بلدي نيوز – (ياسر الأطرش، زياد الحلبي)
يروي عادل -الأربعيني السوري اللاجئ في ألمانيا- بأسىً ظاهر، كيف أن المحاضرة التي خُصصت للحديث عن تدمير آثار حلب، بالبلدة التي يقيم فيها، اكتفت بالتطرّق للحجر دون الحديث عن البشر.
ويعود عادل لمحاورة نفسه منطقياً، هو يعلم أن لهؤلاء الأوربيين ثقافة مختلفة وترتيباً مختلفاً للأولويات، يبدو غريباً جداً عن سياقاتنا وأولوياتنا، ويعلم أيضاً أنهم يستقون معلوماتهم من وسائل إعلامهم، ولا وقت لديهم للتفكير كثيراً بمصائرنا، الحياة هناك سريعة وإيقاعها منضبط وفق ساعة لا تمنح الكثير من الراحة والاسترخاء للتفكير.
في سوريا، الأمر يختلف كثيراً، فنحن من نموت ونجوع ونُعتقل ونعاند ونُهجّر ونبرد ونعرى.. لذا يبدو البكاء على الأطلال، ليس شيئاً من محفوظاتنا الشعرية القديمة وحسب، بل ربما يرقى إلى درجة الخيانة، خيانة الحياة، التي هي غايتنا الآن وقبل كل شيء وأي شيء.
بالتأكيد سيكون لنا موعد قادم مع البكاء، بعد أن نصحو من الحزن على موتانا، وبعد أن نعود إلى بيوتنا وقرانا ومدننا، ولا نجدها.. وقتها سنبكي تفاصيلنا وانكسار ذاكرتنا كثيراً، وسنساعد أنفسنا على الصمود والعودة للبناء واسترجاع الممكن من الأشياء، ولكن ليس إيبلا وجامع حلب الأموي وأسواقها المحترقة.. فهذه الأوابد ربما لن تعود، مهما حاول العالم استعادتها لأجله أو لأجلنا.
حلب.. درة طريق الحرير
تعتبر سوريا خزاناً حضارياً عظيماً يحوي آلاف المواقع الأثرية التي ساعدت في الكشف عن مسيرة الإنسان عبر العصور، ولمحافظة حلب موقع خاص في خارطة تاريخ سوريا والمنطقة، فهي دائماً كانت من أكبر وأهم المدن، كما كانت أكبر مدن سوريا وبلاد الشام سكانياً بواقع 4.6 مليون نسمة، حتى بداية الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد.
وتعتبر محافظة حلب من المناطق الغنية جداً بالآثار والمواقع الأثرية، التي تعود لحضارات تُعد من أقدم الحضارات في العالم، وتعود في بعض المناطق إلى ثمانية آلاف عام، وقد مرت على مدن ومناطق حلب حضارات مثل: الآكاديين والبابليين والآراميين والحثيين والسومريين والرومان والإغريق والبيزنطيين والعرب والمسلمين، وقامت بها الكثير من الممالك والدول، وكانت مدينة حلب والتي تعد من أقدم وأوائل المدن في العالم، عاصمة في أكثر من حقبة تاريخية.
كما أن حلب كانت على أهم وأقدم طريق بشري للتجارة والتبادل الثقافي، طريق الحرير، حيث يبدأ الطريق مشواره من الصين ليرتاح ويحط رحاله فيها معلناً عن نهايته. وتتوسط المدينة قلعة من أقدم القلاع المأهولة تاريخياً, تحيط بها أسواق قديمة ومدارس دينية ومشافٍ ومساجد تاريخية، ومعالم أثرية مهمة ما زالت صامدة حتى الآن, ما دعا العالم الإسلامي للاحتفاء بها كعاصمة للثقافة الإسلامية في العام 2006، إلا أن ذلك كله لم يكن ليشفع لها عند جلاد سوريا، الذي بدا وكأنه يحقّق واقعياً الشعار الذي رفعه أنصاره وموالوه "الأسد أو نحرق البلد"، وكان أن احترقت حلب وأوابدها الإنسانية على مرأى ومسمع من العالم الذي اكتفى بالفرجة، وكأننا في مسرح اللامعقول.
