفيديو، فإن مسؤولين محليين ورجال دين وممثل عن الحرس الثوري وأعضاء من اللاجئين الافغان، شاركوا في بعض الجنازات.
ونقل التقرير عن الخبير في الجماعات المسلحة والإرهاب حسين إحساني، وهو لاجئ أفغاني ترعرع في إيران، قوله “هناك قلق يتزايد بين الأفغان من أنهم يتعرضون للقتل، وإيران لا تحميهم وتتبرأ من شهدائهم لحماية مصالحها الخاصة”.
ولفت التقرير إلى أن بعض الأفغان، وبينهم مقاتلين تابعين للحرس الثوري، أعربوا عن غضبهم وإحباطهم من كيفية تعامل إيران مع القتلى، ونشروا رسائل على قنوات التواصل الاجتماعي تابعة لـ”فاطميون”، حيث انتقد بعضهم صمت فيلق القدس ووصفوه بالتمييز.
وكشف التقرير أن من بين الرجال الأفغان الذين قتلوا، اثنين من كبار القادة الذين كانوا مقربين من قائد فيلق القدس السابق اللواء قاسم سليماني، بحسب ما أشارت إليه وسائل إعلام إيرانية وصور لهما معا في ساحة المعركة في سوريا، وهما سيد علي حسيني وسيد حمزة علوي.
ولفت التقرير إلى أن صحيفة إيرانية نشرت مؤخرا أن نحو 3 آلاف من عناصر هذا اللواء قتلوا في سوريا خلال السنوات الماضية، وأن واشنطن تصنفها على أنها منظمة إرهابية.
ونقل التقرير عن عضو سابق في “لواء فاطميون”، وهو أفغاني ولد ونشأ في إيران وحارب في سوريا عدة مرات، إنه انجذب إلى هذه القوة لأنها وفرت له فرصة للهروب من الفقر والبطالة في إيران والحصول على وضع قانوني على الأراضي الإيرانية، مضيفا أن العديد من الأفغان انضموا أيضا إلى اللواء بدوافع الدفاع عن الشيعة ضد جماعات متطرفة كالتي اضطهدت الهزارة الشيعة في أفغانستان.
وتابع التقرير أن المحللين يقولون إنه لا يتوفر دليل على أن لواء “فاطميون” متورط بشكل مباشر في الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، الا أن اللواء يؤدي دورا مهما في مساعدة إيران على تنسيق الخدمات اللوجستية على الأرض لشبكة الميليشيات التي تدعمها وأموالها وأسلحتها في جميع أنحاء المنطقة، حيث أن هذه القوة الأفغانية تؤدي دورا يتضمن الإشراف على قواعد تشكل محطات رئيسية على طول سلسلة توريد الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيرة واجزاء الصواريخ والتكنولوجيا، التي يتم نقلها من إيران إلى العراق ثم سوريا إلى حزب الله في لبنان.
ونقل التقرير أيضاً عن الباحث في “معهد الشرق الأوسط” الأمريكي تشارلز ليستر قوله إنه “عندما تجمد الصراع السوري الأوسع منذ سنوات، فإنه كانت هناك توقعات بأن يعود لواء فاطميون إلى وطنه، ويتم حله وتسريح عناصره، إلا أنهم اندمجوا بشكل ما في إطار الشبكة الإقليمية الأوسع ووجدوا دورا للقيام به، من خلال الصمود وتنسيق الخدمات اللوجستية ميدانيا”.
ولفت التقرير إلى أن إحدى الغارات الأمريكية دمرت قاعدة يتمركز فيها “فاطميون” في منطقة دير الزور السورية. وبرغم أن المتحدث باسم البنتاغون رفض التعليق بشكل محدد على استهداف القوة الافغانية، إلا أنه قال إن الغارات نفذت لمعاقبة الحرس الثوري ووكلائه.
وبحسب التقرير، فقد تم إخلاء عناصر القيادة الايرانيين والموظفين الرئيسيين من القواعد تحسبا لوقوع الغارات الامريكية، ألا أن مسؤولاً ايرانياً مرتبطاً بالحرس الثوري قال إن المقاتلين الأفغان بقوا في القاعدة، لأنه لا يمكن التخلي عن القواعد العسكرية.