بين جرابلس ومنبج "تحرير وتهجير" - It's Over 9000!

بين جرابلس ومنبج "تحرير وتهجير"

بلدي نيوز – (خالد وليد)
حُررت جرابلس أخيراً في عملية خاطفة نفذها الجيش الحر، بدعم وإسناد من تركيا، التي دعمت الثوار بالمدرعات والذخائر والتغطية الجوية والمدفعية.
عملية تحرير جرابلس تعتبر أحدث عملية تحرير لمنطقة ما في سوريا، بعد عملية كسر الحصار وتحرير الكليات العسكرية في حلب، حيث تتميز عملية جرابلس بأنها حررت مدينة كاملة ومفتاحية ومهمة في الشمال السوري ككل.
تمتد انعكاسات عملية التحرير هذه من جبال زاغروس شرقاً حتى البحر المتوسط غرباً، مروراً بالشمال السوري ككل، وصولاً حتى باب المندب مدخل البحر الأحمر جنوباً.
الانعكاسات الجغرافية والسياسية والعسكرية هذه، تعبر عن تحول حقيقي في مجرى الأحداث، التي تحاول دول غربية وعلى رأسها أمريكا تسييرها لصالحها، وبناء على مصالحها، وقد تكون جرابلس نهاية مشروع وبداية مرحلة من الحروب، بين مكونات المشاريع الانفصالية، التي صفيت أو غيرت في اللحظات الأخيرة، ما يعني أن جرابلس نقطة فاصلة في تاريخ المنطقة، مثلما كان كسر حصار حلب.
"تحرير" للتهجير
استولت الميليشيات الكردية المتخفية تحت ستار رقيق يسمى "قسد" على مدينة منبج منذ فترة قصيرة، فعلياً لم تسيطر تلك الميليشيات على مدينة، بل على أطلال مدينة، فلا يكاد يخلو منزل من صاروخ طائرة أو قذيفة مدفع، بعد أن نفذ طيران التحالف ما لا يقل عن 700 غارة على المدينة وحدها، خلال قرابة ثلاثة أشهر من المعارك التي يمكن تشبيهها بالقصف من جهة واحدة، فالسيطرة الجوية للتحالف حولت الوضع في منبج من معركة، إلى مجرد حقل رماية كبير بحجم مدينة، مع قوة من منقطي الأهداف الذين لم يدخلوا أي معركة حقيقية، والذين اصطاد منهم التنظيم المئات، بالعربات المفخخة التي كشفت عن أعداد "المهاجرين" الأجانب في تلك القوة "المعتدلة".
منبج تحولت إلى مدينة أشباح، تصل نسبة المباني والبنية التحتية المدمرة فيها لأكثر من 75%، والباقي متضرر بشكل شديد، والمجازر التي ارتكبتها القوات "المعتدلة" لتحريرها، تجاوز ضحاياها مجمل من قتلهم التنظيم "المتطرف" خلال حكمه لها.
نهبت الميليشيات الكردية جميع بيوت المدينة التي هجرها ساكنوها خشية من "محرريهم"، وفراراً من الغارات التي يقودونها إلى كل منطقة يودون تفريغها من السكان الحقيقيين، فكانت موجة نزوح جديدة تضاف إلى أمواج النازحين الذين لا يبدو أنهم سيعودون إلى بيوتهم وأملاكهم وحياتهم، طالما بقيت الميليشيات الكردية تحتل مدنهم وقراهم.
كمثل باقي المدينة أحرقت الميليشيات الكردية السجل العقاري، تمهيداً لاحتلال المنازل، وتهجير السكان بدعوى عدم وجود أوراق ملكية، الأمر الذي يدعمه النظام، ويعد امتداداً لأساليبه في عقاب المعارضين، والذي يعاقب السوريين منذ عهد حافظ الأسد، بسحب ثبوتياتهم من السجلات، ومنعهم من الحصول عليها، بداية بجوازات السفر، وصولاً إلى أوراق الملكية والوثائق المختلفة.
منبج "حررت" لتضاف إلى العديد من المدن الأخرى، التي لا يمكن القول بأي حال أنها حررت لتعود إلى سوريا، بل سيطرت عليها قوة احتلال أكثر قسوة ووحشية، وفق ما يقوله أبناء المدينة.
درع الفرات
حررت جرابلس خلال ساعات، بعد انسحاب التنظيم منها، إثر تقدم الجيش الحر المساند تركياً.
عملية تحرير جرابلس كانت سريعة وخاطفة، ولم تستغرق أكثر من يوم، ولم يسقط فيها مدني واحد فضلاً عن حدوث أي مجزرة، ولم تلحظ أي حركة نزوح من المدينة، إلا لعناصر التنظيم وعائلاتهم، ولا يوجد من الألغام إلا ما ندر، تلك الألغام التي كانت حجة النظام والميليشيات الكردية في منبج وغيرها، التي تمنع المدنيين من العودة للمدينة بحجتها، وتطالبهم بدفع مبالغ كبيرة يعجزون عنها، لقاء إزالتها إمعاناً في منعهم من الدخول لبيوتهم، فضلاً عن تهديم البيوت التي لم تهدم بقصف الطيران بحجة العجز عن تفكيك الألغام فيه.
غاب عن مشهد تحرير جرابلس وكذلك عن تحرير الراعي قبلها، مشاهد تكررت كثيراً خلال سيطرة الميليشيات الكردية على منبج وغيرها، من نسوة يخلعن البراقع ويحرقنها، ثم يبدأن بالتدخين مع مجندات الميليشيات الكردية، في محاولة لتصوير هذه الميليشيات بمظهر القوة "المتحررة المتنورة"، التي تسعى لتحرير المدنيين من القوى "الظلامية المتخلفة"، التي تشمل إضافة لتنظيم "الدولة" فصائل الثوار والجيش الحر، بل يبدو أن نسوة جرابلس أعدن براقعهن إلى الخزائن، فقد ترتديه عروس يوماً ما، فالكل في تلك المناطق يعلم أن النقاب جزء لا يتجزأ من لباس العروس، وعنصر لا يمكن إنكاره من لباس المرأة وزينتها، وقد تورث الأم ابنتها برقع زفافها، وقد يكون موشى بالذهب والفضة، كدلالة على الغنى والمركز الاجتماعي المرموق.
تحرير أم تدمير؟
مقارنة بسيطة بين مشهد منبج صباح "تحريرها"، ومشهد جرابلس صباح تحريرها، يكفي لنعلم من هو المحرر الحقيقي، ومن يستخدم "التحرير " كطريقة للتهجير والتدمير والتشريد، وإعادة تشكيل جغرافية المنطقة بناء على تغيير الديموغرافيا بقوة السلاح الذي يحصل عليه دعماً لعمالته حتى حين.

مقالات ذات صلة

القوات التركية تقصف مواقع للنظام و"قسد" شرق حلب

احتجاجا على مناهج "الإدارة الذاتية".. أهالي "السوسة" يحرقون مجمعا تربويا بدير الزور

حلب.. استمرار إضراب مدارس منبج بسبب مناهج "الإدارة الذاتية"

مقتل طفل برصاص "قسد" شرقي حلب

احتجاجا على سياسة "قسد".. إضراب بمدينة منبج شرق حلب

استعصاء سجناء في أحد معتقلات "قسد" شرق حلب