تدمير التراث الإنساني
تعرضت مدينة حلب، بعيد انطلاق الثورة السورية، إلى قصف عنيف من قبل قوات نظام الأسد، دمرت الحجر وقتلت البشر، وأتت على البنى التحتية للمدينة وجزء كبير من عمرانها, كما لم تسلم المعالم الأثرية من الحريق الحاقد.
علي أبو الجود، مختص بتوثيق الآثار المدمرة في محافظة حلب، قال إنه أصبح من الصعب إعادة ترميم الكثير من المناطق نظراً لتعرضها لعملية مسح تام بسبب القصف, مشيراً إلى أن عملية إعادة الإعمار والترميم ستكون بعد رحيل النظام حتماً، وأنها ستكلف مليارات الدولارات، كما ستحتاج الكثير من الوقت لإتمام العمل.
منوهاً بجهود مختصين سوريين يسعون لجمع الأموال اللازمة وإحصاء الأماكن الأثرية المدمرة ليس في حلب وحدها، وإنما في عموم سوريا.
ووثق السيد أبو الجود عشرات الأماكن الأثرية المدمرة في حلب القديمة والتي تمثل روح المدينة، وأهمها:
قلعة حلب
تقع وسط المدينة، وهي رمز تاريخي وثقافي لحلب، اقتصر دمارها نتيجة غارات قوات الأسد على مدخلها وبابها الذي يعود للعصر الأيوبي وجزء من السور الخارجي تم تدميره بتفجير نفق من قبل قوات نظام الأسد في شهر تموز/يوليو 2015, كما لحق بعض الضرر ببعض الآثار الموجودة في الحديقة, وقام النظام على حد زعمه بنقل العديد من آثار القلعة إلى أماكن سرية خوفاً من سرقتها.
يعود تاريخ القلعة إلى العصور الوسطى. وتعتبر إحدى أقدم وأكبر القلاع في العالم، يعود استخدام التل الذي تتوضع عليه القلعة إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث احتلتها فيما بعد العديد من الحضارات بما في ذلك الإغريق والبيزنطيون والمماليك والأيوبيون، بينما يظهر أن أغلب البناء الحالي يعود إلى الفترة الأيوبية، أجرت عليها مؤسسة آغا خان للثقافة والجمعية الأثرية في حلب عمليات حفظ واسعة في عام 2000. تقع القلعة في مركز المدينة القديمة التي أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1986.
الجامع الأموي
احترق الجامع ودُمّرَ قسم كبير من أجزائه في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وانهارت مئذنته في عام 2013 بعد أن قامت قوات النظام بمحاولة اقتحامه عدة مرات. وتعود المئذنة للعهد الأيوبي, وتمتاز بهندستها الرائعة وزخرفتها النادرة.
وسيطرت الكتائب المعارضة في 28 فبراير/شباط 2012 على المسجد بعد اشتباكات مع قوات النظام التي انسحبت منه وتمركزت في مبان مجاورة له، وتسبب الاستهداف الدائم من قبل قوات النظام للمسجد إلى نشوب حريق كبير فيه خريف العام نفسه، ثم انهارت المئذنة البديعة في 24 نيسان/أبريل 2013 إثر استهدافها بقذائف الدبابات من قبل جيش النظام.
وللحفاظ على نفائس المسجد التاريخي، تم إنقاذ المنبر وإخفاؤه في مكان آمن لدى إحدى فصائل المعارضة في سوريا, كما تم بناء حائط إسمنتي حول الساعة وقبر زكريا، وتتم بجهود عالية من قبل المختصين وبمساعدة فصائل الثوار محاولات الحفاظ على أحجار المئذنة وبقايا الأحجار الأخرى من خراب المسجد لاستخدامها لاحقاً في الترميم.
