العلويون يدفعون ثمن دعمهم لبشار الأسد - It's Over 9000!

العلويون يدفعون ثمن دعمهم لبشار الأسد

POLITICO  - ترجمة بلدي نيوز
استهدفت سلسلة التفجيرات الأخيرة في سورية المدن الساحلية السورية مؤخراً في كل من طرطوس وجبلة في أواخر شهر أيار، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 150 شخصاً، وادعى تنظيم "داعش" على الفور مسؤوليته عن تلك التفجيرات، مشيراً إلى أنه استهدف عمداً "تجمعات النصيرية"، أو العلويين، والذين يعتبرهم أسوأ نوع من الهراطقة.
إن الهجمات المروعة على المدنيين ليست بالشيء الجديد في الصراع السوري البالغ من العمر خمس سنوات، فإن النظام السوري، وخلال الأشهر الأخيرة، وبالتعاون مع حليفه الروسي كان قد استخدم مراراً وتكراراً القوة الجوية لتمطر الإرهاب العشوائي على المناطق المكتظة بالسكان المدنيين والمستشفيات في كل من حلب والمدن التي يسيطر عليها الثوار في شمال غرب سوريا.
إن التفجيرات الأخيرة في المناطق الساحلية من سورية تعتبر مفاجئة كبيرة، لأن الساحل كان وحتى الآن المنطقة الأكثر هدوءاً في سوريا، وقد يعزى استقرار هذه المناطق إلى حد كبير لدعم الأسد في أوساط علويته ذوي الطائفة نفسها التي يتبع لها، والذين يشكلون حوالي أغلبية 65 في المئة في المنطقة الساحلية.
ويمكن لهذه الهجمات أن يكون لها تأثير كبير على موقف الطائفة العلوية، والذين لطالما كانوا الدعامة الحيوية لحكم عائلة الأسد منذ سبعينيات القرن المنصرم، والسؤال الآن هو ما إذا كانت الأحداث الأخيرة ستعزز من دعم العلويين للنظام، أو أنها ستسبب لهم تغييراً في رؤيتهم وانتماءاتهم، فقد أصبح العلويون شديدو الانزعاج لأن الأسد لا يمكنه في نهاية المطاف أن يقوم بحمايتهم من مجزرة وشيكة على أيدي المتطرفين، إذ ان هذه الهجمات قد تتحول لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير.
إن العلويين الذين يشكلون 12-13 في المئة من إجمالي سكان سوريا، كانوا تاريخياً مجموعة صاخبة ذات ارتباط فضفاض، كما علمهم وجود المماليك والعثمانيين والفرنسيين والقوميين بعد الاستقلال أن يكونوا، إذ أنهم جميعا قاموا باتخاذ إجراءات معينة على تلك الطائفة أو على فصائل منها، ومنذ ستينيات القرن المنصرم فإن النظام البعثي، وبالأخص سلالة عائلة الأسد، قامت بصورة تدريجية باستمالة الطائفة العلوية بالكامل، لدرجة تم فيها الدمج التلقائي مع النظام السوري، في حين هناك البعض من العلويين الذين لا يؤيدون هذا الخلط بكونهم لم يستفيدوا من وجود هذا النظام، غير مؤيدين لمثل تلك الصورة الشمولية بالنظر إليهم.
ولكن ومع ذلك فما كان النظام يقدمه على الدوام إلى العلويين، كان الأمان التام، الشيء الذي كانت تفتقر إليه هذه الطائفة طوال تاريخها، وفي المقابل، قام العلويون بتقديم العمود الفقري الأساسي لأجهزة أمن النظام، وبعد عام 2011، قامت بتقديم المقاتلين العلويين في ميادين القتال في شمال وشرق وجنوب سوريا، مما أبقى الأسد واقفاً على قدميه لفترة طويلة بما فيه الكفاية بجانب قوات حزب الله وإيران وروسيا وبشكل غير مباشر، إدارة أوباما والتي كان يمكنها التدخل ولأكثر من مرة، لكنها قامت بالتنحي عن دورها مما أرسى جذور النظام دولياً في الوقت الذي كان يواجه فيه انتكاسات عسكرية كبيرة في عام 2013 ومنتصف 2015.
ولكن وبعد خمس سنوات، فإن مخاوف العلويين من الاحتدام مع الأغلبية السنية وصلت أخيراً إلى ذروتها، ويبدو بأن الخلاف مع الأسد يمكن أن يزيد من احتمالات انتقام السنة في المستقبل والتي لن ترحم، في حين يبدو ذلك واضحاً في جرائم الإبادة ضد المدنيين من السنة في حملات وحشية للأسد تستهدف حصراً السوريين ذوي الطائفة السنية، مما أثار الأفواج الجهادية في العالم إلى البلاد للدفاع عنهم ودفع العديد من السوريين السنة المعتدلين سابقا لاحتضان مثل هؤلاء المقاتلين.
إن الأسد وحلفاؤه لا يزالون ظاهرياً محافظين على قدرتهم على حماية العلويين والأقليات الأخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ولكن علامات الاستياء العلوية بدأت الآن بالظهور وخاصة عندما أصبحت التفجيرات الانتحارية المتكررة في الضواحي العلوية من حمص من أوائل عام 2014، وتكرر ذلك مؤخراً في التفجيرات التي استهدفت كلا من طرطوس وجبلة.
