بلدي نيوز - إدلب (محمد وليد جبس)
أصدرت مؤسسة "الدفاع المدني السوري"، يوم أمس الثلاثاء 17 أيار/ مايو، بيانا تحدثت من خلاله عن مدى خطورة استخدام قوات النظام السوري وحليفها الروسي لقذائف "كراسنوبول" المدفعية روسية الصنع ضد المدنيين في مناطق شمال غرب سوريا، وأحصت عدد الضحايا المدنيين والمنشآت المستهدفة بهذا النوع من الاسلحة خلال العام الماضي.
وقالت المؤسسة في بيانها، إن فرقها استجابت للهجمات التي نفذتها قوات النظام وروسيا باستخدام قذائف "كراسنوبول" الموجهة بالليزر، وأصدرت تقريراً يرصد استخدام هذا النوع من القذائف والآثار التي خلفتها ومنهجية استخدامها لاستهداف المرافق العامة وعلى رأسها المشافي، والعمال الإنسانيين، ومنازل المدنيين.
وأضافت، أن فرقها وثقت 63 هجوما باستخدام هذا السلاح القاتل وتبلغ نسبة هذه الهجمات 4 بالمئة فقط من الهجمات بمختلف أنواع الأسلحة، خلال الفترة التي يغطيها التقرير والممتدة من توثيق أول هجوم في 21 آذار من عام 2021 حتى 31 كانون الأول من العام نفسه في شمال غربي سوريا، إلا أنها أسفرت عن 20 بالمئة من جميع الوفيات في صفوف المدنيين.
واستند تقرير المؤسسة إلى عدد من مصادر البيانات، واعتمد على تقارير الاستجابة للهجمات التي توثقها فرق الدفاع المدني المستجيبة، كمصدر أولي، والتي تشمل التاريخ والموقع ونوع الهدف ونوع الهجمات والقذيفة والجهة المشتبه بها في ارتكاب الهجمات وعدد ضحايا كل هجوم تستجيب له، كما يعتمد على توثيقات المتطوعين من صور وفيديوهات وبقايا ذخائر، وعلى بيانات من الشهود، بمن فيهم متطوعو الخوذ البيضاء، إلى جانب البحوث المكتبية الإضافية.
واستعرض التقرير شرحا عن قذائف كراسنوبول وعن أقسامها وآلية عملها، حيث قال إنها قذائف روسية الصنع شبه أوتوماتيكية موجهة بالليزر ومثبتة الزعانف ومتفجرة، وتم تطويرها في الثمانينات ويتم إنتاج القذائف من عيار 155 ملم و157 ملم ليتم إطلاقها من مدافع "الهاوتزر" بعد الإطلاق، تتواصل القذيفة مع مُحدد ليزر خارجي يضيء هذا المُحدد الهدف باستخدام ليزر ويرسل إشارات لتوجيه مسار القذيفة ويصل مداها إلى 7 كم، وتصل دقة إصابة الهدف إلى 90 بالمئة، وهي بالأصل لمواجهة الدبابات واختراق التحصينات الصعبة.
المرافق المستهدفة
ووثقت المؤسسة 63 هجوماً بقذائف "كراسنبول" في شمال غربي سوريا، وشملت أهداف هذه الهجمات البنية التحتية المدنية التي يحميها القانون الإنساني الدولي، في مناطق حيوية قريبة من خطوط التماس مع قوات النظام وروسيا، وتضم هذه المنطقة عددا كبيرا من المدنيين الذين عادوا بعد وقف إطلاق النار.
واستهدفت الهجمات 43 منزلا، و11 هجمة على الحقول الزراعية واستهدفت الهجمات أيضا مخيمات المهجرين، ومستشفى الأتارب غربي حلب، ونقطة مرعيان الطبية جنوبي إدلب ومركز للخوذ البيضاء في بلدة قسطون في سهل الغاب.