والجامع الأموي بحلب هو توأم الجامع الأموي الكبير بدمشق، ويسمى أيضاً جامع زكريا، وهو أكبر جوامع حلب، بناه الوليد بن عبد الملك عام 715م وأكمله أخوه الخليفة سليمان بن عبد الملك، وكان قبلاً حديقة لكاتدرائية القديسة هيلانة حالياً. والكاتدرائية بدورها شُيّدت فوق الساحة الرئيسية (آغورا) من العهد اليوناني-الروماني، واستعملت مواداً من كنيسة قورش الشهيرة. ولكن العباسيين نقلوا أهم زخارفه إلى جامع الأنبار في العراق عند تخريبهم آثار الأمويين.
لم يكن بشار الأسد أول من أحرق الجامع الكبير أو خرّبه، بل واحداً في سلسلة الغزاة البربريين، فقد تعرض الجامع للحرق والتخريب أكثر من مرة على أيدي الغزاة، كان أولها عندما أحرق نيكفور فوكاس البيزنطي الجامع عام 351هـ/1262م حينما أحرق حلب، ولكنه رُممّ وجُدّد بين عامي 1090-1092 في عهد "تتش" أول سلطان سلجوقي، كما بنى له مئذنة، ثم احترق عام 564هـ/1196م فجدده نور الدين زنكي بشكل مبسّط وترك المئذنة على حالها.
مساحة الجامع تماثل مساحة الجامع الأموي في دمشق، ولكن بعد سلسلة الحرائق والترميمات التي خضع لها لم يبقَ الكثير من فخامته السابقة.
تقع المئذنة السلجوقية، وهي من القرن 11، في الجهة الشمالية، ارتفاعها 54متراً، وهي مربعة الشكل، وتُعتبر خير مثال لهندسة العصور الوسطى السورية، وأول الأبنية ذات الهندسة الإسلامية التي تطورت في العهدين الأيوبي والمملوكي في القرنين التاليين.
جُددت المئذنة الحالية، التي دمرتها قوات الأسد، أيام السلطان السلجوقي ملكشاه بن ألب أرسلان عام 482هـ/1089م، وتُؤرخ هذا البناء كتابة موزعة على أحزمة طوابق المئذنة، كما تذكر الكتابة اسم المعماري، والقسم العلوي من المئذنة رممه السلطان "تتش" الذي خلف أخاه ملكشاه بن ألب أرسلان سنة 487هـ/1094م.
السوق المسقوف "سوق المدينة"
درة حلب التجارية والاقتصادية، ومقصد السياح الداخليين والغرباء، يعود تاريخه إلى العصر البيزنطي, ويبلغ طوله مع أزقته الضيقة حوالي 15 كيلومتراً, استهدفته قوات النظام وبشكل عنيف جداً بمئات البراميل والغارات الجوية وقذائف المدفعية، إلى أن هدّمت أجزاء واسعة من سقفه، ودخلت القذائف إلى السوق لخشبي القديم لتشتعل الحرائق فيه وتلتهمه النيران عام 2013م، حيث قدر المختصون نسبة دماره بـ 60% من مساحته.
وبذلك تكون حلب والبشرية جمعاء قد خسرت أكبر سوق مسقوف في العالم، وأحد أبرز أسواقها الموغلة في القدم، بعد أن التهمت نيران الحرب أكثر من 1500 من 5 آلاف محل ومعها الكثير من الذكريات، فهذه السوق كانت مقصداً لشاعر العرب، أبو الطيب المتنبي، الذي اعتاد شراء ما يحتاج منها لحياته اليومية حين كان يقيم في المدينة قبل ألف و100 عام.