لقد خرج العلويون إلى الشوارع منددين بفشل الحكومة في حمايتهم، ثم مرة أخرى في تموز عام 2015، عندما احتج العلويون في اللاذقية ضد غطرسة مساعدي الأسد مثل سليمان هلال الأسد والذي أظهر عدم احترامه القاسي للعلويين العاديين، وباختصار، فإن هذا النوع من العقد الاجتماعي- أو الصفقة خاسرة - ما بين نظام الأسد والعلويين، والذي بدأ بعد مذبحة عام 1982 للمعارضين السنة في حماة، بدأت الآن في التصدع.
وبالنسبة للكثير من العلويين، فإن فوائد العلاقة مع الأسد أصبحت تبدو ضئيلة جداً، حيث تمثل تفجيرات طرطوس وجبلة فشلاً أمنياً كبيراً من قبل النظام، والذي أثار غضب وامتعاض العلويين إلى جانب ترويعهم، إن هذه الهجمات الأخيرة يمكن بالتالي على حد سواء، إما أن تعمل على دق وتد ما بين الطائفة والنظام، أو لربما تعمل على دفع العلويين بالتكتل أكثر نحو الاعتماد التام على الأسد.
في الواقع، عندما تحدثت مع أحدهم في سوريا، ذكر أن بعض العلويين يعتقدون أن النظام يقف وراء هذه التفجيرات، وفي حين يبدو أمراً من الصعب تصوره ، بأن يقوم النظام بمهاجمة معقله الخاص، لكن تقارير موثوق بها عن السيارات المتفجرة، تفيد بأن النظام قام بالتخطيط لها بشكل متعمد في دمشق، وذلك من أجل تخويف العلويين والأقليات الأخرى ودفعهم إلى التشبث به بشكل أكبر، لكي يظهر بشكل الحامي الوحيد لهم، إذ أن النظام قادر على فعل مثل هذه التكتيكات، وفي كلا الحالتين، فإن شكوك العلويين حول التفجيرات الأخيرة في الساحل تشير إلى وجود مستوى متزايد من عدم الثقة بالأسد وأجهزته الأمنية، وبقدرته على التلاعب في الأحداث، ونظراً لغياب أي بدائل، وزيادة الاعتماد على النظام يبدو ذلك الواقع أكثر احتمالاً.
وقد قامت مجموعة من قادة الطوائف العلوية بالسعي مؤخراً لإصلاح هوية الطائفة، رافضين الخلط الطويل الأمد ما بين الطائفة والنظام، نائين بأنفسهم عن أسياد الأسد الإيرانيين، في حين تشير الوقائع إلى أن العلويين يبحثون الآن عن وسيلة للخروج من مأزقهم القاتل، ولربما يغير النشر الروسي لقواته على الساحل ومناطق أخرى في سوريا، من حسابات العلويين، مما يدفعهم ببدء النظر إلى فلاديمير بوتين بدلاً من الأسد كمصدر رئيسي للأمان.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الصور المتعددة خلال وقف إطلاق النار الأخير للثوار السوريين وهم يقومون بمحاولة إخراج الضحايا من تحت أنقاض منازلهم، والاستمرار في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام وإنشاء سوريا التعددية الديمقراطية، والرفض الكامل للثوار الحقيقيين لوجود الإرهابيين، لربما تقنع العلويين بأن الشركاء المحتملين لا يزالون موجودين في مرحلة ما بعد الأسد.
قد يكون هذا الأمل الأفضل للعلويين لوجود أي مستقبل آمن لهم في سوريا، لكن أي إمكانية للتواصل مع المعارضة السورية المعتدلة إلى حلول بكونهم شركاء في الوطن، تتطلب أيضاً محاولة العلوية النأي بالنفس عن نظام الأسد وتقويض ركيزته الأساسية بوقف دعمهم له.
إن تلك الصدمة الكبيرة التي أصابها تنظيم "داعش" الإرهابي، في معاقل العلوية، قد يجعل العلويين يعيدون النظر بجدية في مواقفهم، حيث أن تلك الفكرة طويلة الأمد بأن الأسد هو حاميهم الرئيسي، تم دحرها بشكل كامل.
*ليون جولدسميث: الأستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس، مسقط، سلطنة عمان، ومؤلف كتاب "دورة الخوف: علويّي سورية في الحرب والسلام" (هيرست، 2015).

مقالات ذات صلة

ماذا يحمل معه.. رئيس المخابرات الرومانية يزور بشار الأسد في دمشق

قوات النظام تجري حملة تمشيط في البادية ضد "التنظيم"

مظلوم عبدي: نتعرض لهجوم من ثلاث جهات

إضراب سائقين في جبلة ...ومسؤولو النظام يعتبرونه تمردا

رأس النظام يتسلّم دعوة للمشاركة بالقمة العربية في البحرين

صحيفة تتساءل.. لماذا يخشى الغرب من تفكيك مخيم الهول بالحسكة