ويشكل هذا النوع من الذخائر خطرا كبيرا على المدنيين بسبب دقة الإصابة وشدة تدميره ويمكن أن تخترق القذيفة الجدران وتسبب ضررا شديدا للمباني، حيث أن معظم المباني التي تم استهدافها بقذائف كراسنوبول قد دُمرت بالكامل.
عدد الضحايا
ووصف التقرير قذائف كراسنوبول بأنها "قذائف لا يمكن الاختباء منها"، ووثق مقتل 70 شخصاً وإصابة 102 آخرين خلال الفترة التي غطاها التقرير (من 21 آذار حتى 31 كانون الأول عام 2021)، وشكل الأطفال عددا كبيرا من الضحايا حيث قُتل 29 طفلا وجرح 33 آخرين، ومن بين الضحايا أيضا متطوعان من الخوذ البيضاء، قُتلا خلال هجمتين منفصلتين، وأكد التقرير أثر هذه الهجمات القاتلة على استقرار المدنيين واضطرارهم إلى النزوح مجددا بشكل قسري إلى مناطق أخرى في شمال غربي سوريا بحثاً عن الأمان.
"الخوذ البيضاء" هدف لكراسنوبول
وأشار التقرير إلى أن الهجمات التي استهدفت متطوعي الخوذ البيضاء، هي هجومان منفصلان باستخدام كراسنوبول من قبل قوات النظام وروسيا، أسفرت عن مقتل اثنين من متطوعي الخوذ البيضاء وإصابة سبعة آخرين، حيث استهدف هجوم مركز الخوذ البيضاء في قرية قسطون في ريف حماة الغربي في 19 حزيران 2021، ما أسفر عن مقتل المتطوع "دحام الحسين"، وإصابة خمسة آخرين من المتطوعين، وتسبب الهجوم بتدمير المركز بشكل كامل، ودمرت العديد من سيارات الإنقاذ والإطفاء.
واستهدفت الهجوم الثاني (وهو هجوم مزدوج) فريقا من الخوذ البيضاء أثناء استجابته على هجوم في قرية سرجة، حيث قُتل المتطوع الإعلامي "همام العاصي"، وأصيب اثنان آخران من زملائه في 17 تموز 2021، كما أسفر الهجوم عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال وامرأة، وإصابة أربعة آخرين، وكان المتطوع همام وزملاؤه يحاولون إنقاذهم، إذ تتعمد قوات النظام وروسيا استخدام تكتيك الهجمات المزدوجة بإعادة استهداف المنطقة بعد ترك فترة زمنية ليكون وصل المسعفون لإنقاذ من استهدفه الهجوم الأول، يهدف هذا النوع من الهجمات إلى زيادة عدد الضحايا، واستهداف أولئك الذينيقدمون الخدمات الإنسانية والطبية الطارئة على وجه التحديد.
توصيات التقرير
ووجه التقرير جملة من التوصيات إلى المجتمع الدولي، تطالب بإجراء تحقيق خاص من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة، حول استخدام نظام الأسد وروسيا لقذائف "كراسنوبول" وغيرها من الأسلحة المتطورة في قتل السوريين وتدمير مدنهم، وطالب التقرير أيضاً بإدانة هذه الهجمات، وفرض عقوبات على أي طرف يبيعها لنظام الأسد، واستغلال كافة القنوات المتاحة لمنع الإفلات من العقاب وتقديم مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا إلى العدالة، والسعي إلى حل ينهي مأساة السوريين، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254.
وأشار إلى أن الإفلات من العقاب على جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات النظام وروسيا واستخدام سوريا كحقل تجارب لتطوير الأسلحة الروسية، لن تقتصر آثارها على السوريين، إذ يظهر هذا السلوك تجاهلا صارخا للحياة البشرية والالتزامات بالقانون الدولي الإنساني بضمان حماية المدنيين، بعد أن امتدت الهجمات لتشمل شعوبا أخرى، ويجب على المجتمع الدولي أن يقف ضد الإفلات من العقاب وأن يحمي المدنيين، والبشرية اليوم على المحك أكثر من أي وقت مضى لحماية قيمها وإنسانيتها.