عن هذا التاريخ العريق لسوق المدينة الأثري يقول الباحث والمؤرخ السوري محمد قجة إن تاريخ تأسيس سوق المدينة كما يسميه الحلبيون يعود إلى العام 312 قبل الميلاد، وأسسه سلوقس نيكاتور، وهو أحد قادة الإسكندر المقدوني الذي احتل سوريا وهو في طريقه إلى عراق ذلك الزمان وبلاد فارس حتى وأقسام من الهند. كما تمثل السوق المحور الأساسي الممتد بطول 1200 متر من قلعة حلب إلى باب أنطاكيا، إضافة إلى 38 سوقاً أخرى تتفرع عنه، وطولها معه يزيد على 14 كيلومتراً، ومحلاته تبيع كل ما يخطر على البال. كما أشار قجة إلى أنه في السوق، الذي أكدت تنسيقيات الثورة السورية بأن جيش النظام تعمد إحراقه، يوجد أقدم حمامات الفترة الزنكية، هو حمام نور الدين الزنكي وما زال يعمل للآن منذ تأسيسه قبل 900 عام، إضافة إلى أن السوق لا يبعد أكثر من 500 متر عن بيت عاش فيه المتنبي. وما زال البيت قائماً إلى الآن، وتحتله مدرسة حالياً، لكن قرارا صدر بتحويله إلى متحف باسم الشاعر العباسي الكبير، وأكد قجة بأن الخسائر المادية من الحريق هي بملايين الدولارات، أما الخسائر الأثرية التاريخية فلا تقدر بثمن عن السوق الذي يقفل أبوابه عند الغروب والموصوف بأحد أكبر الأسواق في الشرق الأوسط، لكنه أقدم وأكبر سوق مسقوف في العالم وفقا لقجة. ولضيق الطرق داخل السوق، يقول المؤرخ، حال دون مكافحة النيران بسرعة، إذ لم تستطع سيارات الإطفاء دخوله بسهولة لمكافحة النار التي اندلعت بمئات المتاجر فيه وهددت بتدميره كموقع تاريخي عالمي مسجل لدى اليونيسكو. فيما تقول الرواية المنتشرة عن الحريق أنه بدأ في الثالثة فجراً بقيام مجموعة من قناصة النظام باستهداف السوق عبر استخدام الرصاص الحارق، فشبت النار في أحد المحلات، وسرعان ما هرعت عناصر من لواء التوحيد لإخمادها منذ البداية، فقام قناصة النظام باستهدافهم، لذلك امتدت ألسنة النار إلى باقي الخانات والأسواق بسرعة.
قلعة سمعان
تقع في قرية تسمى دير سمعان، وهي قرية تابعة لمدينة دارة عزة وتبعد عن مركز مدينة حلب 30 كم, وتعود لعام 490 ميلادي. وقد حررها صلاح الدين الأيوبي من الصليبيين وجعلها قلعة عسكرية حصينة, حيث كانت تعتبر من أهم الإنجازات الحضارية في عهد الإمبراطورية الرومانية, كما وتعد حتى تاريخنا من الأماكن الأثرية المسيحية المهمة في سوريا، ومقصداً للسياح المسيحيين من كل أصقاع الأرض.
وفي شهر أيار/مايو الجاري، استهدفت قوات النظام والقوات الروسية، القلعة بأكثر من 25 غارة من الطائرات الحربية ومئات القذائف المدفعية مدمرة أجزاء واسعة من القلعة.
وقال عالم الآثار السوري مصطفى أبو رضوان: إن الطائرات الروسية وقوات النظام السوري تدمر الآثار التاريخية في مدينة حلب السورية مؤخراً وبشكل ممنهج.
وأوضح أن أجزاء رئيسة من الدير التاريخي تعرضت لخسائر كبيرة بسبب القصف الروسي، فسقط عدد من الأسوار، حتى عمود دير سمعان الشهير دُمّرَ تماماً.
وأشار إلى أن روسيا بالأمس دمرت مدينة تدمر، ثم نظمت حفلاً موسيقياً على مسرح المدينة الأثري، وها هي اليوم تدمر الأماكن الأثرية في حلب.
ولفت الأثري إلى أن روسيا والنظام يتخذان من التاريخ والحضارة عدواً لهما، ويقتلان البشر، ويبيدان الأشجار والنباتات، والآن يدمران التاريخ بشكل ممنهج.
وتعد قلعة سمعان أقدم كنيسة بيزنطية قائمة حتى اليوم، حيث شيدت في القرن الخامس الميلادي، وفي عام 2011م أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وما يجاورها من قرى، ضمن القرى التاريخية في شمالي سورية.
وهذه المنطقة الأثرية تضم دير سمعان، وكنيسة سمعان، وتعد من أروع الكنائس المسيحية، وعلى مر التاريخ كان دير سمعان بمنشآته ومبانيه يجذب الآلاف من السياح من مختلف أنحاء العالم.
