بلدي نيوز – (خالد وليد)
نشرت عدة صفحات موالية على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو صادماً من حفل عرس في مناطق النظام في العاصمة دمشق، وتحديداً من اوتوستراد المزة بالقرب من السفارة الإيرانية، والتي ظهر فيها أحد المشاهد التي كانت "محجوبة" في سوريا ما قبل الثورة.
ففي الفيديو ظهرت سيارة مرسيدس حديثة مطلية بالذهب بشكل كامل، ويحيط بها عدد أخر من السيارات الفارهة جداً، والتي تبلغ أسعارها مئات آلاف الدولارات لكل سيارة، إضافة لثلاث سيارات همر مطلية بعلم النظام وعليها صور لرأس النظام.
ذهب مسروق
مجموعة السيارات التي ظهرت في الفيديو وبخاصة تلك المطلية بالذهب، تعبر عن حقيقية النظام الذي يحكم سوريا ويحولها لمجرد بقرة حلوب لفئة من المنتفعين، والذين يتركون الفتات لمؤيدي النظام الذين حولهم النظام حرفياً لحطب يحرقه في سبيل بقائه، فعناصر النظام الذين يذبحون يومياً في معاركه ضد الشعب، "قد لا يتسنى لأحدهم مجرد لمس هذه السيارة، وقد يعدم ميدانياً إذا فكر بلمسها فضلاً عن قيادتها أو امتلاكها"، على حد تعبير أحد المؤيدين.
في الطرف الأخر من القصة يوجد أهالي قتلى للنظام ينتظرون توزيع ساعات الحائط الصينية، التي يقدمها النظام لأهالي قتلاه (والتي لا يكفي ثمنها لتنظيف زجاج هذه السيارة)، في مشهد يؤكد القيمة الحقيقية لعناصر النظام في نظره، طالما أنهم ليسوا من الدائرة الضيقة للنظام، وليسوا مقربين من أركانه.
فعلى الرغم من أن النظام أباح لمؤيديه كافة السبل لتحصيل المال، فشرعوا ينهبون ويسلبون في مشهد بوهيمي لا يخرج عن حدود عقلية النظام الوحشية، لكن جميع سرقاتهم لا تعادل قطرة في بحر المليارات التي ينهبها آل الأسد ومخلوف، من تحكمهم باقتصاد البلاد، وتجارة النفط والمخدرات والآثار وبيع الامتيازات للدول الكبرى.
فعمليات التعفيش التي يسترضي بها النظام مؤيديه، لن تؤهلهم ولو بعد عقود لشراء سيارات مثل التي ظهرت في الفيديو، والتي تعود بمجملها لشخصية "ثانوية" من آل الأسد.
سقوط التقية
على الرغم من حالة الثراء الفاحش لدى أقطاب النظام والصف الأول والثاني من مكوناته، ومجموعة المحيطين به والمنتفعين منه، والذين يمتلك الكثيرون منهم المليارات من الدولارات، لكن مشاهد البذخ والحياة المرفهة جداً، كانت شبه ممنوعة من العرض قبل بداية الثورة، وكان النظام يتحكم جداً في الصور والتسريبات التي تخرج عن حياة تلك الطبقة للعامة، بحيث لا يظهر مدى غناهم الحقيقي في وسائل الإعلام.
فمثلاً على الرغم من ملياراتهم وتجارتهم السرية والعلنية وامتلاكهم لثروات هائلة، لكن لم يظهر أي أحد من أركان النظام على قوائم أثرى الأشخاص في العالم أو في الشرق الأوسط، على الرغم من أن أقل تقدير لثروة الدائرة الضيقة لآل الأسد يتحدث عن 200 مليار دولار نقداً.
كذلك لا يعرف السوريون الكثير عن ممتلكاتهم، ولا صور قصورهم ولا أي تفاصيل عن حياتهم التي يعيشونها، ولا حفلاتهم الباذخة التي ينفقون عليها الملايين، ولا يوجد الكثير من صور سياراتهم الفارهة، والتي لا يسمح في سوريا سوى لأعداد محدودة منها يمتلكها أفراد "العائلة الحاكمة".
حيث عمل النظام بشكل حثيث على إظهار شخصياته ورموزه، بمظهر بسيط، وبخاصة رأس النظام وزوجته، منعاً لتشكل رأي عام سلبي حول وجود ثروة كبيرة لدى آل الأسد.
لكن مع بدء الحرب، وبداية ظهور أسماء وشخصيات من آل الأسد ومخلوف، والذين تضخمت ثرواتهم بشكل أكبر عما كانت عليه قبل الحرب، ومع تركيز النظام على أمور "أكبر" من مجرد ملاحقة وترقيع صورة أفراد آل الأسد وآل مخلوف، فقد بدأت صور وفيديوهات بالتسرب عن ثرواتهم الفاحشة وتصرفاتهم وهمجيتهم، وعن الوضع المالي لمؤيدي النظام من الدائرة الضيقة ككل.
يقع فيديو السيارة المطلية بالذهب ضمن هذه الخانة، والتي سيكون النظام المتضرر الأول أولا وأخيراً من نشره، فهو سوف يظهر للموالين قبل المؤيدين حجم ومستوى ثروة آل الأسد، التي تحولت لسيارات مطلية بالذهب، في حين لا تصل الكهرباء لمنازل المؤيدين أكثر من 12 ساعة في اليوم، ولا يستطيع راتب عنصر جيش النظام الذي لا يتجاوز 50 دولاراً شرائها حتى لو أمضى 100 عام في جمعه، ويرسلونهم كل صباح للذبح دفاعاً عن "راكبي السيارات المطلية بالذهب".
إضافة لكون هذه الصورة تمثل تفسخاً للقبضة الأمنية للنظام، والتي ساهم فيها إزالة النظام للخطوط التي كان يحدد فيها تحركات وسلطة أفراد آل الأسد وغيرهم، والذين يساهمون الآن في تدمير النظام ذاتياً، فهم يعاملون المؤيدين بدونية كبيرة، فضلاً عن مجازرهم بحق المعارضين، لكنهم مع الزمن يصبحون أكثر عنفاً تجاه المؤيدين لأنهم محصورون في مناطقهم، ولا يوجد لهم أي دور عسكري حقيقي في المعارك، فلم يسمع عن أي ضابط قيادي من آل الأسد شارك أو قاد أي معركة بشكل حقيقي خلال سنوات الحرب الستة.