بلدي نيوز - (مصعب الأشقر)
تعتبر القهوة العربية أحد الموروثات لدى العرب والسوريين، سيما "البدو" منهم والذين اشتهروا في المحافظة على العادات والتقاليد الخاصة بالقهوة، وربطوها بصفات "الكرم والشجاعة والنسب".
وعن هذا الأمر، يقول الأستاذ "تركي مصطفى" المؤلف لكتب خاصة بالقبائل العربية في سوريا، لبلدي نيوز: "إن تاريخ القهوة العربية يعود إلى العصر المملوكي ولا تزال عادة موروثة لدى شيوخ العشائر العربية وتقدم كضيافة ثمينة في مجلس شيخ العشيرة للضيوف وأفراد العشيرة".
وأضاف "مصطفى"، أنه وبسبب الفقر بين الناس في زمن القهوة العربية الأولى، كان شيخ العشيرة هو القادر الوحيد على امتلاك مضافة تقدم فيها القهوة غالية الثمن حينها، وكان يتوجب على كل فرد في العشيرة إذا حلّ عليه ضيف اصطحابه إلى مجلس شيخ العشيرة لتقديم القهوة له، إذ كان من غير اللائق أن يتقدم للضيف القهوة في بيوت أفراد العشيرة وحصرية التقديم لدى الشيخ فقط احتراماً لمكانته".
ولفت "مصطفى" أن القهوة العربية مرت في عصرنا الحديث ببعض الانتكاسات، فلم تعد حكرا على شيخ العشيرة بل أصبحت مشاعا للجميع وتقدم في كل الأماكن، مِمّا أفقدها أهميتها المرتبطة بالعادات والتقاليد.
وفي السياق، قال الوجه العشائري في منطقة سهل الغاب بريف حماة "غسان الحمد"، إن للقهوة العربية إرث وأهمية لا يمكن حصرها بحديث واحد بل تحتاج لجلسات طوال لشرح أهميتها في حياة القبائل العربية.
واعتبر "الحمد"، أن القهوة العربية حلّت خلافات وعتقت رقاب وحقنت دماء العديد من الناس منذ سنوات، كل ذلك كان موجود لدى ناس قدّرت أهمية القهوة العربية وربطتها بالكرم والجود والشجاعة ولم يكن لأي شخص إمكانية امتلاك قهوة "مجلس ضيافة" بل كانت المقاهي في القبائل العربية متوارثة "أبا عن جد"، لتشكل دليل نسب وشهامة لدى شيوخ القبائل والعشائر العربية.
وأكد "الحمد" أن كثيرا من الضيوف كانوا يقصدون مجالس الشيوخ ويرفضون شرب القهوة حتى يحصل على طلبه من شيخ العشيرة سواءً كان طلب عيني أو حلّ لمشكلة، وبالنهاية يحصل الضيف على ما يريد شريطة شربه للقهوة التي تفك المشاكل وتعني للعرب شيء لا يمكن وصفه.
واعتبر "الحمد" في حديثه لبلدي نيوز، أن لمجالس القهوة مكانة مهمة، لأنها تجمع الرجال والأشخاص الصالحين.
وأكّد "الحمد"، أن محافظة حماة كانت تحوي عددا من مجالس القهوة لدى الوجهاء في المحافظة بمختلف مناطقها كان يقصدها من لديه مشكلة يبتغي حلّها، ولم تكن تلك المجالس كثيرة بالعدد بل مقتصرة على مقاهي متوارثة بالعائلة كانت تشكل رمزا للعشيرة أو القبيلة.
وأوضح أن "القهوة العربية" شعار هام وضع على مصب القهوة متمثل بطير يسمى "الغرنوق" الذي يستدل به الأعراب قديماً على مناطق وجود الماء ومن خلال اهتمام العرب وتقديرهم للطائر وضعوه على أعلى مصب القهوة بمكان عالي في تقديرهم.
طريقة تحضير القهوة العربية
يقول الشاب "محمد الرماح"، وهو نازح من محافظة حماة لبلدي نيوز، إن طريقة تحضير القهوة ليست بالسهلة، ويجب على الشخص أن يكون على دراية بطريقة الصنع، التي تبدأ بتحميص حب القهوة المختار بعناية من بين أصناف البن، وبواسطة المحماص يتم تحريك حبات القهوة على النار حتى تنضج بشكل جيد، ليتم تبريدها قليلا، ووضعها في المهباج ليتم طحن الحبات المحمصة وبواسطة الدلال الكبيرة يتم طبخ حبات البن المطحونة بعد استخراجها من المهباج، وصبها بالدلال على النار، حيث تُغلى بطريقة فنية، وبعد غليانها تصب في الدلال الصغيرة حيث تقدم للضيوف في مجلس الوجيه أو شيخ العشيرة تعبيراً عن تكاتف العشيرة وتواجدها في مجلس الشيخ.
وعلى مقدم القهوة للضيوف، أن يقف وسط الضيوف ويمسك الدلة بيده اليسرى والفنجان بيده اليمنى، يبدأ بصب القهوة لنفسه وبشرب أول فنجان حتى يُطمئن الضيوف من خلو القهوة من أي جسم غريب من جهة وليتذوق طعمة القهوة وجودتها وأصالة طعمها، ومن ثم يبدأ من يمين الجلسة ولا يجلس حتى يقدم القهوة لجميع الحاضرين.
ومن بلاد اليمن الموطن الأصلي للعرب، كانت القهوة العربية، ومن ثم انتشرت في الجزيرة العربية وبلاد الشام، أمّا اليوم فبرزت أصناف عدّة منافسة للقهوة اليمنية مثل الصنف البرازيلي الذي غصّت به أسواق الوطن العربي.