أماكن أخرى دمرها نظام الأسد
كما تعرضت أماكن أثرية أخرى للتدمير على يد الأسد وآلته العسكرية، منها:
مبنى الهجرة والجوازات والذي يعود تاريخه إلى نهاية القرن الـ 19، وقد تعرض المبنى إلى قصف عنيف من قبل قوات النظام بحجة وجود الثوار فيه، ما أدى إلى دمار أجزاء واسعة منه.
المساجد والجوامع القديمة: فقد وثق مختصون بالآثار دمار 35 مئذنة أثرية في مدينة حلب، منها مئذنة جامع المهمندار والتي تعود للقرن 13.
بيوت الجلوم وقرقلق وباب الحديد الأثرية: وقد تم تدمير ما يقارب 50 % منها، وقد بلغ عددها حسب مختصين بالتوثيق 6 آلاف منزل، تم تدمير 3 آلاف منزل منها.
دار الفتوى الأثرية في حلب القديمة: تعرضت للقصف عدة مرات من قبل قوات النظام، ما أدى لتدمير أجزاء واسعة منها.
متحف حلب الوطني: ويعد من أكبر وأهم المتاحف في سوريا، تم إنشاؤه عام 1931 في مدينة حلب، ويضم كنوزاً وآثاراً بالغة الأهمية، قام النظام وبحجة الحفاظ على ممتلكاته بنقل الآثار والكنوز من المتحف إلى أماكن مجهولة، وتحويله إلى مقر عسكري تحيط به عدد من الآليات والجنود، ويحوي مستودعات ذخيرة، في محاولة منه لاستجرار الثوار لقصفه وإلصاق تهمة تدمير المناطق الأثرية بالثوار أمام الرأي العام.
منطقة قنسرين وبابها في حلب القديمة: حيث استهدفتها قوات النظام عدة مرات وخاصة الساحة أمام الباب وسقف منطقة قنسرين, ما أدى لدمار واسع في السقف, وتعد من أشهر مدن الشمال السوري حتى الفتح الإسلامي على يد أبو عبيدة بن الجراح عام 17 للهجرة.
سرقة الآثار
الحاج علي أبو الجود المختص بتوثيق الآثار المدمرة في مدينة حلب قال إن معلومات موثقة لديه تفيد بأن قوات النظام والميليشيات المساندة له، العراقية على وجه الخصوص، قامت بسرقة الكثير من الآثار من مدينة حلب في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة النظام، مؤكداً أنه يتم بيعها في العراق ولبنان ودول عربية وغربية أخرى.
كما أن لتنظيم "الدولة" دور كبير في هدم الآثار وبيع أجزاء منها، عندما كان يسيطر على بعض المناطق التابعة للمعارضة.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافية (يونسكو) قد أعلنت أن عمليات التنقيب عن الآثار والتي وصفتها بالخطرة والمدمرة للغاية للتراث الثقافي السوري، تجري في أنحاء متفرقة من سوريا في مواقع أثرية مهمة, وأن بعض المواقع نهبت أو دمرت بشكل نهائي.
كما أكد مدير متحف ألدونبورغ، والمسؤول في هيئة المتاحف الألمانية البروفيسور السوري مأمون فنصة، أن 80% من سوق المدينة الأثرية، و40% من البيوت القديمة في حلب قد انهارت، وأن ترميمها يحتاج إلى سنوات تمتد من 10 إلى 20 عاما، وتصل كلفة إعادة بناء حلب القديمة وحدها إلى 50 مليار دولار، بينما تصل كلفة إعادة إعمار البيوت إلى 100 مليار دولار. وشدد على أن حلب تعاني إلى جانب تدمير الآثار تهريب الأخيرة إلى خارج سورية والمتاجرة بها من قبل المافيات.
ولا يبدو هذا مستغرباً في بلد سيطرت عليه عائلة وجعلته نهباً لها بأهله وثرواته ما ظهر منها وما كان مدفونا، ويعرف السوريون تماماً أن شقيق الأسد الأب، رفعت الأسد، كان إمبراطور تجارة الآثار السورية، ليرثها من بعد نفيه، عدنان الأسد ومحمد مخلوف وباقي أفراد الأسرة "الجملوكية".