التغير المناخي يؤرق مزارعي محصول "الزيتون" في سوريا - It's Over 9000!

التغير المناخي يؤرق مزارعي محصول "الزيتون" في سوريا

بلدي نيوز - (مصعب الأشقر)

لم يحصل "علي الأسود" المنحدر من مدينة سلقين على ما يتمناه، من محصول زيت الزيتون للعام الحالي، بسبب التغيرات المناخية التي عصفت بأشجار الزيتون خلال السنوات الأربعة الأخيرة.

يتفقد "علي" حال أشجار الزيتون والثمار الجافة بسبب العطش الشديد، وسط قلة حيلته وعجزه عن تأمين مياه الري.

وفي حديثه لبلدي نيوز يقول "علي" لم تعد أشجار الزيتون التي تعتمد على مياه الأمطار خلال السنوات الأخيرة، تعطي مردودا بسبب قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، فمن غير المعقول أن يمضي فصل الخريف دون هطول أمطار متتابعة، وهذا له دور كبير في جودة المردود من أشجار الزيتون لكن منذ العام 2020، لم يعد فصل الخريف يحمل أمطارا، وبالتالي تراجع إنتاج الزيتون.

وعن إمكانية ري الأشجار من الآبار، يوضح "علي" أن تكلفة حفر البئر وتأمين مستلزماته، تتجاوز الخمسة آلاف دولار بأقل تقدير، وهذا مبلغ يفوق قدرة المزارعين الذين تعودوا على مياه الأمطار لري بساتينهم، كما هو الحال منذ سنوات بعيدة، وحتى الآبار تراجع مستواها لهذا العام، ولم يعد البئر الذي كان يؤمن المياه لـ 6 ساعات متواصلة، يعمل لساعتين، بسبب هبوط مستوى المياه الجوفية، وما زاد التأثير على الزيتون هذا العام الحرارة المرتفعة، التي قضت على الكثير من أزهار وثمار الزيتون، خلال فصل الصيف الفائت. 

يعزو الباحث الدكتور منذر الدرويش، الذي عمل سابقا في هيئة البحوث العلمية الزراعية وهو رئيس سابق لقسم بحوث الزيتون في إدلب، في تصريح سابق لوسائل إعلامية، انخفاض الإنتاجية إلى عوامل الجفاف المرتبطة بالتغيرات المناخية وطول فصل الصيف على حساب الشتاء، إذ تأخر الهطول المطري المعتاد بالمنطقة، والذي يبدأ من شهر سبتمبر/أيلول عادة، حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول. 

ويعود انخفاض الإنتاجية إلى ارتفاع درجات الحرارة الأمر الذي يؤثر على عملية الاصطناع الحيوي للزيت (تكوُّن المنتجات داخل مصادرها الطبيعية) في الثمار، بالإضافة إلى تأثير الجفاف على مواصفات الثمار، ونتيجة ذلك تجعدت ثمار الزيتون، بسبب ظاهرة العطش الفيزيولوجي والتي تشير إلى عرقلة عمل الجذور، وقلة امتصاصها للماء لدى ريّها بسبب ارتفاع الحرارة، فتذبل الثمار وتعطي مؤشرات نضج غير صحيحة، نتيجة تغير لونها بالرغم من عدم الوصول لمرحلة النضج المناسبة للقطاف، بحسب توضيح الدرويش.

يقول مزارع الزيتون في منطقة أريحا "صالح الوضاح"، إن "ارتفاع أسعار الزيت للعام الحالي لم يحقق للكثير من المزارعين نفعا، بسبب تراجع الإنتاج للعام الحالي والذي يُقدر بـ 25% عن السنوات الماضية، بالتزامن مع تكاليف العمال وأجور المعاصر وأسعار الصفائح الفارغة، وبالتالي لازال الكثير من مزارعي الزيتون لم يحققوا ربحا حقيقيا من ارتفاع الأسعار الكبير للزيت، والذي وصل إلى 85 دولار أمريكي في موسم الزيتون.

بدوره يلفت تاجر الزيت "راشد النصوح" إلى أن التوقعات لدى تجار الزيت كانت تتمحور حول انخفاض سعر صفيحة زيت الزيتون أثناء موسم جني الزيتون، وتراجعها إلى 60 دولار بأكثر تقدير لكن ماحدث هو العكس، إذ سجلت صفيحة زيت الزيتون (16كغ) 85 دولار أمريكي، وهذا سعر قياسي في أيام الموسم، الأمر الذي يؤكد أن أشجار الزيتون فقيرة هذا العام بالثمار والزيت، وهذا يضع فرضية ارتفاع أسعار الزيت إلى مستويات قياسية.

لم تقتصر التغيرات المناخية في المنطقة على أشجار الزيتون، بل طالت معظم المحاصيل كالقمح الذي تأخرت زراعته بسبب جفاف التربة، وعجز المزارعين عن حراثة أراضيهم هذا العام، وتراجع الإنتاجية للعام الماضي الذي تدهورت على 250 كغ للدونم الذي كان ينتج 500 كغ بحسب شهادات المزارعين. 

وبيّنت دراسة أصدرتها "منظمة الزراعة والأغذية العالمية" أن نسب الهطول المطري تراجعت في سوريا إلى مستوى خطير، ينذر بتراجع الزراعة والغذاء في عموم البلاد، ففي محافظة إدلب مثلاً تراجع الهطول المطري من 151 ملم عام 2012 إلى 82 ملم في شتاء 2021، وفي محافظة حلب من 147 ملم عام 2012 إلى 68 ملم عام 2021. وبحسب المنظمة، شهد عام 2022 انقطاعاً للأمطار وارتفاعاً في درجات الحرارة وكذلك الحال بالنسبة للعام 2023.

وتشير دراسة صادرة عن شبكة الخبراء المعنية بالتغيرات المناخية في البحر، عام  2022، إلى أن الفترة الزمنية بين عامي 2008 و2019 شهدت ارتفاعاً  في الحرارة بمقدار درجتين، ما يعني تسارعاً متصاعداً في معدل الفارق الحراري العام، والذي بدوره يفضي إلى تراجع معدلات هطول الأمطار المصحوب بارتفاع درجات الحرارة، وإلى ظروف مناخية أكثر جفافاً.


مقالات ذات صلة

لمن منحت حكومة النظام إجازة تصدير حصرية لمادة زيت الزيتون؟

مديرة مكتب الزيتون، التابع للنظام"تحسن إنتاج زيت الزيتون 6% عن العام الماضي"

من المستفيد من قرار تصدير زيت الزيتون؟

ارتفاع سعر صفيحة الزيت في درعا إلى مليون و200 ألف ليرة سورية

"مدير زراعة السويداء": الفلاح هو سبب تدني نسبة الزيت المنتج

بعد وقف تصدير "زيت الزيتون" ازدياد نشاط تهريبه إلى لبنان

//